زيارة عاشورآء القدسية


الأربعاء، 15 يونيو 2011

الهجرة إلى الله عز و جل , هجرة إلى محمد و آل محمد صلى الله عليه و آله

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين

قال الله تعالى :

" وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا "

" يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ "

هذه الهجرة إلى الله عز و جل لا يكون إلا بمعرفة حجة الله في أرضه , كما يحدثنا بذلك أميرالمؤمنين علي بن أبيطالب سلام الله عليهما في نهج البلاغة الشريف الخطبة رقم 189 :

وَالْهِجْرَةُ قَائِمَةٌ عَلَى حَدِّهَا الاْوَّلِ مَا كَانَ لله تعالى فِي أَهْلِ الاْرْضِ حَاجَةٌ مِنْ مُسْتَسِرِّ الاْمَّةِ وَمُعْلِنِهَا، لاَ يَقَعُ اسْمُ الْهِجْرَةِ عَلَى أَحَد إلاَّ بِمَعْرِفَةِ الْحُجَّةِ في الاْرْضِ، فَمَنْ عَرَفَهَا وَأَقَرَّ بِهَا فَهُوَ مُهَاجِر , وَلاَ يَقَعُ اسْمُ الاسْتِضْعَافِ عَلَى مَنْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ فَسَمِعَتْهَا أُذُنُهُ وَوَعَاهَا قَلْبُهُ.
الإمام المعصوم سلام الله عليه , هو وجه الله الذي به يتوجه الأولياء , و هو باب الله الذي منه يؤتى , و من أراد الله بدأ بكم . الزيارة الجامعة الكبيرة الشريفة . [ من هنا يتبين لك عن سر من أسرار الزيارة و لماذا تزور الإمام سلام الله عليه ]

و بما أن هذه الخطبة تجمع الكثير من المعارف اللهية , فلا يأتي من قلبي أن أتركها دون أن أذكرها بكاملها :

ومن خطبة لمولانا أميرالمؤمنين على بن أبي طالب صلوات الله عليه
[في الايمان ووجوب الهجرة]

[أقسام الايمان]
فَمِنَ الاْيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً مُسْتَقِرّاً فِي الْقُلُوبِ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ عَوَارِىَ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَالصُّدورِ، إِلَى أَجَل مَعْلُوم، فَإِذَا كَانَتْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ مِنْ أَحَد فَقِفُوهُ حَتّى يَحْضُرَهُ الْمَوْتُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقَعُ حدُّ الْبَرَاءَةِ.

[وجوب الهجرة]
وَالْهِجْرَةُ قَائِمَةٌ عَلَى حَدِّهَا الاْوَّلِ مَا كَانَ لله تعالى فِي أَهْلِ الاْرْضِ حَاجَةٌ مِنْ مُسْتَسِرِّ الاْمَّةِ وَمُعْلِنِهَا، لاَ يَقَعُ اسْمُ الْهِجْرَةِ عَلَى أَحَد إلاَّ بِمَعْرِفَةِ الْحُجَّةِ في الاْرْضِ، فَمَنْ عَرَفَهَا وَأَقَرَّ بِهَا فَهُوَ مُهَاجِرٌ، وَلاَ يَقَعُ اسْمُ الاسْتِضْعَافِ عَلَى مَنْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ فَسَمِعَتْهَا أُذُنُهُ وَوَعَاهَا قَلْبُهُ.

[صعوبة الايمان]
إِنَّ أَمْرَنا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ، لاَ يَحْتَمِلُهُ إِلاَّ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلاِيمَانِ، وَلاَ يَعِي حَدِيثَنَا إِلاَّ صُدُورٌ أَمِينَةٌ، وَأَحْلاَمٌ رَزِينَةٌ.

[علم الوصي]
أَيُّهَا النَّاسُ، سَلُوني قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُوني، فَلاَنَا بِطُرُقِ السَّماءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ الاْرْضِ، قَبْلَ أَنْ تَشْغَرَ بِرِجْلِهَا فِتْنَةٌ تَطَأُ فِي خِطَامِهَا وَتَذْهَبُ بِأَحْلاَمِ قَوْمِهَا.




فكلُ مسافر , و المسافر كما يُعرفنا ذلك إمام الأمة السيد روح الله الحسيني الموسوي الخميني قدس الله سره الشريف في كتابه القيم , شرح أربعون حديثا , تحت حديث " إعرفوا الله بالله "


إن الشرط الأول في السير إلى الله ، هو الخروج من البيت المظلم للنفس والذات والأنانية . فكما أن الإنسان في السفر الخارجي العيني المحسوس ، لا يكون مسافرا ما دام هو في مكانه وبيته رغم تخيّله السفر وتحدثه عن كونه مسافرا ، بل لا بد من ترك المكان ومغادرة البيت حتى يقال أنه مسافر ، وكما أن السفر الشرعي لا يتحقق إلا بعد مغادرة البلد واختفاء آثاره ، فكذلك لا يتحقق هذا السفر العرفاني إلى الله ، والهجرة الشهودية إلا بعد التخلي عن البيت المظلم للنفس واختفاء آثارها ومعالمها ، لأنه ما دامت آثار التعينات مشهودة وأصوات الكثرات مسموعة ، لا يكون الإنسان مسافرا ، بل أنه تخيل السفر وادعى السير والسلوك قال الله تعالى : " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يُدركه الموت فقد وقع أجره على الله» " فبعد أن يغادر السالك إلى الله بخطوات ترويض النفس والتقوى الكاملة من بيت النفس ، ولم يصطحب معه في هذا الخروج العُلقة الدنيوية ، والتعيّنات ، ويتحقق له السفر إلى الله سبحانه ، يتجلى له الحق المتعالي قبل كل شيء ، على قلبه المقدس بالألوهية ومقام ظهور الأسماء والصفات . ويكون هذا التجلي أيضا مرتّبا ومنظما ، حيث ينطلق من الأسماء المحاطة مرورا بالأسماء المحيطة حسب شدة السير وضعفه وحسب قوة قلب السالك وضعفه على التفصيل الذي لا يستوعبه هذا الكتاب المختصر ، حتى ينتهي إلى رفض كل تعينات عالم الوجود سواء كانت تعينات تعود إلى نفسه أو تعينات راجعة إلى غيره والتي تعتبر ـ أي هذه التعيينات الغيرية ـ في المنازل والمراحل التالية من التعينات العائدة إلى نفسه أيضا ويعد الرفض المطلق ، يتم التجلي بالأهولية ، ومقام الله الذي هو مقام أحدية جمع ظهور الأسماء ، وتظهر «إعرِفوا الله بالله» في مرتبتها الأولية النازلة . ...
و قد يتضح المطلب أكثر حين الرجوع إلى ما كتبه السيد الإمام الخميني قدس الله سره الشريف في كتابه آداب المعنوية للصلاة , الذي هو بحق آداب العروج بالصلاة إلى الله عزوجل , حين تحدث عن رجوع الكائنات أجمع إلى الإنسان الكامل صلوات الله و سلامه عليه .

و أسألكم خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآْء سلام الله عليها

يا علي

ليست هناك تعليقات: