زيارة عاشورآء القدسية


الأربعاء، 15 يونيو 2011

العبودية المطلقة لرسول الله صلى الله عليه و آله الأطهار

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

العبودية المطلقة :
تبـارک الـذی نـزل الفرقـان علی عبده لیکون للعالمین نذیرا

ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى
فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى


نرى في هذه الآية الكريمة أن العبد أضيف إلى الهوية الغيبية " هو" , و لم يضف عليه شيئ آخر , بل هي مطلقة و ليس مقيدة , مثل ما يُشعر من إضافات مثل عبدالرزاق أو عبدالجليل ووو أي عبده ليس منحصر تحت ربوبية أسماء جزئية إن صح التعبير , بل هو تحت ربوبية إسم الله الأعظم " هو " الهوية المطلقة الغيبية , و " عبده " أرقى مقاما حتى من " عبدالله " .
بينما نرى في الخطابات القرآنية لسائر الأنبياء على نبينا و عليهم أفضل الصلاة و أتم التسليم , نرى إضافة " عبد " بحرف " نا " مع ذكر إسم العبد بعد هذه الإضافة , مثل : عبدنا داوود أو عبدنا أيوب .
بينما نجد في " عبده " إطلاق لفظ العبودية , و لم يضف بعده إسم لهذا العبد , فلم يقل مثلا , عبده محمد , اللهم صل على محمد و آل محمد , و قال فقط عبده , أي أن العبد هنا فانٍ مطلق في الله عز و جل , و قد أضيف بحرف الهاء إلى الهوية الغيبية المطلقة , هو , و هذا المقام من العبودية المطلقة و الفناء المطلق في الله عز و جل هو من مختصات رسول الله الأعظم محمد المصطفى صلى الله عليه و آله الأطهار بالأصالة , و لآله الأطهار بالتبع , و عبودية سائر الخلق على ترتيب مقاماتهم تابع لعبودية هؤلاء الأطهار صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين , إذ أن العبودية تابعة للمعرفة , فكلما كانت المعرفة أعلى و أرقى بالله عز و جل كانت العبودية أرقى و أعلى , بنا عُرف الله و بنا عُبد الله و لولانا ما عُبد الله , فمن هنا نقول , لم يعرف الله عز و جل إلا محمد و آل محمد صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين , و بطريق أخص نقول أن العبودية المطلقة الكلية منحصرة في رسول الله الأعظم صلى الله عليه و آله الأطهار و أمير المؤمنين علي عليهما أفضل الصلاة و السلام , لقوله صلى الله عليه و آله الأطهار , يا علي لم يعرف الله تعالى إلا أنا و أنت . و كان أمير المؤمنين علي بن أبيطالب صلوات الله و سلامه عليهما يقول , إنما أنا عبد من عبيد محمد , اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين . "

---------------------------

سُئلت بأن أوضح أكثر قولي عن رُقي مقام عبده الراجع لـ هو على مقام عبدالله الراجعة إلى الله فقلت جوابا على هذا التساؤل :

حقيقتا عجزت كيف أصف أو كيف أجيب على تسائلكم , نحن هل عرفنا الله حتى نستطيع أن نتحدث عن تفصيلات و الفروقات بين عبده أو عبدالله , هذا مقام ليس لأمثالي بأن يلج فيه , هذا مقام لم تصل الملائكة أجمعين أو أنبياء الله المرسلين سلام الله عليهم لدركه فكيف بي ؟؟؟؟؟ هذا مقام محمد صلوات الله و سلامه عليه و على آله الأطهار , و هذا ميقاته الأحمدي , هذا مقام الذي قال الله تعالى خطابا له , يا محمد هذا الحرم و أنت الحرام و لكل مثل مثال , الحرام يعني الذات التي لا يُصل إليها , الذي تجاوز سدرة المنتهى , التي عندها تنسدل على كل الموجودات و تعمى العيون إلا عين محمد صلى الله عليه و آله الأطهار , ما زاغ البصر و ما طغى , و لكن ماذا علي أن أقول , حقيقة لساني عاجز , كيف أصف هذا المقام الذي يحير فيه العقول الأنبياء و الملائكة المقربين , هذا مقام الأحمد المحمود محمد صلى الله عليه و آله الأطهار , هذا سؤال يجب أن تسئلوا إمامنا الحجة عجل الله فرجه الشريف عنه , فنحن كل ما عندنا هي من سقطات و فتات مائدة أنعمه الشريفة علينا .

أنا و بكل صدق عاجز عن جواب سؤالكم , و لكن , سأوضح شيئ مما ألقلقه من عبارات أكون أبعد من إدراك حقيقتها و عمقها , و نحن ندور في فلك العبارات و لم ندخل لا عالم الإشارة و لا عالم اللطافة و لا عالم الحقيقة و كيف عسانا ان ندخل في مثل هذه العوالم و نحن نحن و هذه العوالم هي هي ؟؟؟؟؟

مرت أيام و أنا أفكر بماذا أجيب , تحيرت حقا و عجزت حقا , ليس لمثلي هذه القدرة في الإجابة على هذا السؤال , إلا في فلك العبارة الذي هو بعيد جدا عن فلك الحقيقة . لذا إن ما سأقوله ليس إلا بيان هذا العجز بلغة العبارة .

سأستعين ببيانات إمام الأمة السيد الخميني قدس الله سره الشريف , من بدايات كتابه الشريف مصباح الهداية إلى الخلافة و الولاية :

" المصباح الأول :
اعلم، أيها المهاجر إلى الله بقدم المعرفة واليقين، رزقك الله وإيّانا الموت في هذا الطريق المستبين وجعلنا وإيّاك من السالكين الراشدين، أنّ الهويّة الغيبيّة الأحدية والعنقاء المغرب المستكنّ في غيب الهويّة والحقيقة الكامنة تحت السرادقات النوريّة والحجب الظلمانيّة في "عماء" وبطون وغيب وكمون لا اسم لها في عوالم الذكر الحكيم، ولا رسم، ولا أثر لحقيقتها المقدسة في الملك والملكوت، ولا وسم؛ منقطع عنها آمال العارفين، وتزلّ لدى سرادقات جلالها أقدام السالكين، محجوب عن ساحة قدسها قلوب الأولياء والكاملين، غير معروفة لأحد من الأنبياء والمرسلين، ولا معبودة لأحد من العابدين والسالكين الراشدين، ولا مقصودة لأصحاب المعرفة من المكاشفين، حتّى قال أشرف الخليقة أجمعين : ما عرفناك حقّ معرفتك، وما عبدناك حق عبادتك. وقيل بالفارسية
: "عنقا شكار كس نشود دام بازكير كانجا هميشه بادبه دست است دام را"
وقد ثبت ذاك في مدارك أصحاب القلوب حتّى قالوا: إنّ العجز عن المعرفة غاية معرفة أهل المكاشفة. "

نعم الذات اللهية , الهوية الغيبية المطلقة , لا يصل إليها أحد , و هي غير معبودة لأحد من العالمين حتى لأعظم الممكنات و أشرفها محمد صلى الله عليه و آله الأطهار , ذلك لأن العبادة فرع معرفة , و لا يمكن معرفة شيئ بكامله و حقيقته ما لم يُحاط به , و يكون العارف به أكبر من المعروف , و الذات اللهية لا تحاط و لا يصل إلى دركها و معرفتها أحد من العالمين حتى يعرفه و يعبده , لذا يقول رسول الله الأعظم صلى الله عليه و آله الأطهار : " ما عرفناك حقّ معرفتك، وما عبدناك حق عبادتك " , و لكن يشار إلى هذا الذات اللهية بـ " هو " .

و الهاء في " عبده " إشارة إلى هذا المقام , فإن هذا المقام , و قلمي هنا يرتجف حين كتابة هذه الكلمات , و هذا المقام من العبادة التي هي فرع المعرفة , مختصة بـ " يا علي لا يعرف الله إلا أنا و أنت " .

صدقيني أيتها الوالدة المكرمة كلما أردت الولوج في هذا الباب , أحتار أكثر , لا أدري كيف أصف هذا المقام .

هذا المقام الذي خاطبه الله تعالى بأن يقول : " قل " قل يا محمد , هو , الله , أحد .
سأذكر إشارات أخرى , فإني عاجز عن الوصف , فقط تدبروا في الفروق التي هي في خطابات الأنبياء و الخطاب إلى رسول الله الأعظم صلى الله عليه و آله الأطهار , لعل التدبر في هذه الآية الكريمة تكون بداية جيدة :

" قال اني عبد الله اتاني الكتاب وجعلني نبيا "

سأسعى بأن أتدبر أكثر , فلو ظفرت بشيئ لعلي أذكره .


و أسألكم خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها

يا علي

ليست هناك تعليقات: