زيارة عاشورآء القدسية


الأربعاء، 15 يونيو 2011

عاشوراء الحسين يوم الله و يوم الفتح العظيم

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين

السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على أولاد الحسين و على أصحاب الحسين عليهم السلام

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

يوم الحسين عليه السلام
تقابل العسكران
عسكر حزب الله بقيادة ولي الله الأعظم صلوات الله و سلامه عليه , عسكر جنود العقل
و عسكر حزب الشيطان بقيادة ولي الشيطان لعنة الله عليه , عسكر جنود الجهل
تدبر بداية و نهاية حديث " جنود العقل و الجهل " الشريف و العظيم جدا في بدايات كتاب الأصول الكافي الشريف المجلد الأول .
و الصراع بين الحق و الباطل دائم , في كل صراع لابد من نهاية و لابد من ظفر عسكر على الآخر , فهذا يوم الفتح , فتح لا مثيل له في التأريخ بعد الفتح المحمدي الشريف .

فهذا يوم تمحور حوله التأريخ البشرية , التي إنما خُلقت لأجل هدف , و بهذا الفتح أسس طريق تحقيقه .

و هذه الحقيقة تقررها حتمية الصراع بين محوري " الولاية " و " الطاغوت " بشكل دائم في تأريخ الإنسان .
الإنسان بين محوري " الولاية " و " الطاغوت " :
إن هذين المحورين يعملان بإتجاهين متعاكسين في حياة الإنسان , و كل منهما يعمل لإستقطاب ولاء الإنسان و فصله عن المحور الآخر .
و إلى هذا الصراع بين محوري " الولاية " و " الطاغوت " تشير الآية الكريمة : " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "

"الذين امنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا اولياء الشيطان ان كيد الشيطان كان ضعيفا "

بتعبير آخر كل , أن لكل محور من هذين المحورين قائد يقوده و يتمحور حوله المجتمع الإنساني ,

" الر كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد "
" ولقد ارسلنا موسى باياتنا ان اخرج قومك من الظلمات الى النور وذكرهم بايام الله ان في ذلك لايات لكل صبار شكور "

و في المقابل :

" الم تر الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا "

" تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "

" ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير "

"اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (*)إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (*) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (*)لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "

فهذه الآيات تشير بوضوح تام إلى أصالة الولاية و البرائة في هذا الخلق , أن هذا الأمر هو مقدمة لتحقيق هدف الخلقة " عبادة الله عز و جل " إن الشيطان لا يريد أن يُبعد الله في أرضه : " أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ " فعلى هذا أخذت العهود و المواثيق .

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ

إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ "


فمقابل كل إمام حق من الله , يكون هناك إمام باطل من صُنع الشيطان , فكل منهما يُنمّي مجتمع يُقابل به المجتمع الآخر , و ذلك من خلال تنمية الجنود الرحمانية أو الشيطانية في نفوس هذه المجتمع , و فتح العظيم هو بغلبة جنود الحق على جنود الباطل . بعبارة أخرى أن جهاد النفس و تزكيتها هي المقدمة على تشكيل مجتمع جنود الرحمانية لمقابلة المجتمع الشيطاني على أرض الواقع , و المُزكي و المُنمّي و المُربي لهذه الجنود الرحمانية في نفوس الخلق هو ولي الله الأعظم و الإنسان الكامل صلوات الله و سلامه عليه " لقد مَنَّ الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين " و جاء في كلام أمير المؤمنين سلام الله عليه عن فلسفة بعث الرسل : " ... فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ ، وَ وَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ ، وَ يُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ ، وَ يَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ ، وَ يُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ ... " ، ( نهج البلاغة : 44 ، طبعة صبحي الصالح ) .

" تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "

فالفرد أساس العائلة و العائلة أساس المجتمع و المجتمع أساس الحضارة . و لكل مجتمع و حضارة لابد و أن تكون منهاج , و منهاج الحق هو الإسلام , و منهاج الباطل هو الشرك .


خصائص الصراع بين الحق و الباطل :

1 - هذا الصراع في جوهره صراع عقائدي يدور حول محور الشرك و التوحيد .
و الذي ينعم النظر في آيات التوحيد و الشرك في القرآن يجد أن أكثر هذه الآيات تخص التوحيد , و الشرك في الولاء , و ليس في الخلق .
و قليل من الأمم و المذاهب و الناس يشركون بالله في الخلق و التكوين ... و إنما الشرك الذي يرفضه و يشجبه القرآن , و يقع فيه ناس كثيرا هو الشرك في الولاء .

2 - و هذا الصراع العقائدي يؤول أمره إلى صراع حضاري بين حضارتين , لهما جذور في التأريخ و إمتداد على وجه الأرض , و هما حضارة التوحيد و حضارة الشرك ... إذن هذا الصراع صراح حضاري , و كل من المعسكرين المتصارعين يملكان مختصات الحضارية التي تخص المعسكر الذي ينتمون إليه في أسلوب الفكر و منهج العمل .

3 - الخصلة الثالثة لهذا الصراع إنه صراع سياسي على مراكز القوى في المجتمع , ليتم التأثير عليه , و أهم هذه المراكز : السلطة السياسية , و المال , و الإعلام , و القوة العسكرية , و وسائل التوجيه الثقافي .
و هذه المراكز تدعم بثبات , و قوة عمل كل من هذين العسكرين ... و الطرف الذي يملك هذه المؤسسات و المراكز هو الطرف الأقوى _نسبيا_ في هذه المعركة .

و كل من الطرفين المتصارعين يعمل للإستيلاء على هذه المراكز و إستخدامه لتمكين حضوره , و عمله في المجتمع .

4 - هذا الصراع من حتميات التأريخ الكبرى , و من سنن الله التي لا تتحول و لا تتبدل , و لا يمكن لكل من المعسكرين التخلص منه و من تبعاته و آثاره , إلا بالتخلي عن عمله و دوره . التوحيد و الشرك لا يجتمعان .

إن الجماعة المؤمنة تعمل لبسط نفوذها على كل المراكز و المواقع في المجتمع ...
و لا تستطيع أن تعمل و تمارس دورها في أداء رسالتها , دون أن تبسط نفوذها السياسي و العسكري و الإقتصادي و الإعلامي على وجه الأرض .
و هذا الأمر لا يتم في فراغ , و إنما يتم في مساحة عمل و إهتمام الطاغوت و أئمة الضلال ... و لن يتخلى الطاغوت عن مساحة عمله , و لا عن دوره في التخريب و الإفساد _ في مقابل الإصلاح : تدبر في قول الإمام الحسين عليه السلام :" إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (صلى الله عليه وآله وسلم) أريد أن آمر المعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين)." _ في حياة الإنسان إلا بعد جهد و عناء طويلين و صراع مرير و لذلك فلا يخلوا التأريخ من الصراع بين هاتين الحالتين منذ أن خلق الله الإنسان بهذه التركيبة الخاصة _ جنود الرحمن و جنود الشيطان _ و منذ أن دخل الإنسان في حركة الصراع الحضاري السياسي إلى اليوم , و إلى ما شاء الله من الأيام , و يقرر القرآن الكريم هذه الحتمية التأريخية بهذه الصورة الواضحة : " وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ " آية عجيبة في كتاب الله ... إن هؤلاء لا يكّفون عن قتالنا و ملاحقتنا حتى يردّوننا عن ديننا إن استطاعوا .


وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا

الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا

سورة النسآء آية 75 - 76



يا علي

ليست هناك تعليقات: