زيارة عاشورآء القدسية


الأربعاء، 15 يونيو 2011

هل الأئمة صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين يحضرون مجالس العزاء ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هل الأئمة يحضرون مجالس العزاء ؟
سؤال طـُـرح علي و قد رأيت أن العديد من إخوتي تدور في أذهانهم مثل هذه التساؤلات و إرتئيت أن أجيب عليه بصورة مقتضبة دون تفصيل , و إني هنا لست في صدد مناقشة إمكانية الحضور فهذا أمر مفروغ منه لكل من عنده أُنس بكلام أهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم أجمعين , الذي أنا بصدده هو عرض ما وقفت عليه من الروايات و كلام العلماء من جملتهم أحد أكبر مراجعنا الذي يُعد بحق أستاذ المراجع آية الله العظمى الميرزا النائيني قدس سره الشريف , و كذلك رأيت أن هناك رواية وردت في كتاب كامل الزيارات الشريف , أحد أوثق كتبنا الروائية , ورد فيه حديث فيه دلالات صريحة في هذا المضمون و لكني لم أجد أحد من العلماء الذين وقفت على أقوالهم من أشار إليها للتدليل على هذا الأمر , عموما كما قلت لست بصدد المناقشة بقدر ما أنا بصدد عرض ما وقفت عليه من الروايات و الأقوال في شأن هذا التساؤل , و أود القول بأن هذه المسألة مسألة إيمانية , ليس حتاما عليك الإعتقاد بها فعدم الإعتقاد بها لا يُدخلك النار , و لكن جحدك لها دون علم كونك لا تتقبلها أو أنك " تظن " بأن الأدلة غير كافية إثم عظيم , فحتى لو إفترضنا عدم وجود أي دليل نقلي , فإمكانية الحضور تكون و تبقى قآئمة , فكيف بوجود مثل هذه الأدلة مما سنعرضه عليك
و سأبدأ معك بالرواية التي وردت في كتاب كامل الزيارات الشريف :

حدَّثني حكيم بن داود ، عن سَلَمَة بن الخطّاب ، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء ـ عمّن ذكره ـ عن داودَ بن كثير ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إنَّ فاطمة عليها السلام بنت محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم تحضر لزوَّار قبر ابنها الحسين عليه السلام فتستغفر لهم ذنوبهم» . كامل الزيارات الشريف باب الأربعون حديث رقم 4.



و كنت وجدت عن طريق أخي العزيز شآبيب الروح بتوجيه من سماحة السيد إمام الجزائري حفظه الله تعالى هذه الرواية في كتاب ثمرات الأعواد , و للأسف لم أقف لحد الآن على المصدر الأصلي لها, و على أية حال هذه هي الرواية كما وجدتها :
وروى : أن فضيل ( 1 ) صنع مآتما للحسين عليه السلام , ولم يخبر به إمامنا الصادق عليه السلام , فلما كان اليوم الثاني أقبل إلى الإمام روحي فداه , فقال له : يا فضيل اين كنت البارحة ؟ قال : سيدي شغل عاقني , فقال : يا فضيل لا تخفي علي , أما صنعت مأتما وأقمت بدارك عزاء في مصاب جدي الحسين عليه السلام ؟ فقال : بلى سيدي , فقال عليه السلام : وأنا كنت حاضرا , قال : سيدي إذا ما رأيتك ؟! أين كنت جالس ؟ فقال عليه السلام : لما أردت الخروج من البيت أما عثرت بثوب أبيض ؟ قال : بلى سيدي , قال عليه السلام : انا كنت جالسا هناك , فقال له : سيدي لم جلست بباب البيت ولم تصدرت في المجلس ؟ فقال الصادق عليه السلام :كانت جدتي فاطمة بصدر المجلس جالسة , لذا ماتصدرت إجلالا لها . ففاطمة عليه السلام تحضر في كل عزاء يعقد لولدها الحسين عليه السلام , كما حضرت مصرعه فرأته يوم عاشوراء بعد الظهر بساعة .


تريب المحيا تظن السما بأن على الأرض كيوانها


( 1 ) هو أحد أجل الأصحاب : فضيل بن يسار رحمه الله

المصدر : مصدر الرواية كتاب ( ثمرات الأعواد ) للسيد علي الهاشمي تقريباً ص 30 أو 31

رابط الكتاب

و شبيه بهذه الرواية و لكن بدل فضيل بن يسار , كان هشام بن الحكم رضوان الله عليهما :

جاء في كثير من المجاميع, مرسلاً عن هشام بن الحكم (رضوان الله عليه), وكان من خواصّ الصادق (عليه السلام), قال: لقيني رجل من أصحابنا فسلّم عليَّ فرددت عليه السلام, فقال لي: يا هشام, إنَّ لي معك حاجة, فقلت: ماهي يا أخي؟
فقال: على ما تقرُّ به عيناك, قلت: ماهي؟
قال: على سماع مرثية الحسين عليه السلام.
قال: فقلت له: إنّك لتعلم أنّي من خواصّ أصحاب الصادق (عليه السلام), وأخاف أن تبدو له عندي حاجة فيطلبني, فقال لي: استأذنه في ذلك.
فقلت له: إنّي أخشى عليه إذا أخبرته يتنغص عليه أكله وشربه.
قال هشام: فلم يزل معي حتى أجبته إلى ذلك, فلمّا كان الليل انصرفنا إلى المنزل الذي يقام فيه العزاء, فوضعت المائدة بين أيدينا فأكلنا حسب كفايتنا, فلمّا فرغنا من الأكل قام الراثي يرثي الحسين عليه السلام:

أيا غريباً في عراص كربلا * قومُك في تلك العراصِ أغربُ
ويا قتيلاً في طلابِ حقه * لقتلُ شمرٍ لك ظلماً أعجبُ

فبكينا تلك الليلة بكاءاً شديداً, حتى خِلنا أنّ السماء والأرض, والجنَّ والإنس والحيطان تجاوبنا بالنياحة, قال: فانصرفنا من ذلك المجلس إلى منازلنا, فأتيت إلى منزلي ونمت, فلمّا أصبحت دخلت على الصادق (عليه السلام) فسلّمت عليه فردّ عليَّ السلام, ثم قال لي: "يا هشام, أين كنت البارحة؟", فلزمت السكوت.
فقال: مالي أُكلمك وأنت ساكت؟", قال هشام: فخنقتني العبرة وزفرت زفرة, كادت روحي أن تخرج معها. قال: فقلت له: يا مولاي, إني كنت في شغل عظيم, فقال لي: "وما هو؟", فقلت: في تعزية جدِّك الحسين عليه السلام, فلمّا سمع الإمام الصادق نادى: "وا جدّاه واحسيناه, واعريباه وامظلوماه واقتيلاه".

قال: ثم قال لي: "يا هشام, لقد هيّجت أحزاني وأجريت مدامعي على خدي", ثم قال: "يا هشام, لمّا قمت من مجلسك ما الذي عثرت به"؟
قلت: عثرت عند خروجي بشيء أظنه ثوباً, فقال: "يا هشام, ذلك الثوب ثوبي".
فقلت: يا مولاي, ما بالك جلست في طرف المجلس؟
فقال: "إحتراما لجدّي محمد (صلى الله عليه وآله) وجدّي أمير المؤمنين (عليه السلام) وجدّتي فاطمة الزهراء وعمّي الحسن المجتبى (عليهم السلام), فإنهم جلوس معنا في ذلك المجلس, أمّا النبي فحاسر العمامة عن رأسه, وكذلك علي والحسن (عليهم السلام), وأمّا فاطمة (عليها السلام) فعلى كتفها الأيمن قميص أخضر, وعلى الأيسر قميص أحمر, وهي تنادي: واولداه, واثمرة فؤاداه, واقرّة عيناه, وامظلوماه, واقتيلاه, واغريباه, واشهيداه".



و هذا كله بغض النظر عن الروايات الكثيرة الواردة بشأن حضور الأئمة عليهم السلام عند المحتضر , فهذا بحد ذاته يدل على إمكانية الحضور دون التطرق إلى الأدلة العقلية । فلا أعرف لما التشكيك . لإإن كان أهل البيت عليهم السلام يحضرون عند المحتضر منافق كان أو مؤمن , أليس من باب أولى أن تكون الإمكانية في الحضور في مجالس سيد الشهدآء صلوات الله و سلامه عليه ؟ مضافا إلى أن من المعصومين عليهم السلام إمامنا الحجة بن الحسن العسكري عجل الله فرجه الشريف , فهل لا يحضر صلوات الله و سلامه عليه مجالس العزاء على جده سيد الشهدآء صلوات الله و سلامه عليه ؟؟؟؟

و فيما يلي سأعرض أقول لثلاثة من علمائنا الكرام و أختم المقال بعرض شيئ عن موضوع متشابه يتعلق بحضور الأئمة عليهم السلام عند المحتضر , عسى أن يكون هذا الجهد البسيط نافعا .
1. من أجوبة الميرزا النائيني- رحمه الله - :هل الأئمة يحضرون مجالس العزاء ؟


بسم الله الرحمن الرحيم



من إجابات سماحة آية الله العظمى الشيخ الميرزا محمد حسين النائيني قدس الله روحه الطاهره ، المتوفى سنة 1355 هـ .
من كتاب الفتاوى الصادرة عن الفقيه الأعظم إمام المحققين المجدد الميرزا محمد حسين الغروي النائيني / تنظيم وتعليق حفيده الشيخ جعفر الغروي النائيني / الجزء 3 / ط الأولى 1429 هـ / الناشر دار الهدى – قم المقدسة .

سؤال رقم 2021

س : الأئمة عليهم السلام هل يحضرون مجالس العزاء ؟ وهل يعلمون بمن نصب لهم العزاء أم لا ؟

ج : اعتقادنا معاشر الشيعة الإمامية الاثنا عشرية أن أئمتنا المعصومين – صلوات الله عليهم – بعد مماتهم الجسماني أحياء عند ربهم ، وقد ورد في الدعاء المأثور في إذن الدخول الجامع لجميع المشاهد المشرفة ما محصله : أنهم عليهم السلام يسمعون كلام من يستأذن منهم في الدخول على مشاهدهم ، وورد أيضا في زيارة الحسين عليه السلام هذه العبارة : أشهد أنك تشهد مقامي وتسمع كلامي ، وقد ورد في الرواية أنه عليه السلام ليرى الباكين عليه ويستغفر لزواره .

وبالجملة فإني ما كنت أحتمل أن أحدا من الفرقة الناجية الاثنا عشرية – ثبتها الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة – يشك في ذلك أو يجهله أو لا يكون عارفا بهذا اليسير من مقام الإمامة مع ظهور أنه من ضروريات مذهب الشيعة وتواترت به الأخبار تواترا قطعيا ، وأسأل الله تعالى أن يوفق إخواني ويعرفهم قدر نعمته التي خصهم بها وهي الإيمان بالولاية والإمامة – إن شاء الله تعالى – ويثبتهم عليها وينور قلوبهم بنوره ، وقد ورد أن نور الإمام في قلوب شيعته أنور من الشمس المضيئة ، نور الله قلوبنا بذلك بمنه وفضله – إن شاء الله تعالى - .

كتاب الفتاوى ، الجزء الثالث ، ص 556 و557 .


