زيارة عاشورآء القدسية


الأربعاء، 15 يونيو 2011

لا فرق بين الأحد و الأحمد إلا ميم الممكنات التي غرق فيها كل شيئ

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إشارات :
إسمه في السماء أحمد و في الأرض محمد - اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين و عجل فرجهم السماء عالم الوحدة و الأرض عالم الكثرة
لا فرق بين الأحد و الأحمد إلا ميم الممكنات التي غرق فيها كل شيئ
الميم في اللهم , في حديث قرأته منذ أمد بعيد في أحد الكتب القديمة و العتيقة عن معناه , ما مضمونه , بأن رسول الله صلى الله عليه و آله الأطهار سئل جبرائيل عن معنى الميم في " اللهم " فأجابه جبرائيل بأن الملائكة, كان يخاطبون الله عز و جل هكذا , يا إله السماء , يا إله الأرض , يا إله الجبال , يا إله البحار , يا إله الطيور , يا إله الوحوش , يا إله الأشجار , يا إله الأنهار , و هكذا تعدد الممكنات فهو إله كل شيئ , فالله عز و جل أوحى لهم بأن يقولوا باللهم بدل إله كذا و كذا من الممكنات , فجميع الممكنات إندكت في ميم .
ملاحظة : " الميم " هو الأدات الجمع في اللغة العبرية , و لعل هناك العديد من المفردات السريانية الداخلة و المستعملة في اللغة العربية باقية على ذلك , و لكن لأجل الفائدة أذكر أن في قضية الملائكة الكروبيين الأصل هو الكروبييم , و الكروبي لفظ ليس عربي في الأصل بل أصله سرياني و لكن إستخدم في كلمات أهل البيت عليهم السلام للإشارة إلى صنف من الملائكة . و أقول لعل , أيضا الجمع في اللغة العربية مأخوذة أو مستلهمة من هذا الجانب , مثل إنه , للمفرد , و إنهم للجمع , فتدبر تعضيد روائي آخر :
((عن أبى بصير، عن أبى عبد الله عليه السلام انه سئل عن تفسير بسم الله الرحمن الرحيم فقال : الباء بهاء الله و السين سناء الله و الميم ملك الله ))(الكافي ج2 ص672 ) و كذلك في معاني الأخبار الصدوق و البرهان الشريف , فكما ترى الرواية فسرت الميم بملك الله , و مُلك الله هو جميع الممكنات ما يرٌى و ما لا يٌرى .
لا فرق بين الأحد و الأحمد إلا ميم الممكنات هذا الميم , إشارة إلى الوجود المنبسط , إلى الحقيقة المحمدية العلوية و إليها الإشارة أيضا في هذه الآيات الكريمات : ن و القلم و ما يسطرون
نون من أسماء رسول الله صلى الله عليه و آله الأطهار , و القلم من أسماء أمير المؤمنين سلام الله عليه نون من أسماء المحبرة , و القلم يأخذ من المحبرة , فيكتب الكلمات , فكل ما في الوجود إنما هي كلمات للباري عز و جل , فهناك كلمات تامة , و كلمات أتم , و هكذا , و لا نفاد لكلمات ربك , و أول ما يبدأ بكتابة الكلمة تبدأ بالنقطة , النقطة السيالة التي تبقى في القلم , و هي تجري على صفحة هذا الوجود , فهذه الكلمات التي يسطرها هذا القلم يأخذها من المحبرة , فكل الكلمات كانت موجودة و مندكة في هذا الحبر , الذي هو نون , و نون من أسماء رسول الله صلى الله عليه و آله الأطهار , و هو الميم , الذي جمعت فيه الممكنات بأجمعها , و هو الوجود المنبسط الذي به إنبسط الوجود على الكائنات , الحقيقة المحمدية العلوية . و الله عز و جل يُقسم بهما , نون و القلم و ما يسطرون , فأنت لو تدبرت في حركة القلم , لريأنا أنها أتت هكذا " القلمِ " أي مكسورة , و هكذا تأتي الأقسام في القرآن الكريم . الآية أيضا قالت " و ما يسطرون " أي جمعت بين الحقيقة المحمدية العلوية معا , فلم تفرد أحدهما دون الآخر فأتت بلفظة " ما " أي كلهما معا .
و لعلنا لا نجد أصرح في هذا المعنى من العبارات التالية الواردة في دعاء خرج من توقيعا من الناحية المقدسة و الذي ذكره شيخ الطائفة الطوسي رضوان الله عليه في كتابه الجليل و المُعتمد , مصباح المتهجد , في أدعية شهر رجب المرجب الأصب :
" «اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك المأمونون على سرك المستبشرون بأمرك الواصفون لقدرتك المعلنون لعظمتك أسألك بما نطق فيهم من مشيتك فجعلتهم معادن لكلماتك و أركانا لتوحيدك و آياتك و مقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك و بينها إلا أنهم عبادك و خلقك فتقها و رتقها بيدك بدؤها منك و عودها إليك أعضاد و أشهاد و مناة و أذواد و حفظة و رواد فبهم ملأت سماءك و أرضك حتى ظهر ألا إله إلا أنت فبذلك أسألك و بمواقع العز من رحمتك و بمقاماتك و علاماتك أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تزيدني إيمانا و تثبيتا يا باطنا في ظهوره و ظاهرا في بطونه و مكنونه يا مفرقا بين النور و الديجور يا موصوفا بغير شبه حاد كل محدود و شاهد كل مشهود و موجد كل موجود و محصي كل معدود و فاقد كل مفقود ليس دونك من معبود أهل الكبرياء و الجود يا من لا يكيف بكيف و لا يؤين بأين يا محتجبا عن كل عين يا ديموم يا قيوم و عالم كل معلوم صل على عبادك المنتجبين و بشرك المحتجبين و ملائكتك المقربين و الُبهم >البُهم أي مبهمة , ذوات مُبهمة للملائكة و هي أعلى مقامات الملائكة < الصافين الحافين و بارك لنا في شهرنا هذا المرجب المكرم و ما بعده من أشهر >الأشهر< الحرم و أسبغ علينا فيه النعم و أجزل لنا فيه القسم و أبرر لنا فيه القسم باسمك الأعظم الأعظم الأجل الأكرم الذي وضعته على النهار فأضاء و على الليل فأظلم فاغفر لنا ما تعلم منا و لا نعلم و اعصمنا من الذنوب خير العصم و اكفنا كوافي قدرك و امنن علينا بحسن نظرك و لا تكلنا إلى غيرك و لا تمنعنا من خيرك و بارك لنا فيما كتبته لنا من أعمارنا و أصلح لنا خبيئة أسرارنا و أعطنا منك الأمان و استعملنا بحسن الإيمان و بلغنا شهر الصيام و ما بعده من الأيام و الأعوام يا ذا الجلال و الإكرام » "
و كذلك لعل من تدبر في بدايات الدعآء الشريف المروي عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب صلوات الله و سلامه عليهما المعروف بدعآء كميل رضوان الله عليه , سيتفطن لهذا المعنى :
ّ" اَللّـهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء ، وَ بِقُوَّتِكَ الَّتي قَهَرْتَ بِها كُلَّ شَيْء ، وَ خَضَعَ لَها كُلُّ شَيء ، وَ ذَلَّ لَها كُلُّ شَيء ، وَ بِجَبَرُوتِكَ الَّتي غَلَبْتَ بِها كُلَّ شَيء ، وَ بِعِزَّتِكَ الَّتي لا يَقُومُ لَها شَيءٌ ، وَ بِعَظَمَتِكَ الَّتي مَلأَتْ كُلَّ شَيء ، وَ بِسُلْطانِكَ الَّذي عَلا كُلَّ شَيء ، وَ بِوَجْهِكَ الْباقي بَعْدَ فَناءِ كُلِّ شَيء ، وَ بِأَسْمائِكَ الَّتي مَلأَتْ أرْكانَ كُلِّ شَيء ، وَ بِعِلْمِكَ الَّذي أَحاطَ بِكُلِّ شَيء ، وَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذي أَضاءَ لَهُ كُلُّ شيء ، يا نُورُ يا قُدُّوسُ ، يا أَوَّلَ الأوَّلِينَ وَ يا آخِرَ الآخِرينَ "
و قد وردت في بعض الأدعية عبارة " معادن كلماتك "
هناك كتابان كتاب تكويني و كتاب تدويني , و كل كتاب فيها كلمات , فكلمات الكتاب التدويني إنما هي ألفاظ و حروف و تركيب , و هي قالب للكتاب التدويني الحقيقي الواقعي الوجودي , و كلمات الكتاب التكويني هي الكلمات الحقيقية .
و قد شبّه الله تعالى هذا الوجود بالكتاب أيضا في قوله تعالى : " يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ " .
و الإنسان صورة هذا العالم المطوية فيه , " أتحسب أنك جرم صغير و فيك إنطوى العالم الأكبر " .
أحب إضافة هذا النص المفيد و القصير للسيد الإمام الخميني قدس سره الشريف خصوص الإسمين الشريفين : أحمد و محمّد صلى الله عليه و آله الأطهار
يقول السيد الإمام الخميني قدس سره الشريف في تعلقيته على كتاب شرح فصوص الحكم في صفحات 195 -196 :
و في ما يتعلق بإسمين الشريفين : أحمد و محمّد صلى الله عليه و آله الأطهار
يقول قدس سره

" و إتصال ما قبله من الحروف به و إتصاله بما قبله في غير هذا الإسم لا يوجب كونه من حروف الإتصال مطلقا . "
قوله : " و إتصال ما قبله من الحروف " الخ , فإنّ الإتصال بما قبله هو الإتصال بالحقيقة الغيبية التي كلّ دابّة متّصلة بها " وما من دابّة إلا هو آخذ بناصيتها " الآية , أو الإتصال بالحق بمقامه الأسمائي و هو كمال العبد و يوجب الإنقطاع عمّا بعده , و لولا الأنقطاع عمّا بعده من الحروف لم يتّصل بما قبله . و أما المقام المحمّدي , فهو مقام البرزخيّة الكبرى و الجامعة للوحدة و الكثرة و الحق و الخلق , " و هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن " و إسمُهُ " المحمدي " مُـلكيّ , و لهذا يكون حروف الإتصال فيه أكثر ؛ و إسمُه " الأحمدي " ملكوتي و لهذا احتف بحروف الأنفصال . و في كون حرف الإتصال آخر اسمه المحمدي [د] سِرّ بل أسرار . "

هناك رواية جميلة رواها صاحب تفسير مجمع البيان في تفسيره , لعل تتوضح منها شيئ عن معنى الإتصال و الإنفصال :
" قال الإمام علي بن موسى الرضا صلوات الله و سلامه عليهما قال : سُئل جعفر بن محمّد صلوات الله و سلامه عليهما
عن قوله : " الم " فقال : في الألف ست صفات من صفات الله تعالى :
الإبتدآء , فإن الله ابتدأ جميع الخلق . الألف ابتداء الحروف .
و الإستواء , فهو عادل غير جائر , و الألف مستوٍ في ذاته .
و الإنفراد فالله فردٌ , و الألف فردٌ .
و إتّصال الخلق بالله , و الله لا يتّصل بالخلق , و كلّهم محتاجون إلى الله , و الله غني عنهم , فكذلك الألف لا يتصل بالحروف و الحروف متصلةٌ به , و هو منقطعٌ عن غيره , والله تعالى بائنٌ بجميع صفاته من خلقه , و معناه من الألفة , فكما أن الله تعالى سبب إلفة الخلق فكذلك الألف عليه تألفت الحروف و هو سبب ألفتها " إنتهى . تفسير مجمع البيان ج 1 ص 75 , تفسير الثعلبي ج1 ص 140 .



-----------------------------------------------------------------------------
في كتاب " جمال الأسبوع " للسيد الفاضل و الجليل القدر إبن طاووس رضوان الله عليه , جاء هذا الدعآء , و فيها فقرة " معادن كلماتك " و رأيت من المناسب أن أذكره هنا :


ذكر الدعاء لصاحب الأمر المروي عن الرضا عليهما أفضل السلام
حدثني الجماعة الذين قدمت ذكرهم في عدة مواضع من هذا الكتاب بإسنادهم إلى جدي أبي جعفر الطوسي تلقاه الله جل جلاله بالأمان و الرضوان يوم الحساب قال أخبرنا ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن بن سعيد بن عبد الله و الحميري و علي بن إبراهيم و محمد بن الحسن الصفار كلهم عن إبراهيم بن هاشم عن إسماعيل بن مولد و صالح بن السندي عن يونس بن عبد الرحمن و رواه جدي أبو جعفر الطوسي فيما يرويه عن يونس بن عبد الرحمن بعدة طرق تركت ذكرها كراهية للإطالة في هذا المكان يروي عن يونس بن عبد الرحمن أن الرضا (ع) كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر (ع) بهذا اللهم ادفع عن وليك و خليفتك و حجتك على خلقك و لسانك المعبر عنك بإذنك الناطق بحكمتك و عينك الناظرة على بريتك و شاهدك على عبادك الجحجاح المجاهد العائذ بك عندك و أعذه من شر جميع ما خلقت و برأت و أنشأت و صورت و احفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوقه و من تحته بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به و احفظ فيه رسولك و آباءه أئمتك و دعائم دينك و اجعله في وديعتك التي لا تضيع و في جوارك الذي لا يحقر و في منعك و عزك الذي لا يقهر و آمنه بأمانك الوثيق الذي لا يخذل من آمنته به و اجعله في كنفك الذي لا يرام من كان فيه و أيده و انصره بنصرك العزيز و أيده بجندك الغالب و قوه بقوتك و اردفه بملائكتك و وال من والاه و عاد من عاداه و ألبسه درعك الحصينة و حفه بالملائكة حفا اللهم و بلغه أفضل ما بلغت القائمين بقسطك من أتباع النبيين اللهم اشعب به الصدع و ارتق به الفتق و أمت به الجور و أظهر به العدل و زين بطول بقائه الأرض و أيده بالنصر و انصره بالرعب و قو ناصريه و اخذل خاذليه و دمدم على من نصب له و دمر على من غشه و اقتل به جبابرة الكفر و عمده و دعائمه و اقصم به رءوس الضلالة و شارعة البدع و مميتة السنة و مقوية الباطل و ذلل به الجبارين و أبر به الكافرين و جميع الملحدين في مشارق الأرض و مغاربها و برها و بحرها و سهلها و جبلها حتى لا تدع منهم ديارا و لا تبقي لهم آثارا اللهم طهر منهم بلادك و اشف منهم عبادك و أعز به المؤمنين و أحي به سنن المرسلين و دارس حكمة النبيين و جدد به ما امتحى من دينك و بدل من حكمك حتى تعيد دينك به و على يديه جديدا غضا محضا صحيحا لا عوج فيه و لا بدعة معه و حتى تنير بعدله ظلم الجور و تطفئ به نيران الكفر و توضح به معاقد الحق و مجهول العدل فإنه عبدك الذي استخلصته لنفسك و اصطفيته من خلقك و اصطفيته على عبادك و ائتمنته على غيبك و عصمته من الذنوب و برأته من العيوب و طهرته من الرجس و سلمته من الدنس اللهم فإنا نشهد له يوم القيامة و يوم حلول الطامة أنه لم يذنب ذنبا و لا أتى حوبا و لم يرتكب معصية و لم يضيع لك طاعة و لم يهتك لك حرمة و لم يبدل لك فريضة و لم يغير لك شريعة و أنه الهادي المهدي الطاهر التقي النقي الرضي الزكي اللهم أعطه في نفسه و أهله و ولده و ذريته و أمته و جميع رعيته ما تقر به عينه و تسر به نفسه و تجمع له ملك المملكات كلها قريبها و بعيدها و عزيزها و ذليلها حتى يجري حكمه على كل حكم و يغلب بحقه كل باطل اللهم اسلك بنا على يديه منهاج الهدى و المحجة العظمى و الطريقة الوسطى التي يرجع إليها الغالي و يلحق بها التالي و قونا على طاعته و ثبتنا على مشايعته و امنن علينا بمتابعته و اجعلنا في حزبه القوامين بأمره الصابرين معه الطالبين رضاك بمناصحته حتى تحشرنا يوم القيامة في أنصاره و أعوانه و مقوية سلطانه اللهم و اجعل ذلك لنا خالصا من كل شك و شبهه و رياء و سمعه حتى لا نعتمد به غيرك و لا نطلب به إلا وجهك و حتى تحلنا محله و تجعلنا في الجنة معه و أعذنا من السامة و الكسل و الفترة و اجعلنا ممن تنتصر به لدينك و تعز به نصر وليك و لا تستبدل بنا غيرنا فإن استبدالك بنا غيرنا عليك يسير و هو علينا عسير اللهم صل على ولاة عهده و الأئمة من بعده و بلغهم آمالهم و زد في آجالهم و أعز نصرهم و تمم لهم ما أسندت إليهم في أمرك لهم و ثبت دعائمهم و اجعلنا لهم أعوانا و على دينك أنصارا فإنهم معادن كلماتك و أركان توحيدك و دعائم دينك و ولاة أمرك و خالصتك من عبادك و صفوتك من خلقك و أولياؤك و سلائل أوليائك و صفوة أولاد رسلك و السلام عليهم و رحمة الله و بركاته

يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه الكامل العلامة الفاضل البارع الورع رضي الدين ركن الإسلام جمال العارفين أفضل السادة أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الحسيني كبت الله أعداءه بمحمد و آله قد تضمن هذا الدعاء قوله (ع) اللهم صل على ولاة عهده و الأئمة من بعده و لعل المراد بذلك أن الصلاة على الأئمة الذين يرتبهم في أيامه للصلاة بالعباد في البلاد و الأئمة في الأحكام في تلك الأيام و أن الصلاة عليهم تكون بعد ذكر الصلاة عليه (ص) بدليل قوله ولاة عهده لأن ولاة العهود يكونون في الحياة فكان المراد اللهم صل بعد الصلاة عليه على ولاة عهده و الأئمة من بعده و قد تقدم في الرواية عن مولانا الرضا (ع) و الأئمة من ولده و لعل هذه قد كانت صل على ولاة عهده و الأئمة من ولده فقد وجدت ذلك كما ذكرناه في نسخة غير ما رويناه و قد روي أنهم من أبرار العباد في حياته و وجدت رواية متصلة الإسناد بأن للمهدي (ص) أولاد جماعة ولاة في أطراف بلاد البحار على غاية عظيمة من صفات الأبرار و روي تأويل غير ذلك مذكور في الأخبار
و وجدت هذا الدعاء برواية تغني عن هذا التأويل و ما ذكرها لأنها أتم في التفصيل و هي ما حدث به الشريف الجليل أبو الحسين زيد بن جعفر العلوي المحمدي قال حدثنا أبو الحسين إسحاق بن الحسن ]الحسن العلوي[ الغفراني قال حدثنا محمد بن همام بن سهيل الكاتب و محمد بن شعيب بن أحمد المالكي جميعا عن شعيب بن أحمد المالكي عن يونس بن عبد الرحمن عن مولانا أبي الحسن علي بن موسى الرضا (ع) أنه كان يأمر بالدعاء للحجة صاحب الزمان (ع) فكان من دعائه له (ص)
اللهم صل على محمد و آل محمد و ادفع عن وليك و خليفتك و حجتك على خلقك و لسانك المعبر عنك بإذنك الناطق بحكمتك و عينك الناظرة في بريتك و شاهدا ]الشاهد[ على عبادك الجحجاح المجاهد المجتهد عبدك العائذ بك اللهم و أعذه من شر ما خلقت و ذرأت و برأت و أنشأت و صورت و احفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوقه و من تحته بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به و احفظ فيه رسولك و وصي رسولك و آباء أئمتك و دعائم دينك صلواتك عليهم أجمعين و اجعله في وديعتك التي لا تضيع و في جوارك الذي لا يحتقر و في منعك و عزك الذي لا يقهر اللهم و آمنه بأمانك الوثيق الذي لا يخذل من آمنته به و اجعله في كنفك الذي لا يضام من كان فيه و انصره بنصرك العزيز و أيده بجندك الغالب و قوه بقوتك و اردفه بملائكتك اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و ألبسه درعك الحصينة و حفه بملائكتك حفا اللهم و بلغه أفضل ما بلغت القائلين بقسطك من أتباع النبيين اللهم اشعب به الصدع و ارتق به الفتق و أمت به الجور و أظهر به العدل و زين بطول بقائه الأرض و أيده بالنصر و انصره بالرعب و افتح له فتحا يسيرا و اجعل له من لدنك على عدوك و عدوه سلطانا نصيرا اللهم اجعله القائم المنتظر و الإمام الذي به تنتصر و أيده بنصر عزيز و فتح قريب و ورثه مشارق الأرض و مغاربها اللاتي باركت فيها و أحي به سنة نبيك صلواتك عليه و آله حتى لا يستخفي بشي‏ء من الحق مخافة أحد من الخلق و قو ناصره و اخذل خاذله و دمدم على من نصب له و دمر على من غشه اللهم و اقتل به جبابرة الكفر و عمده و دعائمه و القوام به و اقصم به رءوس الضلالة و شارعة البدعة و مميتة السنة و مقوية الباطل و اذلل به الجبارين و أبر به الكافرين و المنافقين و جميع الملحدين حيث كانوا و أين كانوا من مشارق الأرض و مغاربها و برها و بحرها و سهلها و جبلها حتى لا تدع منهم ديارا و لا تبقي لهم آثارا اللهم و طهر منهم بلادك و اشف منهم عبادك و أعز به المؤمنين و أحي به سنن المرسلين و دارس حكم النبيين و جدد به ما محي من دينك و بدل من حكمك حتى تعيد دينك به و على يديه غضا جديدا صحيحا محضا لا عوج فيه و لا بدعة معه حتى تنير بعدله ظلم الجور و تطفئ به نيران الكفر و تظهر به معاقد الحق و مجهول العدل و توضح به مشكلات الحكم اللهم و إنه عبدك الذي استخلصته لنفسك و اصطفيته من خلقك و اصطفيته على عبادك و ائتمنته على غيبك و عصمته من الذنوب و برأته من العيوب و طهرته و صرفته عن الدنس و سلمته من الريب اللهم فإنا نشهد له يوم القيامة و يوم حلول الطامة أنه لم يذنب و لم يأت حوبا و لم يرتكب لك معصية و لم يضيع لك طاعة و لم يهتك لك حرمة و لم يبدل لك فريضة و لم يغير لك شريعة و إنه الإمام التقي الهادي المهدي الطاهر التقي الوفي الرضي الزكي اللهم فصل عليه و على آبائه و أعطه في نفسه و ولده و أهله و ذريته و أمته و جميع رعيته ما تقر به عينه و تسر به نفسه و تجمع له ملك المملكات كلها قريبها و بعيدها و عزيزها و ذليلها حتى يجري حكمه على كل حكم و يغلب بحقه على كل باطل اللهم و اسلك بنا على يديه منهاج الهدى و المحجة العظمى و الطريقة الوسطى التي يرجع إليها الغالي و يلحق بها التالي اللهم و قونا على طاعته و ثبتنا على مشايعته و امنن علينا بمتابعته و اجعلنا في حزبه القوامين بأمره الصابرين معه الطالبين رضاك بمناصحته حتى تحشرنا يوم القيامة في أنصاره و أعوانه و مقوية سلطانه اللهم صل على محمد و آل محمد و اجعل ذلك كله منا لك خالصا من كل شك و شبهة و رياء و سمعة حتى لا نعتمد به غيرك و لا نطلب به إلا وجهك و حتى تحلنا محله و تجعلنا في الجنة معه و لا تبتلنا في أمره بالسأمة و الكسل و الفترة و الفشل و اجعلنا ممن تنتصر به لدينك و تعز به نصر وليك و لا تستبدل بنا غيرنا فإن استبدالك بنا غيرنا عليك يسير و هو علينا كبير إنك على كل شي‏ء قدير اللهم و صل على ولاة عهوده و بلغهم آمالهم و زد في آجالهم و انصرهم و تمم لهم ما أسندت إليهم من أمر دينك و اجعلنا لهم أعوانا و على دينك أنصارا و صل على آبائه الطاهرين الأئمة الراشدين اللهم فإنهم معادن كلماتك و خزان علمك و ولاة أمرك و خالصتك من عبادك و خيرتك من خلقك و أوليائك و سلائل أوليائك و صفوتك و أولاد أصفيائك صلواتك و رحمتك و بركاتك عليهم أجمعين اللهم و شركاؤه في أمره و معاونوه على طاعتك الذين جعلتهم حصنه و سلاحه و مفزعه و أنسه الذين سلوا عن الأهل و الأولاد و تجافوا الوطن و عطلوا الوثير من المهاد قد رفضوا تجاراتهم و أضروا بمعايشهم و فقدوا في أنديتهم بغير غيبة عن مصرهم و حالفوا البعيد ممن عاضدهم على أمرهم و خالفوا القريب ممن صد عن وجهتهم و ائتلفوا بعد التدابر و التقاطع في دهرهم و قطعوا الأسباب المتصلة بعاجل حطام من الدنيا فاجعلهم اللهم في حرزك و في ظل كنفك و رد عنهم بأس من قصد إليهم بالعداوة من خلقك و أجزل لهم من دعوتك من كفايتك و معونتك لهم و تأييدك و نصرك إياهم ما تعينهم به على طاعتك و أزهق بحقهم باطل من أراد إطفاء نورك و صل على محمد و آله و املأ بهم كل أفق من الآفاق و قطر من الأقطار قسطا و عدلا و رحمة و فضلا و اشكر لهم على حسب كرمك و جودك و ما مننت به على القائمين بالقسط من عبادك و أذخر لهم من ثوابك ما ترفع لهم به الدرجات إنك تفعل ما تشاء و تحكم ما تريد آمين رب العالمين

يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه الكامل العلامة الفاضل البارع الورع رضي الدين ركن الإسلام جمال العارفين أفضل السادة أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الحسيني كبت الله أعداءه فهذه الرواية قد اشتملت على ما لم تشتمل عليه الرواية الأولى من الرواية فادع بها إن شئت أن تكون من أهل السعود و احفظ فيها جانب الملك المعبود و تأدب بين يديه كما كنا قدمناه و أشرنا إليه
-----------------------------------------------------------------------------
و أسألكم خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها
يا علي

 أحبب إضافة هذا النص المفيد و القصير للسيد الإمام الخميني قدس سره الشريف خصوص الإسمين الشريفين : أحمد و محمّد صلى الله عليه و آله الأطهار 

يقول السيد الإمام الخميني قدس سره الشريف في تعلقيته على كتاب شرح فصوص الحكم في صفحات 195 -196 :
و في ما يتعلق بإسمين الشريفين : أحمد و محمّد صلى الله عليه و آله الأطهار
يقول قدس سره

" و إتصال ما قبله من الحروف به و إتصاله بما قبله في غير هذا الإسم لا يوجب كونه من حروف الإتصال مطلقا . "
قوله : " و إتصال ما قبله من الحروف " الخ , فإنّ الإتصال بما قبله هو الإتصال بالحقيقة الغيبية التي كلّ دابّة متّصلة بها " وما من دابّة إلا هو آخذ بناصيتها " الآية , أو الإتصال بالحق بمقامه الأسمائي و هو كمال العبد و يوجب الإنقطاع عمّا بعده , و لولا الأنقطاع عمّا بعده من الحروف لم يتّصل بما قبله . و أما المقام المحمّدي , فهو مقام البرزخيّة الكبرى و الجامعة للوحدة و الكثرة و الحق و الخلق , " و هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن " و إسمُهُ " المحمدي " مُـلكيّ , و لهذا يكون حروف الإتصال فيه أكثر ؛ و إسمُه " الأحمدي " ملكوتي و لهذا احتف بحروف الأنفصال . و في كون حرف الإتصال آخر اسمه المحمدي [د] سِرّ بل أسرار . "



و أسألكم خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها
يا علي

هناك رواية جميلة رواها صاحب تفسير مجمع البيان في تفسيره , لعل تتوضح منها شيئ عن معنى الإتصال و الإنفصال : 
" قال الإمام علي بن موسى الرضا صلوات الله و سلامه عليهما قال : سُئل جعفر بن محمّد صلوات الله و سلامه عليهما 
عن قوله : " الم " فقال : في الألف ست صفات من صفات الله تعالى :
الإبتدآء , فإن الله ابتدأ جميع الخلق . الألف ابتداء الحروف .
و الإستواء , فهو عادل غير جائر , و الألف مستوٍ في ذاته .
و الإنفراد فالله فردٌ , و الألف فردٌ .
و إتّصال الخلق بالله , و الله لا يتّصل بالخلق , و كلّهم محتاجون إلى الله , و الله غني عنهم , فكذلك الألف لا يتصل بالحروف و الحروف متصلةٌ به , و هو منقطعٌ عن غيره , والله تعالى بائنٌ بجميع صفاته من خلقه , و معناه من الألفة , فكما أن الله تعالى سبب إلفة الخلق فكذلك الألف عليه تألفت الحروف و هو سبب ألفتها " إنتهى . تفسير مجمع البيان ج 1 ص 75 , تفسير الثعلبي ج1 ص 140 .