المصدر : http://www.ansarweb.net/artman2/publ...ticle_3307.php

الشيخ أحمد الماحوزي حفظه الله تعالى
بسم الله الرحم الرحيم
قد ذكرنا في كتابنا ( دروس من شرح الزيارة الجامعة - خزان علم الله ) ما له ارتباط في حضور المعصومين عليهم السلام مجالس الحسين عليه السلام ، بعد ان فصلنا القول في اقسام العلم ومراتبه والقرائن الكثيرة الدالة على المراتب التي اودعها الله سبحانه وتعالى في ذوات المعصومين عليهم السلام ، من هذه القرائن .
القرينة الثانية : الشهداء على الخلق
ما تواترت به الروايات من كونهم ـ عليهم أفضل الصلاة والسلام ـ الشهداء يوم القيامة على أعمال العباد ، والشهادة فرع الحضور ، فشهادتهم كشهادة أعضاء الانسان يوم القيامة : (حتى إذا ماجاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم ، وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا انطقنا الله الذي أنطق كل شيء ) .
وبما أن الاعضاء واسطة لتحقق جميع ما يقوم به الانسان ، كذلك هم ـ عليهم السلام ـ الواسطة في الفيض لكل وجود وصفة وفعل في عالم الامكان وفق « قاعدة الامر بين الامرين »(1) .
ويؤيد ، بل يدل على ذلك أن هذه الشهادة على نسق شهادة الله ـ تعالى ـ على مخلوقاته وهي شهادة قيّومية إحاطية اشرافية كما هو ظاهر قوله تعالى ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )(2) وقوله ( وكذلك جعلناكم وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول شهيداً عليكم )(3).
كما أن هذه الشهادة ليست مقصورة على أفعال الجوارح بل تشمل أيضا الشهادة على أفعال الجوانح ، وهذا يتطلب الاحاطة التامة والاشراف الكامل على المشهود عليه ، إذ العمل الظاهري الجوارحي منصبغ بصبغة الباطن وفعل النفس، فربما يوجد عمل نراه قبيحاً هو عند الله حسن ، وربما صلاة وصيام وقيام بالليل وتصدق على المساكين نحسبها إخلاصاً لله ـ تعالى ـ وهي رياء ونفاق ، فمن له هذا المنصب لابد من أحاطته التامة بافعال الجوارح والجوانح ، وإلا لايمكنه الادلاء بالشهادة على وجهها الاتم .
نتبرك بذكر مجموعة من تلكم الروايات :
1 / صحيحة أحمد بن عمر الحلال عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : سئل عن قول الله ـ عز وجل ـ ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) قال : « إن أعمال العباد تعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل صباح ، أبرارها وفجارها ، فاحذروا ! »(1). 2 / مصححة أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : « إن أبا الخطاب كان يقول : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تعرض عليه أعمال امته كل خميس ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : ليس هكذا ، ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله)تعرض عليه أعمال هذه الامة كل صباح ، أبرارها وفجارها ، فاحذروا ! وهو قول الله ـ عز وجل ـ : (وقل اعملوا فسيرى الله ورسوله والمؤمنون ) ، وسكت ، قال أبو بصير : إنما عنى الائمة ـ عليهم السلام ـ »(2) . 3 / صحيحة الميثمي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )قال : « هم الائمة ، تعرض عليهم أعمال العباد كل يوم الى يوم القيامة »(3) .

4 / صحيحة محمد بن مروان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سمعته يقول : « اذا اراد الله أن يخلق الامام انزل ... فإذا وقع على الارض ، رُفع له منار من نور يرى أعمال العباد »(1) ; وفي رواية اخرى عنه : « رفع له عمود من نور يرى به مابين المشرق والمغرب »(2) .


والاحاديث في ذلك كثيرة جداً ، وبعض الاحاديث ذكرت أن العرض يكون يومي الاثنين والخميس ، وهي لا تنافي الروايات التي تقول أن العرض في كل يوم ، بل لحظة بلحظة وساعة بساعة ، إذ ذلك بيان لبعض مراتب العرض ، والآيات ظاهرة في أن رؤيتهم لأعمال الخلق على نسق رؤية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله ، وهي رؤية إحاطية بما يفعله العباد ، ولو كان هناك ثمَّ واسطة بين الرسول والائمة ـ عليهم السلام ـ وبين أعمال العباد ، لكانت هذه الواسطة هي الشاهد يوم القيامة لا هم ـ عليهم السلام ـ ، والعمود المذكور في جملة من الروايات ليس بشيء خارج عن ذواتهم ـ عليهم السلام ـ وستأتي الاشارة إليه ، فانتظر !
5 / موثقة إسحاق بن عمار قال : قال ابو عبدالله (عليه السلام) : « الامام يسمع الصوت في بطن امه .... فإذا ترعرع ; نصب له عموداً من نور من السماء الى الارض يرى به أعمال العباد »(3) . 6 / صحيحة أبي حمزة قال : قال ابو جعفر (عليه السلام) : « ان الامام منا ليسمع الكلام وهو في بطن أمه ... حتى إذا شبّ رفع الله له عموداً من نور يرى فيه الدنيا وما فيها ، لايستر عنه منها شيء »(4) .



بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة آية الله المحقق الشيخ محمد جميل حمود العاملي عامله الله بلطفه الخفي بمحمد وآله
أسعد الله أيامكم وأدام ظلكم بمناسبة مواليد الأقمار الثلاثة،.
أسأل الله لكم السلامة وطول العمر في ظل رعاية مولانا صاحب العصر أرواحنا لتراب مقدمه الفداء
نستميحكم العذر على توجيه بعض الأسئلة لمقامكم العالي، فتفضلوا علينا، إن الله يجزي المحسنين
السؤال الأول: هل يمكن أن تحضر الزهراء صلوات الله عليها مجالس ولدها أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وكيف يمكن ذلك؟
وإذا كانت تحضر روحي فداها فهل هناك روايات تدل على ذلك، حسبما أفاده السيد الخوئي أعلى الله مقامه في أحد استفتاءاته، بأن هناك روايات دلّت على ذلك، فهل يمكن أن تذكروا بعضاً منها؟


بسمه تعالى

والجواب:
إنَّ سيِّدةَ نساء العالمين الصدِّيقةَ الكبرى الزهراء البتول(صلوات ربي عليها) مخلوقة من نور عظمةِ الله تبارك وتعالى ولها ولايةٌ تكوينيَّة كبرى على جميع العوالم المادية والملكوتيَّة ،ولها من الطاعة على عامة خلقه ما لا يمكننا وصفه لعدم وجود قابلياتٍ تتحمَّل بعضَ علومِ وأسرارِ تلك الطاهرة الزكيَّة والجوهرة الإلهيَّة والعنصر المحمدي والشبيه العلوي،فهي روحي لتراب أقدامها الفداء فوق ما نتصوَّر،ومهما أفضنا في بيان فضائلها ومعاجزها وحقيقتها النورانيَّة فإننا مقصِّرون وعن إدراك ماهيتها عاجزون،إذ كيف يحيط المحدود بالكلي،والعاجز الداني بالنوراني العالي الذي لم يؤمر بالسجود للملائكة؟! فمولاتي الزهراء البتول (روحي فداها)حجة الله تعالى على عامة خلقه من الملائكة والأنبياء والمرسلين والأوصياء والصدِّيقين والجن والإنس وما يُرى وما لا يُرى من خلقه بمقتضى إنَّما وليُّكم الله ورسوله والذين]ولايتها الكبرى المدلول عليها بقوله تعالى فالآية وإن نزلت في أمير المؤمنين[آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة .. عليّ عليه السلام إلاَّ أنَّها تشمل الصدِّيقة الكبرى وأولادها المطهرين عليهم السلام لكونهم من نورٍ واحدٍ ،فما ثبت لأمير المؤمنين فهو ثابت لها إلاَّ ما أخرجه الدليل،ويشهد لما نقول ما ورد بالمستفيض بألفاظ متعددة عن الله تعالى قال لنبيِّه الأكرم صلَّى الله عليه وآله " لو لم أخلق عليَّاً لما كان لفاطمة إبنتك كفوٌ على وجه الأرضنآدم فمن دونه" ويؤيد هذا ما ورد في آية المباهلة الدالة على أنَّها نفس النبي والوليّ عليهم السلام،كما أنَّها الصدِّيقة الكبرى التي دارت على معرفتها القرون الأولى حسبما جاء في الأخبار الكثيرة بل ما تكاملت نبوة نبيٍّ إلاَّ بمعرفتها والإعتقاد بولايتها.
والحاصل:
إنَّ مقتضى الولاية الكبرى لتلك الجوهرة النفيسة هو الإعتقاد بحضورها وهيمنها على العوالم الملكيَّة والملكوتيَّة بما دل عليه قولُه قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب]تعالى وحيث أنَّها(روحي فِداها) مخلوقة من نور عظمة[والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون وجلال الله تعالى فلا بدَّ من القول بإستشرافها لكلِّ العوالم رؤيةً حضورية تامة وليس على نحو المجاز والإستعارة،فحضورها نظير حضور ملَك الموت على آلاف المحتضرين في ساعةٍ واحدة،وهكذا حضور أمير المؤمنين والسيِّدة الطاهرة وأهل بيتهما الطاهرين عليهم السلام على شيعتهم المحتضرين في لحظةٍ واحدة، وهذا الحضور سبَّبَ إشكالاً عند بعض ضعاف النفوس من العلماء فرفضوه من أساسه،ولكنَّه ليس بهذا المستوى من الصعوبة،فقد حلَّ الإشكال العلاَّمة المجلسي رحمه الله تعالى في البحار فقال بما معناه:أنَّ حضورهم عليهم السلام في لحظةٍ واحدة على آلاف المحتضرين ممكنٌ لأنَّه يحصلُ بأبدانهم المثالية أو الصور النورانيَّة المشابهة لصورهم الحقيقيَّة،أو كالقمر أو الشمس يشرقان على عامة الخلق ،وكلُّهم يصدق عليه أنَّه رأى الشمس والقمر حقيقةً...إلخ.
أقول:
ما أفاده رحمه الله تعالى موافقٌ للإعتبار والأدلة ،ولكنني أُضيف إليه:بأنَّ حضورهم بصورهم قياساً على حضور الشمس على عامة الخلق قياسٌ مع الفارق من حيث إنَّ حضور الشمس على الأفراد إنَّما هو حضور بالشعاع وهو غير الشمس بل هو صورة مصغرة عن نفس الشمس التي هي نارٌ متوقدة لا يمكن حضورها بنفسها على الخلق وإلاَّ احترقوا بلحظةٍ واحدة،فشعاع الشمس يختلف عن جوهر الشمس،وصورهم المثاليَّة عليهم السلام تختلف عن أعيانهم وحقائقهم،فربما يحضرون بأعيانهم على مئات الأشخاص بلحظةٍ واحدة من دون أن تحضر صورهم،ولا يكون هذا الحضور إلاَّ على الكاملين من شيعتهم،وأمَّا غيرهم من ضعاف النفوس وبقية الخلق فإنَّ حضورهم ساعتئذٍ يكون بصورهم لا بحقائقهم،ونستدل على حضورهم بأعيانهم على الكاملين من شيعتهم بما جاء في الأخبار الشريفة الدالة بحضورهم على المحتضرين من شيعتهم من دون ذكر قيدٍ في هذه الأخبار ،فلم تدل هذه الأخبار على حضورهم بصورهم بل قالت أنَّهم يحضرون،وإذا أُطلقَ اللفظ لا بدَّ من حمله على حقيقته،أي يحضرون بأعيانهم تماماً كما تحضر الملائكة على المحتضرين ،فلكلِّ محتضرٍ ملَكٌ خاصٌ به وهم ما توفاهم] [حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا..]تسميهم بعض الآيات بالرسل ..ولو فرضنا ــــ وهو غير بعيدٍ ــــ أنَّ الملاك عزرائيل يقوم بنفسه من[الملائكة دون إستعانة بملائكة آخرين مثله على قبض الأرواح فإنَّ ذلك يعني أن لديه من الولاية التكوينيَّة بحيث يكون آلاف المحتضرين واقعين تحت إرادته وهيمنته حقيقةً وهذا ما أكدته بعض الأخبار من أنَّ الدنيا جثعلت بين يدي ملك الموت مثل جامٍ يأخذ منها ما شاء من غير عناءٍ...وهكذا بالنسبة إلى أهل البيت عليهم السلام فإن الدنيا عندهم بمنزلة الجوزة بيد أحدكم حسبما جاء في بصائر الدرجات عن بعض الطاهرين منهم عليهم السلام، وبالتالي فإنَّ حضورهم حقيقةٌ واقعيَّة لا ريب فيها إلاَّ عند ضعاف العقول والنفوس والإيمان.
فالسيِّدة المطهَّرة عليها السلام لا يخلو حضورها من أمرين: فإمَّا أن تحضر بصورتها النورانيَّة المثاليَّة،وإمَّا أن تحضر بجوهرها وعنصرها الحقيقي،وكلاهما جائزان ولا يعارضان الأدلة عندنا وبحسب تحقيقنا للمسألة،فيمكن لسيِّدة الطهر (فديتها بنفسي) أن تحضر في أمكنة متعددة في وقتٍ واحدٍ بحسب ما أشرنا إليه آنفاً ولا مانع ـــــ عقلاً ونقلاً ــــ منه ،فإنَّ صورتها النورانيّة الإلهيَّة لا يمكن أن يحيط بها الزمن بل هي محيطة به بإذن الله تعالى وهذا ما عبَّرت عنه الآيات والأخبار بالولاية التكوينيَّة، بل نزيدك بأنَّ صورتها النورانيَّة خارجة عن الزمان والمكان،فهي فوقهما،فليست جسماً عنصرياً ليحتاج إلى الزمان والمكان، فهي مخلوقة من نور الله تعالى ومن كان كذلك فكيف يحيط به الزمان والمكان؟؟!
هذا كلُّه من الناحية الإجماليَّة لإثبات حضورها القدسي في مجالس إبنها الشهيد السعيد الإمام الحسين (فديته بنفسي) ومن الناحية التفصيليَّة فلم أعثر على أخبارٍ خاصةٍ بشأن حضور النبيِّ وآلِه الطاهرين عليهم السلام في مجالس العزاء على سيِّدنا ومولانا الإمام المعظَّم أبي عبد الله الحسين (صلوات ربي عليه) ــــــ كما ادَّعى السيِّد الخوئي رحمه الله تعالى ــــــ لكنَّ النصوصَ العامة من القرآن والسنَّة الدالة على ولايتهم المطلقة على الكون بإذن ربِّهم المتعال وحضورهم التام كافيةٌ في إثبات المطلوب،ولعلَّ السيِّد الخوئي يشير إلى ذلك أو إلى بعضِ الأخبار الدالة على رؤية مولاتُنا المطهَّرة عليها السلام لزوار ولدها فتدعوا لهم ،من هذه الأخبار رواية عبد الملك بن مقرن عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام الواردة في كامل الزيارات/الباب السابع والعشرين/الرواية رقم 239 وهي طويلة موضع الشاهد هو قول مولانا الإمام الصادق عليه السلام:"...ولو يعلموا ما في زيارته من الخير ويعلم ذلك الناس لاقتتلوا على زيارته بالسيوف ولباعوا أموالهم في إتيانه وأنَّ فاطمة عليها السلام إذا نظرت إليهم ومعها ألف نبيّ وألف صدّيقٍ وألف شهيد ومن الكروبيين ألف ألف يسعدونها على البكاء وإنَّها لتشهق شهقة فلا يبقى في السماوات ملك إلاَّ بكى رحمةً لصوتها وما تسكن حتى يأتيها النبيُّ صلّى الله عليه وآله فيقول:"يا بنيَّة قد أبكيت أهل السماوات وشغلتهم عن التسبيح والتقديس ...وإنَّها لتنظر إلى من حضر منكم فتسأل الله لهم من كلِّ خيرٍ .." فالشاهد في الرواية هو قوله"وإنّ فاطمة عليها السلام إذا نظرت إليهم .."يدل صريحاً على أنَّ لها حضوراً تاماً لمآتم ولدها الشهيد عليهما السلام،فإذا أمكن لها أن ترى زوار الإمام أبي عبد الله عليه السلام وتدعوا لهم بالخير أمكن لها بطريقٍ أولى أن ترى مآتمه عليه السلام لأنَّ المأتم أفجع من الزيارة، ولأنَّ الرؤية هنا حضورية حقيقيَّة ولا يشترط هبوطها(فديتها بنفسي)إلى الأرض ومشاركتها للزوار في الزيارة بل يكفي إطلاعها على أفعال الزوار لولدها والبكاء عليه.
مضافاً لما ورد في كامل الزيارات/الباب السادس والعشرين/رقم الحديث220في صحيح أبي بصير عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال عليه السلام:" يا أبا بصير أما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمة عليها السلام فبكيت حين قالها فما قدرت على المنطق وما قدرت على كلامي من البكاء " فإسعادها (روحي فِداها)بالبكاء ملازم عادةً لحضورها للمآتم،وقلنا أنَّ الحضور بمعنى الإشراف والإطلاع،وقد يكون بحضور هيكلها النوراني كما سمعناه مكرراً من مكاشفات بعض المتقين وهو أمرٌ لا يجوز إنكاره لدخوله في باب الكرامات لإثبات الحقّ ودعم الموالين وقد حصلت لنا نِعمٌ وألطاف من قِبَلِهم عليهم السلام والحمد لله والفضل لهم....
هذا ما حضرني من الأخبار التي يستدل بها على حضورها ولو وسعنا الوقت لحصلنا على الكثير من الأخبار الدالة على المقصود.

عن المرجع آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخرساني دام ظله الوارف أنه قال :

وأكتفي بعدة كلمات من مصادر الخاصة والعامة المتقنة ، لتعرفوا أن قضية الإمام الحسين عليه السلام فوق الوصف والتقرير! بل إن ذلك الغلام الأسود الذي استشهد معه ، فوق وصفنا وبياننا! لأنه بلغ مقاماً أن سيد المرسلين وخاتم النبيين يحضر من عالمه الأعلى بنفسه فيحفر له قبره ويدفنه !
نعم ، خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم الشخص الأول في عوالم المخلوقات ، لكنه هو الذي يتولى حفر قبر أصحاب الحسين سلام الله عليه ، ورضوان الله عليهم !!



http://www.alameli.net/books/?id=1409

في أمالي الطوسي ص315 ، عن ابن عباس: (فلما كانت الليلة رأيت رسول الله في منامي أغبر أشعث ، فذكرت له ذلك وسألته عن شأنه ؟ فقال لي: ألم تعلم أني فرغت من دفن الحسين وأصحابه )

ولكن أكثر مصادرهم روتها الى قوله صلى الله عليه وآله :
هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل التقطه منذ اليوم ، ولم ترو بعدها: أرفعها إلى الله عز وجل. وفي مسند عبد بن حميد ص235: لم أزل ألتقطهم قد منذ اليوم.
ومن أبرز الذين رووا ها الحديث أيضاً أحمد بن حنبل في مسنده:1/242 وص283 ، وقال عنه في مجمع الزوائد:9/193: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح . ورواية الطبراني في المعجم الكبير:3 /110 و:12/143 .
ورواه ابن كثير في النهاية:6/258 ، وقال عنه في:8 /218
:تفرد به أحمد وإسناده قوي.


جواب سماحة المرجع المعظم سيد محمد صادق الروحاني دام ظله العالي :

السؤال: ما رأيكم في الروايات التي وردت عن حضور الرسول والزهراء عند جسد الحسين صلوات الله عليه، وذلك بعد مقتله؟
الجواب: باسمه جلت اسمائه
لو لم يكن هناك رواية ولو ضعيفة دالّة عليه لكنت جازماً بحضورهما عند جسده فضلاً عن وجود روايات دالّة على ذلك.


http://www.istefta.com/ans.php?stfid=8442&subid=26



و في نهاية المطاف و في نهاية مشاركتي في هذا الموضوع أورد هذه الرواية :


يقول أبو بصير رحمه الله , (كنت عند أبي عبد الله(الإمام الصادق عليه السلام )أحدثه، فدخل عليه ابنه فقال له مرحباً وضمه وقبله وقال: حقَّر الله من حقركم، وانتقم ممن وَترَكم، وخذل الله من خذلكم ، ولعن الله من قتلكم ، وكان الله لكم ولياً وحافظاً وناصراً ، فقد طال بكاء النساء وبكاء الأنبياء والصديقين والشهداء وملائكة السماء . ثم بكى وقال:
يا أبا بصير إذا نظرت الى ولد الحسين أتاني ما لا أملكه مما أتي الى أبيهم وإليهم، يا أبا بصير إن فاطمة لتبكيه وتشهق فتزفر جهنم زفرة لولا أن الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدوا لذلك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها فيحرق أهل الأرض فيكبحونها مادامت باكية ، ويزجرونها ويوثقون من أبوابها مخافة على أهل الأرض ، فلا تسكن حتى يسكن صوت فاطمة .
وإن البحار تكاد أن تنفتق فيدخل بعضها على بعض ، وما منها قطرة إلا بها ملك موكل، فإذا سمع الملك صوتها أطفأ نارها بأجنحته، وحبس بعضها على بعض مخافة على الدنيا وما فيها ومن على الأرض، فلا تزال الملائكة مشفقين ، يبكونه لبكائها، ويدعون الله ويتضرعون إليه،ويتضرع أهل العرش ومن حوله،وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس لله مخافة على أهل الأرض. ولو أن صوتاً من أصواتهم يصل الى الأرض لصعق أهل الأرض ، وتقطعت الجبال وزلزلت الأرض بأهلها .
قلت: جعلت فداك إن هذا لأمرٌ عظيم! قال: غيره أعظم منه ما لم تسمعه ، ثم قال لي: يا أبا بصير أما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمة؟ فبكيت حين قالها، فما قدرت على المنطق، وماقدرت على كلامي من البكاء، ثم قام إلى المصلى يدعو، فخرجت من عنده على تلك الحال ، فما انتفعت بطعام وما جاءني النوم وأصبحت صائماً وجلاً حتى أتيته، فلمارأيته قد سكن سكنت، وحمدت الله حيث لم تنزل بي عقوبة!). ( كامل الزيارات ص169 )

راجع هذا الموضوع هنا :



http://hajr.dyndns.info/hajrvb/showt...hp?t=402990132

و قلت في محاورة سابقة :

أخي الحبيب البلاغ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أعتذر إن بدا لكم مشاركتي هذه مقتضبا و لكن إعذروني لكثرة مشاغلي خاصة و نحن الآن في طور الإمتحانات و نسئلكم الدعآء لإجتيازها بنجاح .

أما قضية الرؤيا و المنام عزيزي الفاضل
فأنا لم أوردها هنا كإستدلال في ما نحن فيه
بل ردا على القلم الصادق حيث أنه شكك في مصداقية الرؤيا , فقلت أن هناك روايات وردت في معنى من رآنا فقد رآنا , و نقلت هذه الرؤى , و مصداقية هذه النقولات منوطة بمصداقية رواتها .

أما بشأن الشق الآخر من كلامكم عزيزي
حيث تفضلتم قائلين :


أولا لنقرب الأمر أكثر
مع الأسف نحن عندما نتكلم عن شخوص غير محمد و آل محمد و ننسب لهم أمور قد تكون خارق للعادة , تتقبل النفوس ذلك , و لكن ما إن يأتي الحديث عن محمد و آل محمد صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين نستعظم الأمر , و الكلام ليس موجه لك أخي الحبيب , بل هو كلام عام .

عللتم قولكم بأن الحفر أمر مادي , و مسئلة الحضور هو أمر غير مادي بل معنوي و غيبي غير شهودي .

أستطيع أن أرد تعليلكم بأن أقول مثلا , الملائكة أيضا , هي موجودات غيبية و لها تأثيراتها التكوينية , و هذا أمر يقيني و إيماني عليها أدلة الشرع القرآنية و الروائية , بل حتى موجودات أخرى مثل الجن , فهم غير مرئيين بالنسبة لنا و لكن لهم مدخلية في التكوين و يستطيعون البطش و الحفر و البناء وووو كما في قصة نبي الله سليمان على نبينا و آله و عليه أفضل الصلاة و السلام .

فإن كنا نقبل بأن يكون للموجودات المعنوية الغيبية تأثيرات في التكوين بل قدرة على التغيير فيه , فلما نستبعد الأمر بالنسبة لآل محمد صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين .

مضافا إلى أننا حقيقة لا نستبعد الحضور , كلما هنالك ليس لدينا أدلة جزمية إن صح التعبير , مع وجود أدلة ظنية كثيرة , مثل أن الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله الأطهار كان يحتفظ بتراب كربلاء المقدسة التي عليها يستشهد سبطه و ريحانته , بل و رأى ذبح ولده و هو رضيع و حضر في كربلاء المقدسة , و قد يكون هذا الأمر في نظركم بعيد عن الإستدلال , و لكن عزيزي الفاضل , لأقول كلمة أخيرة , و لكن قبلها لأضيف , بأني لست عالما بالفلسفة , و لكن علمت بوجود براهين فلسفية , بل حتى علم الفيزياء الحديث تنبئ به , و هو السفر في الزمان , و الأبعاد المتداخلة , بشكل لا يتداخل بعد في البعد الآخر . و هذا الأخير ذكرته لعلمي بأن جنابكم له إطلاع و حب لمثل هذه القضايا العلمية فأحببت أن أشير إليها لعلكم تبحثون فيها و تتحفوننا بنتائجكم لنستفيد منها جميعا .

وفقكم الله لكل خير

يا علي
http://hajr03.homeip.net/hajrvb/showthread.php?p=407015412#post407015412
-------------
حضور المعصومين عليهم السلام أجمعين عند المُحتضر :

موضوع مفيد أقتطع منه هذا الجزء و تجدونه كاملا على الرابط التالي :
http://iraq.iraq.ir/islam/maktaba_fkreia/book09/part5.htm

حضور النبي(صلى الله عليه و آله)والأئمة عند المحتضرين بأدلة القرآن المجيد
ومما تجدر الإشارة إليه هو انّ حضور النبي(صلى الله عليه و آله) وأهل بيته عند المحتضرين – ولا سيّما المؤمن – مشار إليه في القرآن المجيد الذي فيه تبيان كل شيء – بآياتٍ عديدة منه، كما في كثيرٍ من أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ومنها ما مرّ ذكره علينا عن الإمام الصادق(عليه السلام) ي قوله تعالى(يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ(27)ارْجِعِ ي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) حيث يقول الإمام(يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) أي إلى محمد ووصيه والأئمة من بعده،(ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيةً) أي بالولاية،(مَرْضِيَّةً) أي بالثواب،(فَادْخُلِي فِي عِبَادِي) محمد وأهل بيته،(وَادْخُلِي جَنَّتِي) أي معهم…الخ.
ومن الآيات التي تشير إلى ذلك قوله تعالى(الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآْخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [يونس/64-65].
وبيان ذلك نقول:
صرّحت هاتان الآيتان بأن(الَّذِينَ آمَنُوا)، أي صدّقوا بالله واعترفوا بوحدانيته، وبوعده ووعيده على لسان رسوله،(وَكَانُوا يَتَّقُونَ) أي يحذرون معاصيه،(لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآْخِرَةِ) ومما لا ريب فيه ان الله بشّر عامّة المؤمنين المتقين في هذهِ الدنيا في القرآن على إيمانهم وتقواهم مثل قوله تعالى مخاطباً رسوله(وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأْنْهَارُ) [البقرة/29]، وقوله تعالى(وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [يونس/4]، إلى غير ذلك من الآيات، وقـد قام النبي(صلى الله عليه و آله) – امتثالاً لأمر ربه – بالبشائر العديدة للمؤمنين المتقين، كما قام بالإنذار للكافرين والعاصين وهو البشير النذير.
وهذا لا ريب فيه، ولكنّ المؤمن المتقي هل يحصل عنده الجزم واليقين بصورة قطعية بأنه سيموت مؤمناً متقياً؟ وسيحظى بتلك البشائر التي بُشّر بها في الدنيا؟ لا، ولكن يرجو تحصيل تلك البشائر، فقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه و آله) انه قال: لا يزال المؤمن خائفاً من سوء العاقبة ولا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزوع روحه وظهور ملك الموت له(13).
نعم لا يحصل اليقين بعد الرجاء للمؤمن إلاّ في وقتٍ واحد وهو حضور أجله، إذا حضره نبيه وأهل بيته مع جبرئيل وملك الموت، فعند ذلك يبشرونه جميعاً – بصورة جزمية – بما سيقدم عليه من النعيم الخالد.
وهذا ما ذكرته الأخبار بصراحة، وأشار إليه القرآن المجيد بقوله تعالى(الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) أي تتأكد لهم البشرى فيها عند الاحتضار،(وَفِي الآْخِرَةِ) أي يوم القيامة عند خروجه من قبره، وفي حشره، وقوله تعالى(لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أشار به إلى ان تلك البشارة من القضاء المحتوم الذي لا يتغير ولا يتبدل، أي لابّد من وقوعها عند الاحتضار وفي القيامة، حيث وردت عن أهل البيت(عليهم السلام) في تفسير الآيتين بالخصوص أخبارٌ عديدة، ومن تلك الأخبار ما رواه العياشي في (تفسيره)، وأبو جعفر البرقي في (المحاسن)، والكليني في (الكافي) وغيرهم عن عقبة بن خالد قال:
دخلت أنا والمعلى بن خُنيس على أبي عبد الله(عليه السلام) فقال: يا عقبة لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلا هذا الدين الذي أنتم عليه، وما بين أحدكم وبين أن يرى ما تُقر به عينه إلاّ ان تبلغ نفسه إلى هذهِ وأومأ بيده إلى رقبته ووريده ثم اتكأ "أي الإمام" وغمزني المُعلى انْ سَلْهُ، فقلت: يا بن رسول الله إذا بلغت نفسه الى هذهِ فأيُّ شيءٍ يرى؟ فقال(عليه السلام): يرى، فقلت بضع عشر مرة: أي شيءٍ يرى؟ فقال في آخرها: يا عقبة، فقلت: لبيّك وسعديك، فقال: أبيت إلاّ أن تعلم؟ فقلت نعم يا بن رسول الله إنما ديني مع دمي "أي ديني مقرون بحياتي، ومع عدم الدين فكأني لست بحي" فقال الإمام عند ذلك: يراهما والله، فقلت: بأبي وأمي مَن هما؟ فقال: (هما) رسول الله(صلى الله عليه و آله) وعلي(عليه السلام): يا عقبة لن تموت نفس مؤمنة أبداً حتى تراهما، فقلت: إذا نظر إليهما المؤمن أيرجع إلى الدنيا؟ قال: لا بل يمضي أمامه، فقلت له: يقولان له شيئاً جُعلت فداك؟ فقال: نعم، يدخلان جميعاً على المؤمن فيجلس رسول الله عند راسه، وعلي عند رجليه، فيكبو عليه رسول الله(صلى الله عليه و آله) فيقول: يا ولي الله ابشر أنا رسول الله، إني خير لك ممّا تترك من الدنيا ثم يكبو عليه علي فيقول: يا ولي الله ابْشر أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبني أما لا نفعك ثم قال الإمام الصادق(عليه السلام): أما ان هذا في كتاب الله، قلت: جعلت فداك أين هذا من كتاب الله؟ قال: في سورة يونس(الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآْخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(14).
ومثل هذا الحديث وارد أيضاً عن عبد الرحيم القصير وعن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام)(15).
وكما يُبشر المؤمن المتقي عند موته بما تُقر به عينه كذلك يُبشر الفاجر الشقي بما أُعِدَّ له من الخزي والعذاب كما ورد عن أبى جعفر الباقر(عليه السلام) انه قال: كل نفسٍ ذائقة الموت ومبشورة كذا اُنزل بها على محمّد(صلى الله عليه و آله) انه ليس أحد من هذهِ الأمة إلاّ ويبشرون، فأمّا المؤمنون فيبشرون إلى قرة عين، وأمّا الفجّار فيبشرون إلى خزي الله إياهم(16).
وقد يظهر لكلٍ من الطرفين ما يبشران به عند حضور المنية، وحضور النبي(صلى الله عليه و آله) وأهل البيت عندهما، بحيث روى الفضيل بن يسار عن الإمامين أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق(عليه السلام) إنهما قالا: حرام على روحٍ أن تفارق جسدها حتى ترى الخمسة، محمداً وعلياً وفاطمة وحسناً وحسيناً بحيث تقر عينها، أو تسخن عينها(17).

الاستدلال العلمي على حضور النبي(صلى الله عليه و آله)وأهل بيته عند كل محتضر

ولو قال قائل: كيف يحضر رسول الله(صلى الله عليه و آله) وعلي وأهل البيت عند كل ذي روحٍ محتضر، مؤمن وكافر محب ومبغض؟ وكيف نؤمن به وذلك يخالف الحس والوجدان من جهة، والعقل من جهة اُخرى؟، أمّا مخالفة الحس والوجدان فلاِنّا نحضر الموتى عند حضور آجالهم إلى قبض أرواحهم ولا نرى عندهم أحداً، وأمّا مخالفة العقل فلأنه يمكن قبض أرواح الآلاف من الناس في آنٍ واحد في أمكنةٍ متعددة من شرق الأرض وغربها فكيف يحضرون عند كل مَن يموت في الشرق والغرب؟
فالجواب عن الأول وهو مخالفة الحس، فنقول:- ان الله قادر على أن يحجبهم عن أبصارنا دون أبصار المحتضرين لضربٍ من المصلحة – وهو على كل شيءٍ قدير – والدليل على ذلك ما ورد في أخبار أهل السُنّة والشيعة في تفسير قوله تعالى(وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآْخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا) [الإسراء/46].
فقد ورد ان الله تعالى طالما أخفى شخص النبي(صلى الله عليه و آله) عن أعين أعدائه مع أن أولياءه كانوا يرونه وينظرون إليه.
قال الطبرسي في (مجمع البيان)(وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) يا محمّد(جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآْخِرَةِ) وهم المشركون،(حجَابًا مَسْتُورًا) قال الكلبي: وهم أبو سفيان، والنضر بن الحرث، وأبو جهل وأم جميل امرأة أبي لهب، حجب الله رسوله عن أبصارهم عند قراءة القرآن، وكانوا يأتونه ويمرون به ولا يرونه(18).
وقال السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ما نصه: أخرج أبن أبي حاتم عن زهير بن محمد(وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) الآية قال: ذاك رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا قرأ القرآن على المشركين بمكة سمعوا صوته ولا يرونه(19).
وجاءَت في هذا المعنى أخبار كثيرة(20).
وهذا المعنى الذي ذكره المفسرون مفهوم واضح من نفس الآية الكريمة فتدبرها(وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآْخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا) وقد وقع حجب أبصار المشركين عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) دون أبصار المؤمنين حفظاً لنبيه من أذاهم مراراً عديدة ومن ذلك ما أجمع عليه المفسرون والمؤرخون من حجب أبصار المشركين عن رؤيتهم للنبي(صلى الله عليه و آله) ليلة هجرته من مكة إلى المدينة، حيث كانت قريش قد بيّتته في داره واجتمعت على باب الدار وهم حوالي أربعون نفراً أو أقل يريدون قتله، وقد أوحى الله تعالى إليه أن يخرج من الدار عند اجتماعهم على بابها وأن يهاجر، فخرج(صلى الله عليه و آله) امتثالاً لأمر ربه وقد تناول قبضة من التراب ووضع منه على رأس كلّ واحدٍ منهم وهو يقرأ قوله تعالى(وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ) [يس/9] وسار من بينهم ولم يره أحد منهم(21).
وشاهدنا من كل ذلك انّ الله قادرٌ على أن يحجب أبصار الحاضرين دون أبصار المحتضرين عن رؤية النبي وأهل بيته في حالة الاحتضار كما حجب أبصار المشركين عن رؤية النبي(صلى الله عليه و آله) دون المؤمنين هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى هي ان الله جلّ وعلا يزيد أبصار المحتضرين قوة عند حضور آجالهم، ويكشف لهم الحجب ويزيل عنهم الأغطية، وبذلك يختصون – دون غيرهم – برؤية النبي(صلى الله عليه و آله) وأهل بيته الأطهار(عليهم السلام) ورؤية أعمالهم مع جزائها من النعيم أو الجحيم، وقد أشار القرآن المجيد إلى هذا المعنى بقوله تعالى(وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ(19)وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ(20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ(21)لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) [ق/20-23].
أي حادٌ قويّ ولذلك لا تُقبل ولا تصح التوبة منه عند حضور أجله وكشف الحقائق له، كما قال تعالى(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآْنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [النساؤ/27-28]، وإلى كشف الحجب والأغطية للإنسان – عند حضور أجله، وكذلك يوم القيامة – ومشاهدة الحقائق بينهما – يشير إمامنا علي أمير المؤمنين(عليه السلام) بقوله الشهير: { لو كُشِفَ ليَ الغطاء ما أزددت يقيناً}.
وأمّا الجواب عن الإشكال الثاني وهو: كيف يحضرون عند كل مَن يموت في الشرق والغرب؟ وقد يموت الألوف أو الملايين من الناس في آنٍ واحدٍ في أمكنة متعددة في شرق الأرض وغربها؟
فنقول: ان الإشكال يكون صحيحاً فيما إذا كان حضورهم(عليهم السلام) حضوراً بأجسادهم المادية المكوّنة من لحمٍ وعظمٍ، والحال ان حضورهم روحياً إمّا في قالب أو قوالب مثالية لأِجسادهم الطاهرة لا بأجسادهم نفسها فحينئذٍ ينحل الإشكال، لأن الأرواح لها قابلية التنقل في الشرق والغرب في الدنيا والآخرة، هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى يمكن أن يكون المراد – والله أعلم – ان صورهم المثالية لهياكلهم المقدسة تتجلى – طبق الأصل تماماً – لكل محتضرٍ مؤمنٍ وكافر، محب ومبغض كما تتجلّى صورة الشيء في المرآة ولكن مع أرواحهم الشريفة، وما أكثر الدلائل الفعلية والوجدانية التي يستدل بها على ذلك ووقوعها بالفعل ومنها ما اخترعه المخترعون من أهل الشرق والغرب من الأقمار الاصطناعية وآلاتها المنوعة، وآلات التلفاز والفيديو وغيرها التي – بواسطة الكهرباء، وما أودع الله في هذا الفضاء من قابلية – تصوّر لمتقنيها والحاضرين عندها صورة الأشياء وصورة المذيع أو المذيعة وتسمعهم صوته، وتريهم حركاته وسكناته طبق الأصل في سائر أنحاء العالم، بل بواسطة الأقمار الاصطناعية وآلاتها يصورون لأهل الأرض ما في السماء وما في السماء لأهل الأرض.
هذا ما اخترعه المخترعون من غربيين وشرقيين وأين مزاياهم من مزايا المبدع المكون، وفي الحقيقة لم يتوصل المخترعون لهذهِ المخترعات وأمثالها التي كانت غاية في الإبداع والدقة – إلاّ من فيض واجب الوجود الذي صرّح في كتابه الكريم(عَلَّمَ الإِْنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق/6]، أفترى أنّ الله الذي خلق كل شيءٍ وهو على كل شيءٍ قدير يعجزه ان يُري المحتضر مثالاً كاملاً لرسوله وأهل بيته مع أرواحهم الشريفة؟ لِيرى محبهم جزاء محبته للهِ ولرسوله وأهل بيته؟ ويرى مبغضهم أيضاً جزاء بغضه لهم، كما قد وردت نصوص عديدة تصرح بأن المحتضر يمثل له النبي(صلى الله عليه و آله) والأئمة الأطهار، ومن تلك النصوص ما رواه جلّ علمائنا المحدِثّين كالكليني والصدوق، وابن شعبة، وغيرهم بأسانيدهم عن سدير الصيرفي قال: لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك يا بن رسول الله هل يكره المؤمن على قبض روحه؟ قال: لا والله انه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك، فيقول ملك الموت: يا وليّ الله لا تجزع فوالذي بعث محمداً(صلى الله عليه و آله) نبياً لأنا أبرّ بك وأشفق عليك من والدٍ رحيم لو حضرك، افتح عينيك فانظر قال: ويمثّل له رسول الله(صلى الله عليه و آله) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم، فيقال له: هذا رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة رفقاؤك، قال: فيفتح عينيه فينظر وينادي روحه منادٍ من قبل ربّ العزة فيقول له(يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) إلى محمد ووصيّه وأهل بيته،(ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيةً) بالولاية(مَرْضِيَّةً) بالثواب،(فَادْخُلِي فِي عِبَادِي) يعني محمداً وأهل بيته،(وَادْخُلِي جَنَّتِي) فما من شيءٍ أحب إليه من استدلال روحه واللحوق بالمنادي(22).

ومن النصوص التي تصرح بأن المحتضر يُمثل له النبي(صلى الله عليه و آله) وسائر أصحابه إلى الله أخياراً كانوا أو أشراراً ما رواه الكليني في (أصول الكافي) بسنده عن علي أمير المؤمنين(عليه السلام) انه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): انظروا مَن تحادثون فإنه ليس من أحد ينزل به الموت إلاّ مُثّل له أصحابه إلى الله، وفي نص: مثّلت له أصحابه في الله ان كانوا أخياراً فخيارا، وان كانوا أشراراً فشراراً، وليس أحد يموت إلاّ تمثلّتُ له عند موته(23).
ومن جهة ثالثة يمكن أن يكشف الله الحجب ويزيل الأغطية عن أبصار المحتضرين ويريهم النبي(صلى الله عليه و آله) وأهل بيته بأجسادهم الطاهرة الأصلية، وأرواحهم المقدسة، ويسمعهم أيضاً كلامهم ويريهم سائر حركاتهم وسكناتهم(عليهم السلام) في جناتهم ومقامهم السامي عند ربهم.
ونستدل على هذا المعنى من عظيم قدرة الله عَزّ وجَلّ الباهرة بما قصّه الله لنا في القرآن المجـيد من إنه تبارك وتعالى يُـطلع أهل الجنة – وهم في الجنة – على أهل النار، كما يطلع أهل النار – وهم في النار – على أهل الجنة، ويخاطب بعضهم بعضاً، ويسمع بعضهم خطاب بعض، بالرغم ممّا بينهم من بعد المسافات وكثرة الحجب التي لا يعلمها إلاّ الله.
وهذا المعنى قد استعرضه الله سبحانه بآيات عديدة من القرآن المجيد منها قوله تعالى في سورة الأعراف(وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) إلى قوله تعالى(وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) [الأعراف/45-51].
ومن الآيات التي تصرح بتساؤل أهل النار قوله تعالى في سورة المدثر(فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ(40)عَنْ الْمُجْرِمِينَ(41)مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ(42)قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) [المدثر/41-44]، ومنها في سورة الصافات ممّا يجري فيما بين أهل الجنة من التساؤل(فأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ(50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ(51)يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ(52)أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ(53)قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ(54)فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ(55)قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِي(56)وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنْ الْمُحْضَرِينَ) [الصافات/51-58].
ومنها في سورة المطففين حيث يصف أهل الجنة وانهم في جناتهم يُشرفون على أهل النار ينظرون إليهم ويضحكون عليهم بقوله تعالى(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ(34)عَلَى الأْرَائِكِ يَنظُرُونَ(35)هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [المطففين/35-37].
أي هل جوزيّ الكفار ما كانوا يفعلون؟ فيأتيهم الجواب منهم: نعم هذا عذابنا هو جزاء فعلنا.

----------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم

إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا

----------------------

رجعة أئمة أهل البيت عليهم السلام : المصدر


رجعة الأئمة المعصومين (عليهم السلام)



الآية الأولى: قوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ)(1).

عن مجمع البيان قد صحّت الرواية عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنّه قال: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، وتلا عقيب ذلك (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ) الآية. وروى العياشى بالإسناد عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى أبي عبدالله (عليه السلام) فقال: هذا والله من الذين قال الله: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ) الآية، انتهى(2).

وفي حديث مفضل ابن عمر المذكور سابقاً عن الصادق (عليه السلام): ثمّ يظهر السيّد الأكبر محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم) في أنصاره والمهاجرين إليه ومن آمن به وصدّقه واستشهد معه ويحضر مكذّبوه والشاكّون فيه والمكفّرون له والقائلون فيه: إنّه ساحر وكاهن ومجنون ومعلّم وشاعر وناطق عن الهوى، ومن حاربه وقاتله حتّى يقتصّ منهم بالحقّ ويجازون بأفعالهم منذ وقت ظهر رسول الله إلى وقت ظهور المهدي مع إمام إمام ووقت وقت ويحق تأويل هذه الآية: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ)(3).

قال المفضّل: قلت: ياسيدي من هامان وفرعون؟
قال (عليه السلام): الأوّل والثاني ينبشان ويحييان إلى أن قال: لكأنّي أنظر ما مفّل إلى معاشر الأئمّة ونحن بيد يدي جدّنا رسول الله نشكو إليه ما نزل بنا من الاُمّة بعده وما نالنا من التكذيب والردّ علينا وسبّنا ولعننا وتخويفنا بالقتل، وقصد طواغيتهم الولاة لاُمورهم إيّانا من دون الاُمّة بترحّلنا من حرمه إلى دار ملكهم وقتلهم إيّانا بالسمّ والحبس والكيد العظيم فيبكي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ويقول: ما نزل بكم إلاّ ما نزل بجدّكم قبلكم ولو علمت طواغيتهم وولاتهم أنّ الحق والهدى والإيمان والوصية في غيركم لطلبوه.
وعن البرهان عن الباقر والصادق (عليهما السلام): إنّ فرعون وهامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم) في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا(4).

الآية الثانية: قوله تعالى: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)(5) دلّت الآية بمنطوقها على وعد الله باستخلاف من اتصف بهذه الصفات وليس هو إلاّ الأئمّة (عليهم السلام) وحيث إنّهم صلوات الله عليهم لم يحصل لهم التمكين التام فيما مضى بالبداهة لغلبة الظالمين والمنافقين فدار الأمر بين أن يخلف وعده أو ينجزه، لا سبيل إلى الأوّل لاستلزامه الكفر فتعيّن الثاني، ولمّا لم يحصل فيما مضى تعيَّن أن يكون إنجاز هذا الوعد بالرجعة فثبت المطلوب منها وتكون نصّاً في الرجعة وبه صرّح غير واحد.

وعن مناقب الطاهرين للشيخ الجليل الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الطبري المازندراني بعد ذكر الآية أنّ من دور آدم إلى يومنا هذا لم يمكن أصلاً أنّ جميع العالم يعبدون الله تعالى وليس يشركون به فعلم من هنا أنّ هذه الحال منتظرة بدليل أنّه تعالى ذكر ذلك بلفظ الاستقبال بالسين وفيه تراخٍ واستقبال أيضاً وليس للمخالف أن يقول المراد به الخلفاء الثلاثة لأنّ في زمانهم كانت الدّنيا مملوءة من الشرك وقليل من الإسلام ورسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أخبر نقلاً عن كتبهم: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج رجل من ولدي يواطئ اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً(6).

الآية الثالثة: قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ)(7) عن تأويل الآيات عن أبي جعفر (عليه السلام): الصالحون هم آل محمد، العابدون هم شيعتنا(8).
وعن البحار والعوالم أخبر الله تعالى نبيّه في كتابه ما يصيب أهل بيته بعده من القتل والغصب والبلاء ثمّ يردهم إلى الدنيا ويقتلون أعداءهم ويملكون الأرض وهو قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)(9) وقوله: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ)(10) الآية(11).

الآية الرابعة: قوله تعالى: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ)(12) عن تفسير القمّي عن أبي جعفر (عليه السلام) الآية لآل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم) إلى آخر الأئمّة والمهدي (عج) وأصحابه يملّكهم الله مشارق الأرض ومغاربها ويظهر الدين ويميت الله به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهاء الحقّ، لا يرى أثر الظلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر(13).

الآية الخامسة: قوله تعالى: (فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا) إلى قوله تعالى: (وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا)(14) عن المقتضب وتفسير البرهان عن سلمان قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يوماً فلمّا نظر إليّ قال: يا سلمان إنّ الله عزّ وجلّ لم يبعث نبيّاً ولا رسولاً إلاّ جعل له اثني عشر نقيباً، قال: قلت يا رسول الله لقد عرفت هذا من أهل الكتابين؟

قال (صلّى الله عليه وآله وسلم): يا سلمان فهل علمت مَنْ نقبائي الإثنا عشر الذين اختارهم الله للإمامة من بعدي؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: ياسلمان خلقني الله من صفوة نوره ودعاني فأطعته وخلق من نوري نور علي (عليه السلام) فدعاه إلى طاعته فأطاعه وخلق من نوري ونور علي فاطمة (عليها السلام) فدعاها فأطاعته وخلق منّي ومن علي وفاطمة الحسن والحسين فدعاهما فأطاعاه فسمّانا الله عزّ وجلّ بخمسة أسماء من أسمائه، فالله المحمود وأنا محمّد والله العلي وهذا علي والله الفاطر وهذه فاطمة والله ذو الإحسان وهذا الحسن والله المحسن وهذا الحسين، ثمّ خلق منّا ومن نور الحسين (عليه السلام) تسعة أئمّة فدعاهم فأطاعوا قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ سماءً مبنية أو أرضاً مدحية أو هواءً أو ماءً أو ملكاً أو بشراً وكنّا بعلمه أنواراً نسبّحه ونسمع له ونطيع، فقال سلمان: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمّي ما لمن عرف هؤلاء؟ فقال: يا سلمان من عرفهم حقّ معرفتهم واقتدى بهم فوالى وليّهم وتبرّأ من عدوّهم فهو والله منّا، يرد حيث نرد ويسكن حيث يسكن، قال قلت: يارسول الله فهل يكون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم وأنسابهم؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلم): لا ياسلمان، قلت: يا رسول الله فأنّى لي بهم قد عرفت إلى الحسين؟ قال: ثمّ سيّد العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) ثم ابنه محّمد بن علي باقر علم الأوّلين من النبيّين والمرسلين ثمّ جعفر بن محمد لسان الله الصادق ثمّ موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبراً في الله ثمّ علي بن موسى الرضا لأمر الله ثمّ محمّد بن علي المختار من خلق الله ثمّ علي بن محمّد الهادي إلى الله ثمّ الحسن بن علي الصامت الأمين على سرّ الله ثمّ فلان سماه باسمه ابن الحسن المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) الناطق القائم بحق الله، قال سلمان: فبكيت ثمّ قلت: يارسول الله فأنّى لسلمان بإدراكهم؟

قال (صلّى الله عليه وآله وسلم): يا سلمان إنّك مدركهم وأمثالك ومن تولاّهم بحقيقة المعرفة فشكرت الله كثيراً، ثمّ قلت: يا رسول الله إنّي مؤجل إلى عهدهم؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلم): يا سلمان اقرأ (فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا)(15) قال سلمان: فاشتدّ بكائي وشوقي وقلت: يا رسول الله فعهد منك؟ فقال: إي والذي أرسل محمّداً إنّه لبعهد منّي وبعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة أئمّة وكلّ من هو منّا ومظلوم فينا إي والله يا سلمان ثمّ ليحضرن إبليس وجنوده وكلّ من محضر الإيمان محضاً ومحض الكفر محضاً حتّى يؤخذ بالقصاص والأوتار ولا يظلم ربّك أحداً ونحن تأويل هذه الآية: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ)(16) قال سلمان (رضي الله عنه): فقمت من بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وما يبالي سلمان متى لقي الموت أو لقيه الموت(17).

الآية السادسة: قوله تعالى: (إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(18).
عن الكافي: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) أنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الأرض ونحن المتّقون والأرض كلّها لنا من أحيى أرضنا من المسلمين فليعمرها وليؤدِّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها فإن تركها أو خراجها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمّرها وأحياها فهو أحقّ بها من الذي تركها وليؤدِّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل حتّى يظهر القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله ومنعها إلاّ ما كان في أيدي شيعتنا فإنّه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم(19).

الآية السابعة: قوله تعالى: (اذْكُرُواْ نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ)(20).
عن المنتخب: سُئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن قول الله:
(وجعل منكم أنبياء) قال: الأنبياء رسول الله وإبراهيم وإسماعيل وذريّته والملوك الأئمّة قيل له: وأي ملك أعطيتم؟ فقال: ملك الجنّة وملك الكرّة(21).

الآية الثامنة: قوله تعالي: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى)(22) الآية.
عن الكافي: عن أحمد بن حمّاد عن أبيه عن أبي الحسن الأوّل (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت أخبرني عن النبي ورث النبيّين كلّهم؟
قال: نعم، قلت: من لدن آدم حتّى انتهى إلى نفسه؟ قال: ما بعث الله نبيّاً إلاّ ومحمّد أعلم منه، قال: قلت: إنّ عيسى ابن مريم كان يُحيي الموتى بإذن الله تعالى؟ قال: صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول الله يقدر على هذه المنازل إلى أن قال: وإنّ الله يقول في كتابه
(وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى)(23) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيى به الموتى... الحديث(24).

الآية التاسعة: قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)(25).
عن كتاب منتخب البصائر وتفسير البرهان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إنّ إبليس قال: أنظرني إلى يوم يبعثون فأبى الله ذلك عليه وقال: إنّك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشيائه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت المعلوم وهي آخر كرّة يكرّها أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقلت: وإنّها لكرّات؟
قال: نعم إنّها لكرّات وكرّات، ما من إمام في قرن إلاّ ويكرّ معه البِرّ والفاجر في دهره حتّى يديل الله المؤمن من الكافر فإذا كان يوم الوقت المعلوم كرَّ أمير المؤمنين في أصحابه وجاء إبليس في أصحابه ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال لها الروحا قريباً من كوفتكم فيقتتلون قتالاً لم يقتل مثله منذ خلق الله عزّ وجلّ العالمين. ورواية اُخرى في المحجّة في ذيل هذه الآية في الغصن الذي فيه الآيات المؤوّلة بقيام القائم (عليه السلام)(26).

الآية العاشرة: قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى)(27) عن القمّي عن عمّار بن مروان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى)قال: نحن والله أولو النهى، فقلت: جعلت فداك وما معنى اُولي النهى؟ قال: ما أخبر الله به رسوله ممّا يكون بعده من ادعاء أبي فلان الخلافة والقيام بها والآخر من بعده والثالث من بعدهما وبني اُمية فأخبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكان ذلك كما أخبر الله به نبيّه، وكما أخبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) عليّاً (عليه السلام)، وكما انتهى إلينا من علي فيما يكون من بعده من الملك في بني اُمية وغيرهم، فهذه الآية التي ذكرها الله تعالى في الكتاب (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى)الذي انتهى إلينا علم هذا كلّه فصبرنا لأمر الله فنحن قوّام الله على خلقه وخزّانه على دينه نخزنه ونستره ونكتتم به من عدوّنا كما اكتتم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتّى أذن الله له في الهجرة وجاهد المشركين فنحن على منهاج رسول الله حتّى يأذن الله لنا في إظهاره دينه بالسيف وندعو الناس إليه فنضربهم عليه عوداً كما ضربهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) بدءاً(28).

الآية الحادية عشرة: قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ الله عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)(29). عن كامل الزيارة في الباب الثامن عشر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ) الآية قال: في القائم وأصحابه(30).
واُذن ماض، ومعلوم أنّ مضارعاً متحقّقاً وقوعه بمنزلة الماضي.

الآية الثانية عشرة: قوله تعالى: (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)(31) عن تأويل الآيات عن ابن عبّاس: هذه نزلت فينا وفي بني اُميّة تكون لنا عليهم دولة تذلّ أعناقهم لنا بعد صعوبة، وهوان بعد عزّ(32).

الآية الثالثة عشرة: قوله تعالى: (سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا)(33) عن القمي: الآيات أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة إذا رجعوا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا، انتهى(34).

الآية الرابعة عشرة: قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ)(35) عن القمّي عن علي بن الحسين: في هذه الآية يرجع إليكم نبيّكم وأمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمّة (عليهم السلام)(36).

الآية الخامسة عشرة: قوله تعالى: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(37) في حديث المفضّل سُئل الصادق (عليه السلام) عن هذه الآية: يامولاي فما العذاب الأدنى وما العذاب الأكبر؟
قال الصادق (عليه السلام): العذاب الأدنى عذاب الرجعة والعذاب الأكبر عذاب يوم القيامة الذي تبدّل الأرض غير الأرض وبرزوا لله الواحد القهّار(38).

الآية السادسة عشرة: قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ)(39) عن القمّي عن جميل عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت قول الله تعالى: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ)قال: ذلك والله في الرجعة أما علمت أنّ الله كثير لم ينصروا في الدنيا وقتلوا، والأئمّة من بعدهم قتلوا ولم ينصروا وذلك في الرجعة(40). وكذا في منتخب البصائر مثله(41).

الآية السابعة عشرة: قوله تعالى: (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ الرجعة فَأَيَّ آيَاتِ الله تُنكِرُونَ)(42). عن القمّي: يريكم آياته يعني أمير المؤمنين والأئمّة في الرجعة فإذا رأوهم قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين أي جهدنا بما أشركناهم فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنّة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون(43).

الآية الثامنة عشرة: قوله تعالى: (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(44) يعني فإنهم يرجعون أي الأئمة إلى الدنيا(45).

الآية التاسعة عشرة: قوله تعالى: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا)(46) في تفسير الفرات عن قول الله تعالى: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) قال: محمد رسول الله: (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا)قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا) هم آل محمّد صلوات الله عليهم وهما الحسن والحسين(47).


الرجعة في الأمم السابقة



الآية الأولى: قال الله تعالى: (وإذ قلتم ياموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنتظرون ثمّ بعثناكم من بعد موتكم لعلّكم تشكرون) [البقرة / 55 - 56] وهم سبعون من خيار قومه.

الآية الثانية: قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه انّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزواً) إلى قوله: (فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلّكم تعقلون) [البقرة/62-73] وفيه قصة ذبح البقرة وسببه وإحياء الميّت وإنطاقه، وإخباره بذكر قاتله مفصّلاً في تفسير الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)(1).

الآية الثالثة: قوله تعالى: (ألم تر الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم) [البقرة / 142].

الآية الرابعة: قوله تعالى: (ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربّه ان آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربّي الذي يُحيي ويميت) [البقرة / 258] قال نمرود: (أنا أحيي واُميت) أي أنا أحيي بالتخلية من الحبس من وجب عليه القتل واُميت بالقتل من شئت ممّن هو حيّ، قال إبراهيم: (فإن الله ... القوم الظالمين) [البقرة / 258] وفي هذه الآية دلالة على إمكان الرجعة بل على وقوعها لما أتى في الحديث: أنّ الله تعالى أحيى بدعائه الموتى وأنّ كل ما كان في الاُمم السالفة يقع مثله في هذه الاُمّة(2).

الآية الخامسة: قوله تعالى: (أو كالذي مر... على كل شيء قدير)[البقرة / 259] وهذه حكاية عزير النبي (عليه السلام) وشرح حاله وقريته مشروحه في تفسير مجمع البيان وغيره(3).

الآية السادسة: قوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم... يأتينك سعياً) [البقرة / 260].
وفي ذلك أخبار منها عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه رأى جيفة تمزّقها السباع فتأكل منها سباع البر وسباع الهواء والدواب فسأل الله سبحانه إبراهيم فقال: ياربّ قد علمت أنّك تجمعها من بطون سباع الطير ودواب البحر فأرني كيف تحييها لاُعاين ذلك(4).

الآية السابعة: قوله تعالى حكاية عن قول عيسى لما بعث إلى بني إسرائيل (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ الله وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ الله وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران / 49].
وفي التفسير أنّه صنع من الطين كهيئة الخفاش فنفخ فصار طائراً، وأحيى الموتى أحيى أربعة أنفس عاذر وكان صديقاً له وكان قد مات منه ثلاثة أيام فقال لاُخته انطلقي بنا إلى قبره ثمّ قال: اللهمّ ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع إنّك أرسلتني إلى بني إسرائيل أدعوهم إلى دينك وأخبرهم بأني اُحيي الموتى فأحي عاذر فخرج من قبره وبقي وولد له، وابن العجوز مرّ به ميّتاً على سريره فدعا الله عيسى فجلس على سريره ونزل من أعناق الرجال وبس ثيابه ورجع إلى أهله وبقي وولد له، وابنة قيل: أتحييها وقد ماتت أمس؟ فدعا اله فعاشت وبقيت وولدت، وسام بن نوح دعا عليه باسم الله الأعظم فخرج من قبره فشاب نصف رأسه فقال: قد قامت القيامة؟ قال: لا، ولكنّي دعوتك باسم الله الأعظم قال: ولم تكونوا تشيبون في ذلك الزمان، لأنّ سام بن نوح عاش خمسمائة سنة وهو شاب ثمّ قال له: مت قال: بشرط أن يعيذني الله من سكرات الموت فدعا الله ففعل(5).

الآية السابعة: قوله تعالى: (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي) [المائدة / 110] الآية في الدمعة عن أمالي الصدوق عن ابن عباس قال: لما مضى بعيسى ثلاثون سنة بعثه الله عزّوجلّ إلى بني إسرائيل فلقيه إبليس لعنه الله على عقبة بيت المقدس وهى عقبة أفيق فقال له: ياعيسى أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكونت من غير أب؟
قال: بل العظمة لله، كوّنني وكذلك كوّن آدم وحوّاء، قال إبليس: ياعيسى أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تكلّمت في المهد صبياً؟ قال عيسى: يا إبليس بل العظمة لذي أنطقني في صغري ولو شاء لأبكمني، قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فيصير طيراً؟
قال عيسى: بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخّر لي، قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تفشي المرضى؟ قال عيسى: بل العظمة للذي بإذنه أشفيهم وإذا شاء أمرضني، قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تحيي الموتى؟ قال عيسى: بل العظمة للذي بإذنه اُحييهم ولابدّ أن يميت ما أحييت ويميتني... الحديث(6).

الآية الثامنة: قوله تعالى: (ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وانّهم لكاذبون) [الأنعام / 28].
في الدمعة عن تأويل الآيات الظاهرة عن جابر بن عبدالله (رضي الله عنه) قال: رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو خارج من الكوفة فتبعته من ورائه حتّى إذا صار إلى جبانة ايهود فوقف في وسطها ونادى: يايهود فأجابوه من جوف القبور، لبيك لبيك ملطايخ يعنون بذلك ياسيدنا فقال: كيف ترون العذاب؟ فقالوا: بعصياننا لك كهارون فنحن ومن عصاك في العذاب إلى يوم القيامة، ثمّ صاح صيحة كادت السماوات أن ينقلبن فوقعتُ مغشياً على وجهي من هول ما رأيت، فلمّا أفقت رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) على سرير من ياقوتة حمراء على رأسه إكليل من الجوهر وعيه حل خضر وصفر ووجهه كدارة القمر، فقلت: ياسيدي هذا ملك عظيم، قال (عليه السلام): نعم ياجابر إنّ ملكنا أعظم من ملك سليمان بن داود وسلطاننا أعظم من سلطانه، ثمّ رجع ودخلنا الكوة ودخلت خلفه إلى المسجد فجعل يخطو خطوات وهو يقول: لا والله لا فعلت، لا والله لا كان ذلك أبداً، فقلت: يامولاي لمن تكلّم؟ ولمن تخاطب وليس أرى أحداً؟ فقال: ياجابر كشف لي عن برهوت فرأيت سنبوبة(7) وحبتر وهما وهما يعذّبان في جوف تابوت في برهوت فنادياني: يا أبا الحسن ياأمير المؤمنين ردّنا إلى الدنيا نقرّ بفضلك ونقرّ بالولاية لك، فقلت: لا واله لا كان ذلك أبداً ثمّ قرأ هذه الآية (ولو رُدّوا لعادوا لما نهوا عنه وانّهم لكاذبون).
ياجابر وما أحد خالف وصيّ نبي إلاّ حشره الله يتكبكب في عرصات القيامة(8).

الآية التاسعة: قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) [الأعراف/143] ذكر تفسيره في العيون والتوحيد والبحار: أحيى الله بنى إسرائيل بعد أن ردّ الله روح موسى وأفاق وقال (سبحان تبت إليك وأنا أوّل المؤمنين).(9)

الآية العاشرة:قوله تعالى: (وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود) إلى قوله: (بكم أحداً) [الكهف / 18 - 19] وقوله أيضاً: (ولبثوا في كهفهم ثلاثمأة سنين وازدوادوا تسعاً) [الكهف / 25] الآية، وقصّتهم معروفة وشرح حالهم في التفاسير وكتب الأخبار مشحونة.

الآية الحادية عشرة: قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا) [الكهف / 83 - 86] والأخبار في بيان حاله وأنّه نبي أو ملك وفي تسميته ذي القرنين كثيرة جداً، سأل ابن الكوّا عليّاً (عليه السلام) عن ذي القرنين وقال: أملك أو نبي؟ قال (عليه السلام): لا ملك ولا نبي كان عبداً صالحاً ضرب على قرنه الأيمن على طاعة الله فمات ثمّ بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمّي ذا القرنين(10).

الآية الثانية عشرة:قوله تعالى: (أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يُحيي الموتى) إلى قوله جل ذكره: (وإليه اُنيب) [الشورى / 9 - 10] وعن البحار وفي تفسير البرهان أنّ جماعة من اليمن أتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: نحن من بقايا الملل المتقدّمة من آل نوح وكان لنبيّنا وصي اسمه سام وأخبر في كتابه أنّ لكل نبي معجزاً وله وصي يقوم مقامه فمن وصيّك؟ فأشار عليه وآله وسلم بيده نحو علي (عليه السلام)، فقالوا: يامحمّد إن سألناه أن يرينا سام بن نوح فيفعل، فقال: نعم بإذن الله وقال: ياعلي قم معهم إلى داخل المسجد واضرب برجلك الأرض عند المحراب فذهب علي (عليه السلام) وبأيديهم صحف إلى أن دخل المسجد فصلّى ركعتين ثمّ قام وضرب برجله الأرض فانشقّت الأرض وظهر لحد وتابوت فقام من التابوت شيخ يتلألأ وجهه مثل القمر ليلة البدر وينفض التراب عن رأسه وله لحية إلى سرّته وصلّى على علي وال: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله سيّد المرسلين وأنّك علي وصيّ محمّد، سيّد الوصيّين وأنا سام بن نوح فنشروا أولئك صحفهم فوجدوه كما وصفوه في الصحف ثمّ قالوا: نريد أن يقرأ من صحفه سورة فأخذ في قراءته حتّى تمّم السورة ثمّ سلّم على علي (عليه السلام) ونام كما كان فانضمّت الأرض وقالوا بأسرهم: إنّ الدين عند الله الإسلام وآمنوا وأنزل الله (أم اتخذوا من دونه أولياء). (11)

الآية الثالثة عشرة: قوله تعالى: (ولمّا ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون) (12).

عن تفسير البرهان والمدينة جاء قوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا محمّد إنّ عيسى ابن مريم كان يُحيي الموتى فأحي لنا الموتى، فقال لهم: من تريدون؟ فقالوا: فلان وإنّه قريب عهد بالموت فدعا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأضفى إليهم شيئاً لا نعرفه ثمّ قال له: انطلق معهم إلى الميّت فادعه باسمه واسم أبيه فانطلق معهم حتّى وقف على قبر الرجل ثمّ ناداه يافلان بن فلان فقام الميت فسألوه ثمّ اضطجع في لحده فانصرفوا وهم يقولون: إنّ هذا من أعاجيب بني عبدالمطّلب، أو نحوها فأنزل الله عزّوجلّ (ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدّون) أي يضجون.(13)


الآيات الدالة على الرجعة المطلقة



الآية الأولى: قوله تعالى: (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ)(1)
عن تفسير القمّي عن محمد بن مسلم عنهما قالا: كلّ قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة فهذه الآية من أعظم الدلالات على الرجعة لأنّ أحداً من أهل الإسلام لا ينكر أنّ الناس كلّهم يرجعون إلى يوم القيامة من هلك ولم يهلك فقوله: لا يرجعون يعني في الرجعة فأمّا إلى يوم القيامة فيرجعون، وأمّا من محض الإيمان محضاً وغيرهم ممّن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضاً فيرجعون(2).

الآية الثانية: قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا)(3) عن تفسير القمّي ومنتخب البصائر عن معاوية بن عمّار قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) قول الله: (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) قال: هي والله للنصّاب قال: جعلت فداك قد رأيتهم ذهرهم الأطول في كفاية حتّى ماتوا قال: ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة(4).

الآية الثالثة: قوله تعالى: (وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ الله أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ الله وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ)(5) في الدمعة عن منتخب البصائر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) سُئل عن قول الله (ولئن قتلتم) الخ فقال: ياجابر أتدري ما سبيل الله؟ قلت: لا والله إلاّ إذا سمعت منك، فقال: القتل في سبيل الله علي وذريته، من قتل في ولايته قتل في سبيل الله وليس أحد يؤمن بهذه الآية إلاّ وله قتلة وميتة، إنّه من قتل فينشر حتّى يموت ومن مات ينشر حتّى يقتل(6). أقول: لعلّ المراد بالحشر(7) الرجعة.

الآية الرابعة: قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)(8) عن مشارق الأنوار: الغيب ثلاثة: يوم الرجعة ويوم القيامة ويوم القائم وهي أيّام آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم)(9).

الآية الخامسة: قوله تعالى: (ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(10) عن مجمع البيان: استدلّ قوم من أصحابنا بهذه الآية على جواز الرجعة وقول من قال إنّ الرجعة لا تجوز إلاّ في زمن النبيّ لتكون معجزاً له ودلالة على نبوّته باطل لأنّ عندنا، بل عند أكثر الاُمّة يجوز إظهار المعجزات على أيدي الأئمّة والأولياء، والأدلّة على ذلك مذكورة في كتب الاُصول. أقول: ويعلم من قوله: (لعلّكم تشكرون) أنّ الشكر إنّما يكون لكونها دار التكليف وإنّما يقع الشكر منهم لرجعتهم والتشفّي لمن ينتقم وهو ساقط عنهم يوم القيامة فيكون ذلك دليلاً على وقوعه في الرجعة فإنّها حق(11).

الآية السادسة: قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ)(12) في الدمعة عن تفسير كنز الدقائق عن زرارة: قلت للباقر (عليه السلام): فإنّ الله يقول: (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ) من قتل لم يذق الموت، قال: لابدّ من أن يرجع حتّى يذوق الموت(13).
وعن تفسير نور الثقلين عن أبي جعفر (عليه السلام):
(كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ)أو منشورة نزل بها على محمّد ليس أحد من هذه الاُمّة إلاّ وينشر فأمّا المؤمنون فينشرون إلى قرّة عين، وأمّا الفجّار فينشرون إلى خزي الله إيّاهم(14).

الآية السابعة: قوله تعالى: (وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)(15) عن تفسير الكشّاف قيل: الضمير متعلق بعيسى بمعنى وإن منهم أحد إلاّ ليؤمننّ بعيسى قبل موت عيسى وهم أهل الكتاب الذين يكونون في زمان نزوله، روي أنّه ينزل من السماء في آخر الزمان فلا يبقى أحد من أهل الكتاب إلاّ ليؤمننّ به حتّى تكون الملّة واحدة فهي ملّة الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجّال وتقع الأمنة حتّى ترتع الأُسود مع الإبل والنسور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات ويلبث في الأرض أربعين سنة ثمّ يتوفّى ويصلّي عليه المسلمون ويدفنونه(16).
وعن تفسير علي بن إبراهيم عن شهر بن حوشب قال: قال لي الحجّاج: يا شهر آية في كتاب الله قد أعيتني فقلت: أيها الأمير أيّة آية؟ فقال: قوله:
(وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)والله انّي لآمر اليهودي والنصراني فيضرب(17) عنقه ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد، فقلت: أصلح الله الأمير ليس على ما تأوّلت قال: كيف هو؟ قلت: إنّ عيسى (عليه السلام) ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملّة، يهودي ولا غيره إلاّ آمن قبل موته ويصلّي خلف المهدي، ققال: ويحك أنّى لك هذا ومن أين جئت؟ فقلت: حدّثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: جئت بها والله من عين صافية(18).

الآية الثامنة: قوله تعالى: (وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)(19)
في الدمعة عن الطبرسي اختلفت في هذه من هم على أقوال أحدها أنّهم قوم من وراء الصين وبينهم وبين الصين وادٍ جارٍ من الرمل لم يغيِّروا ولم يبدلوا(20).
وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام)، إلى أن قال: وقيل: إنّ جبرئيل انطلق بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ليلة المعراج إليهم فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة فآمنوا به وصدّقوه وأمرهم أن يقيموا مكانهم ويتركوا السبت وأمرهم بالصلاة والزكاة ولم تكن نزلت فريضة غيرهما ففعلوا، ثمّ قال (رحمه الله): وروى أصحابنا أنّهم يخرجون مع قائم آل محمّد(21).
وعن المفيد في الإرشاد عن مفضل بن عمر عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: يخرج مع القائم من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون وسلمان وأبودجانة الأنصاري والمقداد بن الأسود ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصاراً وحكّاماً(22). وعن تفسير البرهان عن مفضّل عنه (عليه السلام) قريب من هذا باختلاف يسير(23).

الآية التاسعة: قوله تعالى: (إِنَّ الله اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا)(24) الآية، عن الشيخ حسن بن سليمان في منتخب البصائر عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزّوجلّ: (إِنَّ الله اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الخ فقال: ذلك في الميثاق ثمّ قرأت (التائبون العابدون)(25) فقال أبوجعفر (عليه السلام): لا تقرأ هكذا ولكن اقرأ: التائبين العابدين، إلى آخر الآية، ثمّ قال: إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هؤلاء اشترى منهم أنفسهم وأموالهم يعني في الرجعة. ثمّ قال أبوجعفر (عليه السلام): ما من مؤمن إلاّ وله ميتة وقتلة، من مات بعث حتّى يقتل ومن قتل بعث حتّى يموت(26).

الآية العاشرة: قوله تعالى: (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)(27) عن علي بن إبراهيم في هذه الآية قال: نزلت في الرجعة كذّبوا بها أي إنّها لا تكون، ثمّ قال: (وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ)(28)

الآيات الدالة على الرجعة المطلقة



الآية الأولى: قوله تعالى: (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ)(1)
عن تفسير القمّي عن محمد بن مسلم عنهما قالا: كلّ قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة فهذه الآية من أعظم الدلالات على الرجعة لأنّ أحداً من أهل الإسلام لا ينكر أنّ الناس كلّهم يرجعون إلى يوم القيامة من هلك ولم يهلك فقوله: لا يرجعون يعني في الرجعة فأمّا إلى يوم القيامة فيرجعون، وأمّا من محض الإيمان محضاً وغيرهم ممّن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضاً فيرجعون(2).

الآية الثانية: قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا)(3) عن تفسير القمّي ومنتخب البصائر عن معاوية بن عمّار قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) قول الله: (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) قال: هي والله للنصّاب قال: جعلت فداك قد رأيتهم ذهرهم الأطول في كفاية حتّى ماتوا قال: ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة(4).

الآية الثالثة: قوله تعالى: (وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ الله أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ الله وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ)(5) في الدمعة عن منتخب البصائر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) سُئل عن قول الله (ولئن قتلتم) الخ فقال: ياجابر أتدري ما سبيل الله؟ قلت: لا والله إلاّ إذا سمعت منك، فقال: القتل في سبيل الله علي وذريته، من قتل في ولايته قتل في سبيل الله وليس أحد يؤمن بهذه الآية إلاّ وله قتلة وميتة، إنّه من قتل فينشر حتّى يموت ومن مات ينشر حتّى يقتل(6). أقول: لعلّ المراد بالحشر(7) الرجعة.

الآية الرابعة: قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)(8) عن مشارق الأنوار: الغيب ثلاثة: يوم الرجعة ويوم القيامة ويوم القائم وهي أيّام آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم)(9).

الآية الخامسة: قوله تعالى: (ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(10) عن مجمع البيان: استدلّ قوم من أصحابنا بهذه الآية على جواز الرجعة وقول من قال إنّ الرجعة لا تجوز إلاّ في زمن النبيّ لتكون معجزاً له ودلالة على نبوّته باطل لأنّ عندنا، بل عند أكثر الاُمّة يجوز إظهار المعجزات على أيدي الأئمّة والأولياء، والأدلّة على ذلك مذكورة في كتب الاُصول. أقول: ويعلم من قوله: (لعلّكم تشكرون) أنّ الشكر إنّما يكون لكونها دار التكليف وإنّما يقع الشكر منهم لرجعتهم والتشفّي لمن ينتقم وهو ساقط عنهم يوم القيامة فيكون ذلك دليلاً على وقوعه في الرجعة فإنّها حق(11).

الآية السادسة: قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ)(12) في الدمعة عن تفسير كنز الدقائق عن زرارة: قلت للباقر (عليه السلام): فإنّ الله يقول: (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ) من قتل لم يذق الموت، قال: لابدّ من أن يرجع حتّى يذوق الموت(13).
وعن تفسير نور الثقلين عن أبي جعفر (عليه السلام):
(كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ)أو منشورة نزل بها على محمّد ليس أحد من هذه الاُمّة إلاّ وينشر فأمّا المؤمنون فينشرون إلى قرّة عين، وأمّا الفجّار فينشرون إلى خزي الله إيّاهم(14).

الآية السابعة: قوله تعالى: (وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)(15) عن تفسير الكشّاف قيل: الضمير متعلق بعيسى بمعنى وإن منهم أحد إلاّ ليؤمننّ بعيسى قبل موت عيسى وهم أهل الكتاب الذين يكونون في زمان نزوله، روي أنّه ينزل من السماء في آخر الزمان فلا يبقى أحد من أهل الكتاب إلاّ ليؤمننّ به حتّى تكون الملّة واحدة فهي ملّة الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجّال وتقع الأمنة حتّى ترتع الأُسود مع الإبل والنسور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات ويلبث في الأرض أربعين سنة ثمّ يتوفّى ويصلّي عليه المسلمون ويدفنونه(16).
وعن تفسير علي بن إبراهيم عن شهر بن حوشب قال: قال لي الحجّاج: يا شهر آية في كتاب الله قد أعيتني فقلت: أيها الأمير أيّة آية؟ فقال: قوله:
(وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)والله انّي لآمر اليهودي والنصراني فيضرب(17) عنقه ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد، فقلت: أصلح الله الأمير ليس على ما تأوّلت قال: كيف هو؟ قلت: إنّ عيسى (عليه السلام) ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملّة، يهودي ولا غيره إلاّ آمن قبل موته ويصلّي خلف المهدي، ققال: ويحك أنّى لك هذا ومن أين جئت؟ فقلت: حدّثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: جئت بها والله من عين صافية(18).

الآية الثامنة: قوله تعالى: (وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)(19)
في الدمعة عن الطبرسي اختلفت في هذه من هم على أقوال أحدها أنّهم قوم من وراء الصين وبينهم وبين الصين وادٍ جارٍ من الرمل لم يغيِّروا ولم يبدلوا(20).
وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام)، إلى أن قال: وقيل: إنّ جبرئيل انطلق بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ليلة المعراج إليهم فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة فآمنوا به وصدّقوه وأمرهم أن يقيموا مكانهم ويتركوا السبت وأمرهم بالصلاة والزكاة ولم تكن نزلت فريضة غيرهما ففعلوا، ثمّ قال (رحمه الله): وروى أصحابنا أنّهم يخرجون مع قائم آل محمّد(21).
وعن المفيد في الإرشاد عن مفضل بن عمر عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: يخرج مع القائم من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون وسلمان وأبودجانة الأنصاري والمقداد بن الأسود ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصاراً وحكّاماً(22). وعن تفسير البرهان عن مفضّل عنه (عليه السلام) قريب من هذا باختلاف يسير(23).

الآية التاسعة: قوله تعالى: (إِنَّ الله اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا)(24) الآية، عن الشيخ حسن بن سليمان في منتخب البصائر عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزّوجلّ: (إِنَّ الله اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الخ فقال: ذلك في الميثاق ثمّ قرأت (التائبون العابدون)(25) فقال أبوجعفر (عليه السلام): لا تقرأ هكذا ولكن اقرأ: التائبين العابدين، إلى آخر الآية، ثمّ قال: إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هؤلاء اشترى منهم أنفسهم وأموالهم يعني في الرجعة. ثمّ قال أبوجعفر (عليه السلام): ما من مؤمن إلاّ وله ميتة وقتلة، من مات بعث حتّى يقتل ومن قتل بعث حتّى يموت(26).

الآية العاشرة: قوله تعالى: (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)(27) عن علي بن إبراهيم في هذه الآية قال: نزلت في الرجعة كذّبوا بها أي إنّها لا تكون، ثمّ قال: (وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ)(28)

--------------------------------------------------------------

روى الصدوق عن أبي الصلت الهروي (رضوان الله عليه) في مجريات تجهيز الرضا (عليه أفضل الصلاة و والسلام) أن التابوت الحاوي للجثمان الشريف قد علا وانشق له السقف فمضى، فقال له أبو جعفر الجواد صلوات الله و سلامه عليه : ”أسكت فإنه سيعود، يا أبا الصلت॥ ما من نبي يموت بالمشرق ويموت وصيه بالمغرب إلا جمع الله بين أرواحهما وأجسادهما“ وعندما أتم الإمام الحديث انشق السقف ثانية ونزل التابوت। (عيون أخبار الرضا عليه السلام ج1 ص267).

-----------------------------------