بيانات آية الله العظمي وحيد خراساني مد ظله درباره ساحت قدسي رسول خدا صلي الله عليه و آله وسلم

http://wahidkhorasani.com/web/index....%D8%AD&lang=fa

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي سيدنا محمد وآله الطاهرين سيما بقية الله في الارضين واللعن علي أعدائهم إلي يوم الدين

بحث ما در اين آيات به اينجا رسيد: لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ... و لکن نکته اي که مهم است، اين است که ولو مفصل بحث شد در اين دو سه آيه اما حق مطلب ادا نشد و نخواهد شد. آنچه بايد توجه شود اين است که در اين سوره که قلب قرآن است، خدا کاري کرده که با هيچ پيغمبري نکرده؛

اولا: يک آيه فقط در اسم او نازل کرده: يس . خود اين يک آيه شدنش عقل کمّل را متحير مي‌کند، بعد هم انتخاب کرده اين اسم را.

در قرآن اسمايي براي آن حضرت است؛ اسم زميني: محمد. آن اسم را هم وقتي ذکر کرده باز توأم کرده با يک مقامي که کلي منحصر به فرد است. "مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ"؛ اسم آسماني را ذکر کرده - اين نکته‌ها را بايد اهل نظر کار کنند- آن اسم آسماني را هم وقتي بيان کرده... نکته‌ي مهم اين است که اسم عيسي را آورده و مسيح را مقدمه کرده؛ عيسي بن مريم کلمة الله، روح الله، با آن همه مقام: محيي موتي، مبرء اکمه و ابرص، ولي در عين حال منصبش اين است: إنّي مبّشر... إنّي مبّشر، مورد بشارت چيست؟ بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ. اين سير بحث نشان مي‌دهد که مقام مقامي است که نه عقلي قدرت درک دارد، نه احدي از جن و انس و ملک مي‌تواند بفهمد.

وقتي رفت در مقام عروج - اين مطالب ظاهري دارد[و] باطني- جبرئيلي که شَدِيدُ الْقُوَى ، ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى، جبرئيلي که بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى، جبرئيلي که تمام مدائن قوم لوط را بر يک پر از بال خودش گرفت و سرنگون کرد، متوقف شد، فرمود: چرا مرا تنها مي‌گذاري؟ گفت: برو که در اين جا نه ملک مقربي، نه پيغمبر مرسلي مي‌تواند قسم ياد کند.

آن کاري که خدا در اين سوره [يس] کرده که با احدي از انبياء نکرده، اين است: موسي را فرستاد با تورات، عيسي را فرستاد با انجيل، ابراهيم را فرستاد با صحف، ولي به کتاب احدي از انبياء قسم ياد نکرد اما به اين جا که رسيد، فرمود: يس ، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ؛ قسم به قرآن حکيم! تو مرسل مايي. اين رسالت چه رسالتي است؟ اين گوهر نشناخته چه گوهري است؟ بايد کساني که اهل فکر اند، در بحث دقت کنند و مجهز بشوند و او را آن چنان که خدا معرفي کرده، تعريف کنند. ولو وقت کم است اما به اندازه‌ي وقت[تعريفي مي آوريم].

معرِّف بايد اجلا باشد از معرَّف يا مساوي، لذا تعريف او غلط است الا از دو مقام: يکي ذات قدوس پروردگار؛ يکي هم آن کسي که در خود قرآن وجود تنزيلي او است. به اتفاق عامه و خاصه: وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ.

اما خدا چه فرموده؟ مطالبي است که ذات قدوس حق در وصف او گفته، فقط به يک کلمه اکتفاء مي‌کنيم. يک سوره نازل کرده به اسم سوره‌ي شمس، يک سوره نازل کرده به اسم سوره‌ي ضحي؛ و مهم اين است که در يک سوره قسم خورده به خود آن خورشيد و به ضحي و نوري که از او در عالم پخش شده، باز در يک سوره ديگر بالنسبه به نوري که از او منتشر شده، قسم مستقلي ياد کرده.

در اين سوره فرموده: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا. منظومه دو منظومه است: يکي منظومه‌ي مُلک، يکي منظومه‌ي ملکوت. قرآن مجيد ظاهرش ناظر به مُلک است، باطنش ناظر به ملکوت است. مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُت. اگر در اين منظومه براي پرورش معادن، خورشيد [را] آفريده، در آن منظومه هم براي پرورش معادن انسانيت... الناس معادن... الناس معادن کمعادن الذهب والفضة. مستخرج اين معادن، شمس منظومه‌ي ملکوت است.

لذا حجت خدا فرمود: تأويل آيه اين است: قسم به آفتابي که احمد مصطفي است، اوست آفتاب منظومه‌ي ملکوت، و ضحاي او ديني است که از او در عالم منتشر شده. حالا خود او چه گوهري است، ضحاي او که باز در آن سوره ديگر فرموده: والضحي، آن ضحي چه ضحايي است، بايد رجوع کرد به کلمات آن کسي که وجود تنزيلي او[يعني اميرالمؤمنين عليه السلام] است. قسمتي از آن کلمات[او] - چون همان طوري که ابن ابي الحديد تا حدي که فهميد- دون کلام خالق است و فوق کلام مخلوق، لذا نمي‌شود ترجمه کرد، ترجمه قاصر است، متن روايت که اهل دقت اين را درک کنند، آن هم نهج البلاغه، بيان اين است:

اجعل شرائف صلواتك ، ونوامى بركاتك ، على محمد عبدك ورسولك - افسوس که وقت نيست- الخاتم لما سبق ، والفاتح لما انغلق؛ کسي که مهرِ ختم زده بر آنچه که گذشته، کسي که کليد بر قفل هر منغلقي زده، والفاتح لما انغلق والمعلن الحق بالحق . اصلا عقل بشريت مبهوت مي‌شود. اين است کلي منحصر به فرد. والمعلن الحق بالحق ، ديگر ختم کلام، در حق است؛ حق و بالحق منتهي به او است. اين است ذهاب او. والمعلن الحق بالحق، فهو أمينك، او امين تو است. امين اگر امين خدا بود، ديگر کافي است ولي نکته‌ي مهم اين است که باز ضميمه کرده. اين کلام کيست؟ کلام کسي است که عقل مبهوت است در بلاغت و فصاحت و حکمت او؛ فهو أمينك المأمون. اين مقدمه است. ذي المقدمه اين است: وخازن - پيغمبر را بشناسيد - وخازن علمك المخزون. دو علم دارد ذات قدوس او: يک علمي که تحميل کرده به انبياء، اولياء؛ آن علم به صورت کتب سماوي آمده ،اما غوغا اين جا است: - اين است کسي که ثاني براي او قابل تصور نيست- آن خدايي که علم مخزون دارد، خزينه‌ي آن علم، قلب خاتم النبيين است. وخازن علمك ، اما نه علم مشهود، علم مخزون. ابراهيم اين جا به زمين افتاده! از آدم تا عيسي سر به پايش نهاده! خزينه‌دار علم مخزون، او است.

منصب آخر: وشهيدك يوم الدين؛ او کسي است که شاهد تو است روز قيامت. روز قيامت که مي‌شود به حکم قرآن: لَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ، هم از مرسل سؤال مي‌شود، هم از مرسل اليه. از امم سؤال[مي شود]، از رسل هم سؤال. آن روز استثنا بردار نيست. وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ. اول کسي که مسئول است خود پيغمبر خاتم است. سؤال مي‌شود: هل بلّغت؟ آيا تبليغ کردي آن تبليغي که اعلان حق است به حق؟ مي گويد: بلي! خطاب مي‌آيد: شاهد تو کيست؟ کيست که اين جور قدرت حرف زدن آن روز داشته باشد؟ جوابش اين است: شاهد من تويي. خدا شهادت مي‌دهد. بعد مي‌آورند ابراهيم خليل را: هل بلغت؟ مي‌گويد: نعم! شاهد تو کيست؟ شاهد من پيغمبر خاتم است. او را به شهادت مي‌طلبند براي ابراهيم. خودش نمي‌آيد، دو نفر را مي‌فرستد: يکي امير المؤمنين، يکي جعفر طيار. اين دو تا به نيابت او شهادت مي‌دهند بر رسالت ابراهيم. نوح آورده مي‌شود، موسي، عيسي، همه‌ي انبياء. شاهد از آن‌ها مي خواهند، منحصرا شاهد اوست. اين است: وشهيدک يوم الدين. اين در نهج البلاغه.

اما در قرآن: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا. ديگر به بقيه‌ي کلمات آن حضرت نمي‌رسيم. مسئله اين است: خلقت[ رسول الله] اولش چه بوده، بعد ولادت چگونه بوده، بعد رضاع چه جور بوده، بعد بعثت چه جور بوده، بعد وفات چه جور بوده، هر يک قيامتي است. خلق الله محمدا من نور عظمته . ديگر اين جا کُمِيت اولين و آخرين لنگ است. مبدأ خلقت، نور عظمت خدا. کي خلق شده؟ تا عالم خلق شده چقدر فاصله بوده؟ "اول ما خلق" او است، آن هم مبد‌أ خلقت اين. بعد اهل بيت او از نور او. بعد بقيه‌ي انوار از نور اهل بيت او. سير مسئله اين است.

آنچه درکش براي ما قابل نيست، فقط گفتنش ميّسر است: هزار دهر... دهر چيست؟ عالَم، سه عالَم است: زمان، دهر، سرمد. هزار دهر فقط او بود و خدا؛ خدا بود و او. هزار دهر... بعد از هزار دهر، ارواح انبياء را خلق کرد. از وقت خلقت ارواح انبياء تا زمان خلقت آدم دوهزار سال فاصله است، نه به سالي که در اين عالم است، سنين ربوبي! يک روزش عند الرب پنجاه هزار است. به همچو سالي دو هزار سال قبل از خلقت آدم ارواح انبياء را آفريد. بعد که ارواح انبياء را آفريد، اين آيه پيدا شد: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ - اين است پيغمبر خاتم- وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ ،[در] جمع محلي به ال، از آدم تا به عيسي همه مأخوذ. مورد ميثاق چيست؟ کتاب و حکمتي است که به آن‌ها داد. بعد عمده اين است: ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ. ميثاق از صد و بيست و چهار هزار پيغمبر گرفت که همه بايد ايمان به او بياوريد، وَلَتَنْصُرُنَّهُ، همه بايد ياور او باشيد؛ خلاصه معناي اسمي اوست، همه معناي حرفي هستيد. قَالَ... شدت امر اين است: اين خطاب به ابرهيم است، به موسي بن عمران و عيسي بن مريم است؛ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ؛ اين است پيغمبر خاتم. اگر بخواهي بداني او کيست، آيه نور را بخوان: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ ، وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى. خدايي که مِثل ندارد، خودش را به او مَثَل زده.

اين آفتاب مي‌تابد، احدي قدرت دارد پا روي شعاعش بگذارد؟ هر کسي پا بگذارد نور مي افتد روي پاي او. اگر نور اين آفتاب پامال شدني نيست، نور آن آفتاب هم پامال شدني نيست. يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ. اين نور خدا است. نور خدا به پف تو [اي] بشر! خاموش شدني نيست. قرآن او را مسيحيت جاهل، نادان که آن کشيش اگر عرضه دارند جواب اين کلمه را بدهند: قرآن او را مي‌سوزاند اما اين قدر نمي فهمد اگر قرآن او سوخته شد، نتيجه‌اش اين است که عيسي بن مريم مي‌شود ولد الزنا. وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ . کسي که دامن مريم را از زنا پاک کرد و طهارت مولد عيسي را ثابت کرد، قرآن او است.

اي پاپ وامانده! که سکوت مي کني، عرضه داري جواب اين را بدهي؟ اگر اين قرآن نبود به حکم تورات و انجيلي که الان هست، عيسي بن مريم ولد الزنا است و ولد الزنا محروم از ملکوت خدا است پس هم نسب عيسي، هم حسب عيسي به برکت نفس خاتم انبياء است. اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ.



ميلاد النور و نور الميلاد الشيخ فضيل الجزائري
facebook twitter
1147604633

http://www.elhashemi.com/42315/%D9%8...%A7%D9%84.html


يتناول هذا اللّقاء الشيّق شخصية لم يعرف الوجود الخلقي النزولي أقدس منها، ولم يعرف الوجود الخلقي الصعودي أكمل منها. الشخصية تتمثل في وجود قدسيّ تمكّن من تمثيل الحقيقة الإلهية حق التمثيل، شخصية قالت في حقِّها الصحيفة المقدسة: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، ما يعني أنك فهمت وقدرّت الكمال المطلق حق الفهم وحق التقدير وتماهيت فيه حق التماهي، وهذا يشير إلى مرتبة لم يرق إليها وجود خلقي آخر في أي موطن كان سواء في السماء أو على الأرض. وبلقيس كعادتها تثير جملة من الأسئلة الشائكة حتى تحرِّك مكنون علم الحكيم، وبالتالي تستخرج منه درراً صافية تجّلي لنا روائع إلهية ينطوي عليها هذا الوجود القدسي المبارك. لنتابع الحوار في منعرجاته الجميلة والرائعة.
1. بلقيس: سيدي الحكيم أهلاً وسهلاً بكم، نبارك لكم ولجميع المؤمنين هذه المناسبة العطرة: مناسبة ميلاد نور الوجود الخلقي محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله). والسؤال الأساس الذي نفتح به هذا الحوار الجميل هو (ما هي مرتبة وجود النبي القدسي العظيم في السريان الوجودي العام؟)، و(ما هي الخصوصيات التي أمتاز بها عن باقي الموجودات علوية كانت أو سفلية؟).

2. Sophiste: نبارك لكم بدوري هذه المنسابة الإلهية العطرة، أسعد الله أيامكم وجعلكم مباركين أينما حللتم وارتحلتم. الحديث عن وجود النبي القدسي العظيم من الصعوبة بمكان، لأنّنا مهما ترقيّنا في سلّم المعارف لا يمكن لنا مسّ هذه الحقيقة القدسية التي نعتتها الصحف القدسية بمواصفات لا يتأتى للعقل أن يطَّلع عليها مطلقاً، ولا يمكن للحس أن يرى ما يماثلها بتاتاً، فلولا القرآن الكريم لما عرفنا هذه المواصفات القدسية والجميلة أبداً.

3. بلقيس: ما هو سر ذلك سيدي؟

4. Sophiste: السر يكمن في أصل الجعل الذي سيأتي بيانه بالتفصيل في هذا الحوار، إذ أنَّ جعل النبوة أمرٌ لا يتأتى للمخلوقات، وهذه وظيفة مختصّة بالله تعالى فقط، ولا يعلم بالمرتبة الوجودية للمجعول (وجود محمد القدسي) إلاَّ هو تعالى، وهذا العلم هو سر جعله نبياً. وبالتالي فإذا كان ملاك الجعل هو العلم بهذه المرتبة الوجودية المتعالية التي يتمتع بها وجود النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، فكيف لنا الوجودات الضعيفة أن نحيط بهذه المرتبة الإلهية العظيمة؟ وكيف لوجودات هزيلة جاهلة مثلنا أن نمسّ تجليات هذه الحقيقة القدسية؟ لا يأتى لنا ذلك لا معرفياً ولا وجودياً.

5. بلقيس: لا يعرفني – يا علي – إلا الله و أنت. لنرجع إلى سؤالنا سيدي.

6. Sophiste: السؤال ينطوي على شقين اثنين: الأول يشير إلى المرتبة الوجودية القدسية التي يتتمع بها نبينا العظيم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)، والثاني: الخصوصيات التي تلازم هذه المرتبة الوجودية الإلهية المتعالية. وعليه، نقسِّم الحوار إلى قسمين اثتين.

7. بلقيس: جميل جداً سيدي، لنبدأ بالشق الأوّل من السؤال، فما هي هذه المرتبة الوجودية القدسية التي أهلت نبينا الكريم أن يكون هو خاتم الأنبياء في قوس الخلق والنزول، وأن يكون هو الأرقى في قوس الصعود والكمال؟

8. Sophiste: للوصول إلى فهم هذه المرتبة يتعيّن علينا تحليل هذه العبارة من الآية المباركة (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً). إذا فكّكنا العبارة القدسية إلى مكوناتها نحصل على: 1. إنِّي جاعل، 2. في الأرض، و3. خليفة. لا نركِّز في المكونة الأول (إنِّي جاعل) على الحيثيات البلاغية، نركِّز فقط على (الصفة: إسم فاعل) التي تعني أنَّ هناك فاعلاً هو الله تعالى ترشّح عنه مجعول هو (الخليفة)، والمكونة الثانية تشير إلى قيدٍ فقط أي أنَّ عملية الجعل أو المجعول (تحقق الخلافة) كان في الأرض.

9. بلقيس: الحرف (في) في القيد (في الأرض) تتضمّن معنى الحرف (على)، أي إنِّي جاعل على الأرض خليفة.

10. Sophiste: حسب آلية التضمين كلامك صحيح، فتمسي الحرف (في) على هذا بمعنى (على). غير أنّه حسب الحقل اللِّساني الحديث (Cognitive linguistics) الحرف (في) يعني الظرفية، فيصير معنى الآية المباركة كالتالي: الخليفة مجعول في صميم الأرض بحيث يمس جميع مكوناتها وعناصرها. وهذا الذي يفسِّر تناغم العناصر الطبيعية مع البعد البدني للإنسان، فلا يمكن أن يعتدل مزاج الإنسان المادي إلاَّ إذا تناغمت هذه العناصر فيما بينها على مستوى بدنه، وإذا عاش نقصاً منها يرفعه بجذب من الخارج (وفق قانون الجاذبة والدافعة) بعملية التغذية عناصرَ جديدة تناسبه، فيستمر بدنه وينجو من التحلل التّام.

11. بلقيس: إذاً الحرف (في) بمعنى الظرفية مقصودة بالذات حتى يمسي الإنسان مندكاً في جميع مراتب الوجود حتى المادية منها. وهذا يشبه الآية (ولأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ اَلنَّخْلِ)، فإن (في) هنا ليس بمعنى (على) حسب قانون التضمين، بل بمعنى الظرفية، أي لأصلبنكم داخل جذوع النخل حتى تنتفي إمكانية الفرار مطلقاً، ما يجعلكم تيأسون من الخلاص نهائياً.

12. Sophiste: أحسنت على هذا الشاهد القرآني الجميل، وإذا شئت الدقة في التحليل فلأنَّ الإنسان خلق من طين ترشح الوجود المادي من العناية الإلهية بهذه الكيفية. فالمرتبة الوجودية المادية هندست في الإرادة التكوينية العامة لأجل الإنسان وعلى ضوء حقيقته الكاملة.

13. بلقيس: على معنى أنَّ الإنسان هو الأصل والوجود المادي هو الفرع.

14. Sophiste: نعم، ثم نسأل: هل القيد (في الأرض) للجعل أي للفعل الإلهي أم للمجعول أي للخليفة؟ فإذا كان للجعل يترشّح معنى عظيم من الآية المباركة يترتب عليه أبعاد عقدية خطيرة ورائعة، وإما إذا كان القيد للمجعول (الخليفة) فيتشرح معنى آخر يترتب عليه معنىً يختلف عن المعنى الأوّل.

15. بلقيس: حبذا سيدي الحكيم، لو قرّبتم المسألة بمثال خيالي حتى يستأنس الذهن بالمعنى ويرتاح له.

16. Sophiste: لنفرض عندكِ ابن صغير وزوجكِ مسافر، فتضطرين إلى أخذ الإبن معك إلى المدرسة (محل عملك)، فحين وصولك إلى المدرسة تجعلين الطفل في قاعة الأساتذة. هنا نصور فعلك هذا كالتالي: القيد (في القاعة..) قيد لفعلك أي جعلك الابن في القاعة، وكان بإمكانك جعله في الساحة يمرح ويلعب أو في أي مكان في المدرسة، غاية الأمر أنّ جعلك تقيّد بقاعة الأساتذة. نسأل: ماذا نفهم من هذا الفعل المقيّد؟ نفهم أنَّ الطفل غير مقيد بالقاعة فيمكن له أن يخرج إلى الساحة و يلعب ويمرح، ويمكن له أن يذهب إلى المطبخ إذا اشتهى شيئاً ما. أما إذا كان القيد (في القاعة …) قيداً للطفل (المجعول) فلا يحق له أن يترك قاعة الأساتذة ويذهب إلى مكان آخر، وبالتالي يتعيّن علي ابنك البقاء في القاعة. هذا مثال عرفي لتقريب المسألة إلى الأذهان.

17. بلقيس: لطيف وجميل سيدي، فكيف نطبق هذا التحليل على الجعل الإلهي في الآية الكريمة؟

18. Sophiste: نسأل: هل القيد (في الأرض) للجعل الذي يمثل فعل الله تعالى أو للمجعول الذي يمثل الإنسان الخليفة؟ إذا كان الجعل (في الأرض) للمجعول أي الإنسان الخليفة فمعناه أنَّ الخلافة تتحدد مساحتُها في إطار الأرض فقط ولا تتجاوز هذه النشأة، فتمسي المرتبة الوجودية التي يتمتع بهذا الإنسان الخليفة ضيقة ومحدودة بحدود النشأة الأرضية ولا تتعداها إلى النشاءات العالية كنشأة الملائكة وما أشبه ذلك.

19. بلقيس: وبالتالي لا يكون الإنسان خليفة على الموجودات التي تعلو بمرتبها الوجودية والكمالية على هذه النشأة الدانية، الأمر الذي لا ينسجم مع سجود الملائكة له في النشأة العرشية العالية، ويمسي تمرد الشيطان الذي كان من المقربين لا معنى له، إذ لا معنى لأن يتمرد الشيطان على خليفة تتحدد مرتبته الكمالية بهذه النشأة الأرضية.

20. Sophiste: هذا الكلام الجميل يجعلنا نميل إلى أنَّ القيد (في الأرض) للجعل أي أنَّ فعل الله تعالى هو الذي تقيّد بالأرض. وعليه، يمسي )الإنسان الخليفة( حراً طليقاً غير مقيد، يمكن له أن يجول – بما أودعته فيه العناية الإلهية من شدة وجودية – في جميع المراتب الكون، وفي جميع النشاءات.

21. بلقيس: وبالتالي تتكمل خلافته وتتم حجته على جميع الخلق. غير أنَّ هذا العنوان (الخلافة) لا يمسّ جميع أفراد الإنسان، إذ أننا نشاهد من أفراد هذا النوع القدسي من يسخر منه الشيطان، بل يسخرّه في أفعال بائسة وقبيحة تحيّر الألباب ويدفعه نحو الهلاك، فكيف تكون هذه الأفراد بهذه المرتبة الكمالية الإلهية المتعالية؟

22. Sophiste: بيّنا هذه المسألة في حوارات سابقة، ونكرّر البيان هنا لأهميته. نقول: الإنسان قد يكون خليفة بالقوة أيّ أنَّ الله تعالى أودع في خِلقة الإنسان كل القباليات التي تؤهله لأن يكون خليفة بالفعل، غاية الأمر أنَّه يخلد إلى الأرض ولا يفعّل هذه الاستعدادات والقابليات، فيبقى يدور في دائرة أرضية بائسة، كما هو الشأن في أغلب أفراد الإنسان. وقد يحمل استعدادات قوية جداً وقابليات إلهية راقية تؤهله لأن يكون خليفة بالفعل كما هو الشأن في الأنبياء والأولياء (عليهم السلام).

23. بلقيس: فالخليفة بالفعل مسّه الجعل الإلهي في هذه المرتبة العالية لأجل تلك الاستعدادات النورانية والإلهية، وعلى هذا يكمن ملاك الجعل ثبوتاً و واقعاً في خِلقة الخليفة، فيأتي الجعل يبرزه اثباتاً وكشفاً للخلق، وبدون هذا الكشف والابراز لا يعرفه الخلق ولا تثبه حجته عليهم.

24. Sophiste: أحسنت، فالجعل ينطوي على خصوصيات نفهمها من أصل الجعل نفسه، هي: 1. أنَّ الخليفة جعل إلهي، ما يعني أنّه صبغة إلهية خالصة، 2. أنَّ الخليفة بوصفه جعلاً إلهياً يمثل الصفاء المطلق يُبعدُ عنه كل أنواع الرجس، و3. حجّة مطلقة على الخلق يجب أن يسلّم له التسليم المطلق، ومن عارض هذا الجعل فهو شيطان ملعون يطرد من رحمة الله تعالى.

25. بلقيس: فلا يتحقق الإيمان في قلب الإنسان إلاَّ إذا سلّم للخلفية بالفعل التسليم التام، وهذا مفاد قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

26. Sophiste: هذا يشكِّل ملاكاً وضابطة لفرز النّاس وتصنيفهم في الدائرة الإلهية وفي الدائرة الشيطانية. فالحقيقة الإيمانية لا تكمن في الإلتزام السطحي بالتعاليم الدينية (مع الأسف الشديد هذا الذي ركز في ذهن الأمة من قديم الزمان)، بل ملاك الإيمانية هو التسليم لله تعالى من خلال التسليم للخليفة بالفعل التسليم المطلق.

27. بلقيس: جميل جداً سيدي، نسأل الآن: ما هو موقع الخاتم صاحب المناسبة العطرة من هذا التحليل الرائع والعميق؟

28. Sophiste: بيّنا معنى الخلافة بالفعل وبعض مواصفاتها، وقلنا أنَّ هذا العنوان ينطبق بالفعل على الأنبياء والأولياء عليهم ألف تحية وسلام. نسأل حينها: ماذا يمثل هذا العنوان في شخص محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)؟ الجواب: لا شكّ أنَّ الرسالة قد وصلت – بوجود النبي القدسي – إلى أوّجها وتمامها {الْيَوْمَ أَكْمَلْت لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتمَمْت عَلَيْكُمْ نِعْمَتى وَرَضِيت لَكُمُ الإسلَامَ دِيناً}. وعليه، تمسي مرتبته الوجودية أعلى المراتب لا يرقى إليها موجود من الموجدات، فوجوده القدسي يلي الله تعالى في الكمالات الوجودية، وبالتالي يستحق باستحقاق فعلي وواقعي المواصفات الثلاث التي مرت علينا: 1. ولي الله أي صِبغة إلهية خالصة، وتام غاية التمام، 2. على صفاء تام لا يشوبه نقص خلقي مطلقاً، ولا يمسه الرجس بتاتاً، و3. حجة تامّة على جميع الخلق يجب التسليم له مطقاً، لأنَّ التسليم له تسليم لله تعالى.

29. بلقيس: على ضوء هذا التحليل تمسي مفردات عقدية واضحة تمام الوضوح جليّة تمام الجلاء، من قبيل العصمة، والولاية، والمعجزة والتوسّل و… من مفردات العقيدة الشائكة. لكن سيدي يبقى أمرٌ يُزعِجُ الخيال ويؤلمه، هو قد يقول قائل ينتمي إلى الأفق المعرفي نفسه الذي تنتمون إليه: هذه الموصافات تجعل وجود النبي الأكرم يشارك الله تعالى في حيثيات تخصّ الله تعالى فقط، وهذا يؤسس للغلو ويمثل افراطاً في المعتقد.

30. Sophiste: هذا التوّهم يتبخّر سريعاً إذا تأملنا جيداً العبارة القدسية (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، فإنَّ الخلافة كعنوان والخليفة كمتلبس بهذا العنوان عبارة عن جعل إلهي، ما يعني أنَّ وجود النبي الشريف رشحة إلهية لا يملك من ذاته القدسية إلاَّ ما أعطته الحقيقة الإلهية. وبعبارة فنية معرفية: إنَّ وجود محمد القدسي ظل للوجود الحق تعالى، والظلية تعني المجازية تُظهِرُ كمالات الحق تعالى في عالم الخلق فقط، فكل ما ينسب إلى شخص النبي الأكرم ينسب بالحقيقة إلى الله تعالى بوصفه تعالىى ظاهِراً في ظله، وينسب للنبي الأكرم بوصفه مُظهِراً لجمال الحق تعالى بالمجاز والعرض. فإذا ركزّنا على (الجمال) كحيثية كمالية في شخص النبي الأكرم، فهذا الجمال على مستوى الظل المظهر لكمالات الحقيقة الإلهية بالحقيقة والذات لله تعالى وبالمجاز والعرض لشخص النبي الأكرم. وإذا ركّزنا على (العلم=الكاشفية) ككمال وجودي بهيّ ينسب إلى الله تعالى بالذات والحقيقة، وينسب إلى وجود النبي القدسي بالمعرض والمجاز، ما يعني أنَّ شخص النبي القدسي مبرز لعلمه تعالى اللامتناهي في عالم الخلق، ولا يمكن لأي مخلوق أن يبرز هذه الكمالات بهذه الكيفية إلاَّ وجود محمد القدسي والمبارك ومن أورثه هذا الوجود هذه الحيثيات الكمالية الإلهية.

31. بلقيس: فالمجعلول، على ضوء هذا التحليل، ملتصق الذات بالجاعل لا يملك لنفسه شيئاً بنحو الاستقلال وبالذات، فكل ما له من كمالات وجودية بهية عطرة ترجع بالأصل إلى الحقيقة الإلهية. وهذا يؤسس لمفردة عقدية تخيف الكثير وتوهمهم بأنَّ القائل بها واقعٌ في حبال الشرك، هي مفردة (التوّسل). فإذا توسّل شخص بهذه الوجود القدسي البهيّ فهو غارق بفعله الجميل والقدسي في صميم التوحيد والتسليم؛ باعتباره اتخذ المجعول طريقاً ووسيلة إلى الجاعل، بل يمكن القول أنَّ هذا الطريق هو السبيل الوحيد للمس كمالات الله تعالى البهية والجميلة.

32. Sophiste: والعجيب أنَّ الذي يتحسّس من هذه المفردة القدسية الجميلة يؤمن في صميم قلبه أنَّ الإيمان بوجود النبي القدسي هو السبيل الوحيد للفلاح الأخروي. نسأله حينها: تؤمن بماذا؟ بالنبي العربي؟ أو بالنبي القرشي؟ أو بالنبي الفصيح؟ حتى هذه المفردة الجميلة جعلية (أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ) ينسبها إلى أصلها (الله تعالى) بقوله (عليه السلام): أُوتِيتُ. حتماً: الإيمان يتحقق بالتسليم بحيثيات قدسية متعالية في شخص النبي الأكرم لا يمكن أن يرقى إليها الخلق، وهذا يكون على مبناهم غلواً وشركاً.

33. بلقيس: إذاً: المشكلة تكمن في عدم الفهم والبعد الروحي عن هذا الوجود القدسي، أو تعود إلى أمر آخر ينتمي إلى أفق الأخلاقيات.

34. Sophiste: الحاصل أنَّ التوّسل بشخص محمد الشريف وبوجوده القدسي يمثّل في الحقيقة ممارسة قدسية تتصل بالجاعل (الله تعالى) بالذات والحقيقة من خلال ظله القدسي، وهذا يجعل الله تعالى منفتحاً على الإنسان المتوسِّل أشد الإنفتاح، لأنّ المتوسّل جاءه من طريق جعله القدسي أي من الطريق الذي حدده هو تعالى بحكمته المطلقة، وهذا عين التوحيد ولبابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}.

35. بلقيس: جميل جدا، يبقى سؤال عالقاً في الذهن، هو أنَّ الخليفة عادة وعرفاً من يستخلف الغائب، والله تعالى حاضر بالحضور السرمدي (لا تأخذه سنة ولا نوم)، فكيف تدفعون هذا الاشكال سيدي؟

36. Sophiste: هذا الاشكال يؤكد ما قلناه سابقاً فيما يتصل بالتوسل، فإنَّ الخليفة خليفة لحاضر وليس لغائب، ما يجعل هذا الحضور مهيمناً على الخليفة ومحيطاً بكل وجوده وكيانه، فتمسّه العناية الإلهية في جميع تجليّاته ومفاصله، فكل ما يتحلّى به الخليفة من كمالات جميلة وبهية، وكل ما يترشّح عنه من أفعال قدسية طاهرة وما أشبه ذلك، يرجع في الأساس إلى الله تعالى المستخلف الحاضر والمهيمن التام على جميع مراتب الوجود و زواياه. وإذا شئت المقاربة العرفانية لهذه الحقيقة المتعالية نقول: إنَّ الخليفة مُظهِر لجمال الحق تعالى وجلاله. لأنخذ مثالاً حسياً لذلك: المباهلة؛ فإنَّ وجود النبي القدسي وهو يتحدى نصارى نجران كان تحت حكومة اسم المنتقِم (مجلى الجلال)، لذا لو باهلوه في تلك الواقعة العظيمة لانتقم منهم الله تعالى وأفناهم على بكرة أبيهم، وحينما طالبوه بالصلح صار (عليه السلام) تحت حكومة إسم الرحيم (مجلى الجمال) فمستهم الرحمة الإلهية حيث رجعوا إلى اليمن في أمن وآمان.

37. بلقيس: لعل السرّ في ذلك سيدي أنَّ وجوده القدسي رحمة مهداة، فهذا شأنه وسجيته، لا يحب الشر للإنسان ولا يرغب له الهلاك ويحترم حريته في البقاء والوجود، وإن كان هذا الإنسان المخالف للحق بائساً تافهاً.

38. Sophiste: إذاً: يمثل حضور المستخلف هيمنة سارية في جميع تجليّات الوجود، وهذه التجليّات تكتسب القداسة والإلهية بحسب قربها من الخليفة الذي يمثل مظهرية تامة لجمال الحق وجلاله. فالخليفة هو المعيار (الضابطة) الذي نفرز على أساسه من هو القريب من القدسي ومن هو البعيد. ففي أي مصداق وفي أي عصر تعيّن عنوان الخلافة يكون هو المعيار: قسيم الجنة والنار.

39. بلقيس: سؤال يلاعب مخيالي سيدي الحكيم: لماذا العناية الإلهية اختارت الإنسان بالخصوص، وجعلته في الأرض بالذات؟

40. Sophiste: لا أدعي معرفة جميع أسرار هذا الجعل القدسي، غير أنَّ العرفان يساعدنا هنا لفهم بعض الأسرار. لنركِّز على بعض التطبيقات القريبة إلى الفهم، نسأل: إذا شاء الله تعالى أن يُظْهِرَ رازقيته على مستوى الولد الذي سوف يعي به تعالى ويعبده، فهل يتأتى هذا الأمر على مستوى الملائكة؟

41. بلقيس: لا يتأتى ذلك، بل لا يمكن.

42. Sophiste: فإذا لم يجعل الإنسان في الأرض تتعطل رازقيته تعالى على مستوى هذا النشأة الأرضية، فلا تكون الصفة تامة وكاملة، فيتعطل اسم الرازق في زاوية من زوايا الوجود. وإذا شاء أن يغفر للمذنبين من عباده حين توبتهم فهل يتأتى هذا الأمر في نشأة الملائكة؟

43. بلقيس: أبداً: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.

44. Sophiste: فإذا لم يتحقق هذا الجعل يتعطل اسم الغفور والرحيم وكثير من الأسماء الجمالية والجلالية. فالعناية الإلهية صنعت هذا الموجود الجميل والرائع حتى تتفعّل أسماء الله الحسنى على مستوى الجمال بالذات وعلى مستوى الجلال بالعرض. فالله تعالى لم يجعل هذا الإنسان في الأرض حتى يعيش البؤس ويخلد إلى الأرض، بل جعله بالذات حتى يفعِّل الأسماء الجمالية من رحميم ولطيف ومحب وما أشبه ذلك. وإذا فعّل الأسماء الجلالية كالمنطقم والجبار والقهار فلأجل مصلحة تحدد بإطارها الذي لا تتجاوزه.

45. بلقيس: وهذا لا يتأتى إلاَّ بمجعول يتمتع بفطرة إلهية تساعده على الإختيار الجميل، وإن أمكن أن يختار السبيل الآخر الذي يضاد فطرته ويخلد إلى الأرض ويتحالف مع الشيطان. فعلى ضوء هذا التحليل العرفاني الجميل يمسي التخطيط لهذا الإنسان ضرورياً في العناية الإلهية، ويصبح وجوده الخارجي حتمياً في نسق القضاء والقدر، وإلاَّ تعطلت كثير من الأسماء الإلهية الفعلية، وهذا يستحيل في الحكمة الإلهية.

46. Sophiste: وأما الإنسان الذي يمثله النبي أو الولي، أي الإنسان الذي هندسته العناية الإلهية بطريقة تختلف عن الآخرين، فوجوده يتعيّن أكثر؛ ذلك لأنَّ غياب هذا الوجود القدسي تترتب عليه أمور خطيرة جداً، منها: انتفاء الهداية كلية، فيعطل اسم الهادي في مفردات إنسانية كثيرة، إذ الهداية تستدعي من يبيّن للنّاس مقتضياتها، ويجب أن يكون حامل لواء الهداية من جنسهم (وبقول الفلاسفة يجب أن يسانخهم في الحقيقة). منها: انتفاء حيثيات إلهية لا يمكن للعقل بمفرده أن يمسّها مهما ترقى وعلى، من قبيل الوحي الذي يربط بين الناس والله تعالى، والوحي يحمل في مضمونه تعاليم قدسية جميلة تتصل بكيفية عبادة الإنسان وبعقائد متعالية تورث الإيمان في قلوب النّاس. و منها: معرفة النشاءات البرزخية والأخروية التي يهيمن عليها اسم الباطن. ومنها: أمور تتصل بالنظم الذي يعد ضرورياً لبقاء الإنسان ودوامه، الأمر الذي يستدعي أن يتجلى الله تعالى باسم الشارع الذي يشرع القانون الحاكم على المجتمع الذي يسعى إلى النظم. وهكذا أسماء كثيرة تعطل لولا هذا الوجود القدسي المبارك.

47. بلقيس: جميل ورائع جداً، نذهب الآن إلى الشق الثاني من السؤال: (ما هي الخصوصيات التي أمتاز بها الخاتم عن باقي الموجودات علوية كانت أو سفلية؟)

48. Sophiste: هناك مسألة معرفية جميلة جداً نعرضها في منسابة أخرى إن شاء الله تعالى، هي أنَّ القرآن الكريم يمثل المستوى العلمي النوراني الذي وصل إليه رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله) بإعطاء من الله تعالى إجمالاً وتفصيلاً. وإذا كان القرآن بهذه الكيفية يمثل حقيقة محمد القدسية، فإذا أشار إلى خاصية تحلّى بها نبيّنا الأكرم فهذه الخاصية تمثل صميم شخصه الشريف، وتمثل مرتبته الوجودية التي وصل إليها في سلم الترقي والصعود نحو الحقيقة الإلهية المطلقة. فيتعيّن علينا لكشف خصوصيات النبي الأكرم الرجوع إلى القرآن الكريم.

49. بلقيس: جميل ورائع، هذه منهجية راقية يثلج لها الصدر ويستذوقها العقل؛ لأنّها لم تخرجنا عن دائرة الثِقلين الطاهرين. فما هي هذه الخصوصيات القدسية والإلهية؟

50. Sophiste: الخاصية الأوّل: (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ). هذه العبارة القدسية تشير إلى خاصية مهمة في غاية الأهمية، هي أنَّ القرآن الذي يمثل علم نبيّنا الأكرم يعلو على الأنجيل، ويتفرع على هذا الأمر أنَّ شخص النبي الأكرم أرقى وجوداً من شخص المسيح (عليه السلام). ذلك لأنَّ البشارة تدلل على أنَّ ما يأتي به النبي محمد (صلى الله عليه وآله) غير موجود عند المسيح، ويجعل الناس تستبشر به، وإذا كان موجوداً في الأنجيل فلا معنى لكلمة البشارة. فيتحصّل من هذا أنَّ الرسالة التي يحملها نبيّنا الكريم أرقى من جميع الرسالات السابقة ومهينمة عليها.

51. بلقيس: خاصية راقية تتناغم مع الخاتمية وتنسجم معها تمام الانسجام.

52. Sophiste: الخاصية الثانية: (وانزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب و مهيمناً عليه). هذه الآية القدسية تشير إلى خاصية هي أنَّ القرآن ينطوي على كل ما هو حق وجميل في الكتب السابقة ويزيد عليها، ويعد معياراً نقيس به ما هو محرف في تلك الكتب وما هو غير محرف.

53. بلقيس: لعل القيد (بالحق) يعد أساس هذه الخاصية سيدي، لإنَّ هذا القيد يدلل على أنَّ القرآن مصبوغ بصبغة حقية لا يمسه الباطل ولا يقترب إليه مطلقاً.

54. Sophiste: بالضبط، هذا القيد يشير إلى أنَّ القرآن حق وما يخالفه من الكتب الأخرى باطل و زخرف. الخاصية الثالثة: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَٰكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّين}. الآية تبيّن خاصية يتمتع بها نبينا الكريم محمد (صلى الله عليه وآله) تتمثل في (الخاتمية) التي تعني أنَّ الناموس الإلهي الأكبر وصل إلى أوّجه في شخص الرسول الأكرم، ولا يمكن أن يأتي في المستقبل نبي يمثل السماء. فالنبي الأكرم رسول وخاتم أي مبعوث من الله تعالى برسالة تامة وكاملة.

55. بلقيس: سيدي إذا ركزنا على الاستقراء – بما شاهدناه و نشاهده من عدم ظهور نبي إلى يومنا هذا – لنفي النبي الآتي فهذا لا يورث اليقين. فيتعيّن عليكم التدليل على الخاتمية بشاهد يقع خارج هذه الأية المباركة؟

56. Sophiste: هناك شاهد قرآني يجنّبنا استقراءك المزعِج، الشاهد هو { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً }. الآية تشير إلى أنَّ دائرة رسالة النبي لا يَلِجها أحد، ولا يرقى إلى مستواها راق، بدليل شهادته (عليه السلام) على جميع الأنبياء الذين أرسلوا إلى أممهم (على هؤلاء شهيدا). فكونه (عليه السلام) شاهداً على جميع الأنبياء يدل دلالة قطعية على أنَّ رسالته مهيمنة على جميع الراسالات إلى يوم القيامة.

57. بلقيس: الشهادة على الأنبياء تعني أنَّ كلَّ الأنبياء تحت لوائه (عليه السلام)، وبالتالي تتأسس القضية الكلية السالبة: ليس نبيّ بعده إلى يوم القيامة، وبهذا تثبت الخاتمية.

58. Sophiste: أحسنت على هذه المقاربة المنطقية، الخاصية الرابعة: الخاصية الأخرى التي تميّز نيبنا الكريم (صلى الله عليه وآله) كونه النبي الوحيد الذي نسبه الله تعالى إلى ذاته المقدسة: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}، والآية الأخرى: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ }، و{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }، و{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا} حيث أضاف الرسول الكريم إلى ذاته المقدسة. بخلاف جميع الأنبياء: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار}، فإنَّ الآية لا تنسب اشخاصهم إلى ذاته تعالى، والآية {وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان} إذ لم يقل الله تعالى (وإذ آتينا عبدنا الكتاب والفرقان).

59. بلقيس: هذا يدلل على أنَّ وجود النبي القدسي مندكٌ في ذات الله تعالى، وأنّه في أعلى مرتبة وجودية يمكن أن يرقى إليها مخلوق: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}، الأمر الذي يصبغ كيانه القدسي بالإلهية من جميع الجهات والحيثيات.

60. Sophiste: هذا الاندكاك يورثه الخاصية الخامسة: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، ما تعنيه هذه الخاصية الجميلة أنَّ وجود محمد (صلى الله عليه وآله) لا يترشح عنه في باب العقائد (التكوين) وفي باب الأموار والنواهي (التشريع) إلاَّ ما يتضمنه الوحي الإلهي. ويؤيّد قوله تعالى { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ … وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بضنين}، وقوله تعالى {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}.

61. بلقيس: إذا سمحتم لي أستاذ أقارب الآية المباركة {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} مقاربة منطقياً: (ما ينطق عن الهوى) = ا، (إن هو إلاّ وحي يوحى) = ب، فتصير المقاربة المنطقية كالتالي: الآية المباركة تمسي القضية الأصلية ا.ب، فإذا طبقنا عليها قاعدة (عكس النقيض الموافق) تمسي لا ب = لا ا. ، أي: لا وَحْيٌ يُوحَى = ينطق عن الهوى. النتيجة هي أنَّ كل ما خرج عن دائرة الوحي الموحى على قلب نبينا الأكرم هو نطق عن الهوى الذي يساوي الضلال المبين. وهذا يدل على حيثية العصمة التي تحلّى بها وجوده القدسي، لأنّه من كان نطقه وحيّاً فكيانه وحيٌّ كذلك، فكيف تتسلل إلى ساحته القدسية المعصية أو الخطأ!

62. Sophiste: أحسنت على هذه المقاربة المنطقية الجميلة التي تدلل على ذكائك وفطانتك. هذه هي شخصية وجود محمد القدسي (صلى الله عليه وآله)، وهذه هي مرتبته الوجودية في سريان الوجود العام. نشكر الله تعالى إذا وفقنا لتبيين بعض سجاياه الجميلة والرائعة، وأما إذا قصرّنا في البيان فهذا لضعفنا وجهلنا بمقام هذا الوجود الإلهي العظيم، ونستغر الله تعالى على ذلك ونتوب إليه.

63. بلقيس: بيانكم رائعٌ وجميل سيدي الحكيم، ولم يسبق لي أن سمعت بهذه التحليلات العرفانية الراقية، فقد عشنا في هذا الحوار تجليّات معرفية أضاءت لنا معنى ميلاد النور المحمدي، النور الإلهي الجميل الذي سيؤسِّس لنور ميلاد جديد سوف تعيش الأمة حينها معنى (التوحيد والوحدة) في أجواء يفوح منها (العدل والإحسان)، تمسّها في صميم كيانها الهداية الإلهية في أعلى مراتبها، حينا يفرح المؤمنون وتقر أعين المستضعفين. نشكركم سيدي الحكيم على هذا الحوار القيّم والشيّق أصالة عن نفسي ونيابة عن القراء الأعزاء. دمت على خير.

الشيخ فضيل الجزائري

ليست هناك تعليقات: