بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين
السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على أولاد الحسين و على أصحاب الحسين عليهم السلام اجمعين
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نقرأ في تراث الروائي لأهل البيت عليهم السلام الحث الكثير على الزيارة و تتردد عبارات مثل " من زاره عارفا بحقه وجبت له الجنة " اي الزيارة مع المعرفة , ولكن وددت هنا أن ابين وصف هذه الجماعة العارفة بحق الامام عليه السلام من خلال القرآن الكريم , فالقرآن الكريم و بناءا على ما جائتنا من احاديث ائمتنا صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين وصفت هذه الطائفة العارفة بحق الامام بـ " الامة المقتصدة " و اليكم التفصيل في ذلك :
قال الله تعالى في كتابه الكريم :
" (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66) سورة المائدة "
و قال الله تعالى في موضع آخر :
" وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) "
أي الامة التي عرفت حق وليها _ امامها _ هي الامة المقتصدة و الآخرين هم " وكثير منهم ساء ما يعملون " أي اذا كان الجميع من الامة المقتصدة لكانوا يأكلون من فوقهم و من تحت ارجلهم , كما يحدث هذا الامر بعد ظهور امام زماننا عجل الله فرجه الشريف , حيث ان الارض يرثها عباد الله المستضعفون .
إن الانسان في تكامله يحتاج الى مقومات عديدة و من أهمها وجود حاضنة و جماعة أو مجتمع صالح , و هذا يكون بتربية و تزكية الامام عليه السلام بولايته على النفوس لأفراد هذا المجتمع. فالامام هو أب هذه الامة . _ تدبر كنية الامام أباعبدالله الحسين عليه السلام _ عموما
و في تفسير هذه الاية نقرأ عن اهل البيت عليهم السلام :
لإعتقادات للصدوق/87:
وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ، قال: الظالم لنفسه هنا من لم يعرف حق الإمام ، والمقتصد من عرف حقه ، والسابق بالخيرات بإذن الله هو الإمام.
وسأل إسماعيل أباه الصادق عليه السلام قال: ما حال المذنبين منا ؟ فقال عليه السلام : ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ، من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيرا .
الاحتجاج:2/301:
وعن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ؟ قال: أي شئ تقول ؟ قلت: إني أقول إنها خاصة لولد فاطمة. فقال عليه السلام : أما من سل سيفه ودعا الناس إلى نفسه إلى الضلال من ولد فاطمة وغيرهم فليس بداخل في الآية ، قلت: من يدخل فيها ؟ قال: الظالم لنفسه الذي لا يدعو الناس إلى ضلال ولا هدى ، والمقتصد منا أهل البيت هو العارف حق الإمام ، والسابق بالخيرات هو الإمام .
بصائر الدرجات/44:
حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن ميسر ، عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا.. الآية ، قال: السابق بالخيرات الإمام فهي في ولد علي وفاطمة ( عليهم السلام ) .
شرح الأخبار:2/505:
حماد بن عيسى بإسناده ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام أنه سئل عن قول الله عز وجل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ، وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ. قال: فينا أنزلت أورث الله عز وجل الكتاب الأئمة منا ، وقوله: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ يعني منهم من لا يعرف إمام زمانه ولا يأتم به فهو ظالم لنفسه بذلك ، وقوله: وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ، يعني من هو منهم في النسب ممن عرف إمام زمانه وائتم به واتبعه فاقتصد سبيل ربه بذلك ، والسابق بالخيرات هو الإمام منا .
شرح الأخبار:3/472:
الرازي قال: قال أبو جعفر محمد بن علي عليه السلام : ما يقول من قبلكم في هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ. جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا . . .؟ قال قلت يقولون: نزلت في أهل القبلة. قال: كلهم ؟! قلت كلهم. قال فينبغي أن يكونوا قد غفر لهم كلهم ؟ ! قلت: يابن رسول الله فيمن نزلت ؟ قال: فينا. قلت: فما لشيعتكم ؟ قال: لمن اتقى وأصلح منهم الجنة ، بنا يغفر الله ذنوبهم ، وبنا يقضي ديونهم ، ونحن باب حطتهم كحطة بني إسرائيل .
الثاقب في المناقب/566:
وعنه قال: كنت عند أبي محمد عليه السلام فسألته عن قول الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ؟ فقال عليه السلام : كلهم من آل محمد ( عليهم السلام ) الظالم لنفسه الذي لا يقر بالإمام ، والمقتصد العارف بالإمام والسابق بالخيرات بإذن الله: الإمام.
البحار:23/218:
روى السيد ابن طاووس في كتاب سعد السعود من تفسير محمد بن العباس بن مروان قال: حدثنا علي بن عبدالله بن أسد ، عن إبراهيم بن محمد ، عن عثمان بن سعيد ، عن إسحاق بن يزيد الفراء ، عن غالب الهمداني ، عن أبي إسحاق السبيعي قال: خرجت حاجاً فلقيت محمد بن علي فسألته عن هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ . . الآية ؟ فقال: ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق ؟ يعني أهل الكوفة ، قال: قلت يقولون إنها لهم ، قال: فما يخوفهم إذا كانوا من أهل الجنة ؟ ! قلت: فما تقول أنت جعلت فداك ؟ فقال: هي لنا خاصة يا أبا إسحاق ، أما السابق بالخيرات فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين والشهيد منا أهل البيت ، وأما المقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل ، وأما الظالم لنفسه ففيه ما جاء في التائبين وهو مغفور له .
يا أبا إسحاق بنا يفك الله عيوبكم ، وبنا يحل الله رباق الذل من أعناقكم ، وبنا يغفر الله ذنوبكم ، وبنا يفتح الله وبنا يختم لا بكم ، ونحن كهفكم كأصحاب الكهف ، ونحن سفينتكم كسفينة نوح ، ونحن باب حطتكم كباب حطة بني إسرائيل .
ولكن السؤال هو هل ينطبق علينا وصف الامة المقتصدة ؟ فنحن كلنا مدعون و على المدعي البينة :
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إن على كل حق حقيقة و على كل صواب نورا
(يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ.)
سيدتي و مولاتي يا فاطمة الزهرآء إننا نزعم موالاتكم و محبتكم , و لكنا نسألك بحق الله عليكم و حقكم على الله إلا ما أخذتي بأيدينا في الثبات على ولايتكم في الدين و الدنيا و الآخرة
أسئلكم جميعا خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها
يــا زهــــــــرآء
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين
السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على أولاد الحسين و على أصحاب الحسين عليهم السلام اجمعين
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نقرأ في تراث الروائي لأهل البيت عليهم السلام الحث الكثير على الزيارة و تتردد عبارات مثل " من زاره عارفا بحقه وجبت له الجنة " اي الزيارة مع المعرفة , ولكن وددت هنا أن ابين وصف هذه الجماعة العارفة بحق الامام عليه السلام من خلال القرآن الكريم , فالقرآن الكريم و بناءا على ما جائتنا من احاديث ائمتنا صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين وصفت هذه الطائفة العارفة بحق الامام بـ " الامة المقتصدة " و اليكم التفصيل في ذلك :
قال الله تعالى في كتابه الكريم :
" (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66) سورة المائدة "
و قال الله تعالى في موضع آخر :
" وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) "
أي الامة التي عرفت حق وليها _ امامها _ هي الامة المقتصدة و الآخرين هم " وكثير منهم ساء ما يعملون " أي اذا كان الجميع من الامة المقتصدة لكانوا يأكلون من فوقهم و من تحت ارجلهم , كما يحدث هذا الامر بعد ظهور امام زماننا عجل الله فرجه الشريف , حيث ان الارض يرثها عباد الله المستضعفون .
إن الانسان في تكامله يحتاج الى مقومات عديدة و من أهمها وجود حاضنة و جماعة أو مجتمع صالح , و هذا يكون بتربية و تزكية الامام عليه السلام بولايته على النفوس لأفراد هذا المجتمع. فالامام هو أب هذه الامة . _ تدبر كنية الامام أباعبدالله الحسين عليه السلام _ عموما
و في تفسير هذه الاية نقرأ عن اهل البيت عليهم السلام :
لإعتقادات للصدوق/87:
وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ، قال: الظالم لنفسه هنا من لم يعرف حق الإمام ، والمقتصد من عرف حقه ، والسابق بالخيرات بإذن الله هو الإمام.
وسأل إسماعيل أباه الصادق عليه السلام قال: ما حال المذنبين منا ؟ فقال عليه السلام : ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ، من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيرا .
الاحتجاج:2/301:
وعن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ؟ قال: أي شئ تقول ؟ قلت: إني أقول إنها خاصة لولد فاطمة. فقال عليه السلام : أما من سل سيفه ودعا الناس إلى نفسه إلى الضلال من ولد فاطمة وغيرهم فليس بداخل في الآية ، قلت: من يدخل فيها ؟ قال: الظالم لنفسه الذي لا يدعو الناس إلى ضلال ولا هدى ، والمقتصد منا أهل البيت هو العارف حق الإمام ، والسابق بالخيرات هو الإمام .
بصائر الدرجات/44:
حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن ميسر ، عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا.. الآية ، قال: السابق بالخيرات الإمام فهي في ولد علي وفاطمة ( عليهم السلام ) .
شرح الأخبار:2/505:
حماد بن عيسى بإسناده ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام أنه سئل عن قول الله عز وجل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ، وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ. قال: فينا أنزلت أورث الله عز وجل الكتاب الأئمة منا ، وقوله: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ يعني منهم من لا يعرف إمام زمانه ولا يأتم به فهو ظالم لنفسه بذلك ، وقوله: وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ، يعني من هو منهم في النسب ممن عرف إمام زمانه وائتم به واتبعه فاقتصد سبيل ربه بذلك ، والسابق بالخيرات هو الإمام منا .
شرح الأخبار:3/472:
الرازي قال: قال أبو جعفر محمد بن علي عليه السلام : ما يقول من قبلكم في هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ. جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا . . .؟ قال قلت يقولون: نزلت في أهل القبلة. قال: كلهم ؟! قلت كلهم. قال فينبغي أن يكونوا قد غفر لهم كلهم ؟ ! قلت: يابن رسول الله فيمن نزلت ؟ قال: فينا. قلت: فما لشيعتكم ؟ قال: لمن اتقى وأصلح منهم الجنة ، بنا يغفر الله ذنوبهم ، وبنا يقضي ديونهم ، ونحن باب حطتهم كحطة بني إسرائيل .
الثاقب في المناقب/566:
وعنه قال: كنت عند أبي محمد عليه السلام فسألته عن قول الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ؟ فقال عليه السلام : كلهم من آل محمد ( عليهم السلام ) الظالم لنفسه الذي لا يقر بالإمام ، والمقتصد العارف بالإمام والسابق بالخيرات بإذن الله: الإمام.
البحار:23/218:
روى السيد ابن طاووس في كتاب سعد السعود من تفسير محمد بن العباس بن مروان قال: حدثنا علي بن عبدالله بن أسد ، عن إبراهيم بن محمد ، عن عثمان بن سعيد ، عن إسحاق بن يزيد الفراء ، عن غالب الهمداني ، عن أبي إسحاق السبيعي قال: خرجت حاجاً فلقيت محمد بن علي فسألته عن هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ . . الآية ؟ فقال: ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق ؟ يعني أهل الكوفة ، قال: قلت يقولون إنها لهم ، قال: فما يخوفهم إذا كانوا من أهل الجنة ؟ ! قلت: فما تقول أنت جعلت فداك ؟ فقال: هي لنا خاصة يا أبا إسحاق ، أما السابق بالخيرات فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين والشهيد منا أهل البيت ، وأما المقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل ، وأما الظالم لنفسه ففيه ما جاء في التائبين وهو مغفور له .
يا أبا إسحاق بنا يفك الله عيوبكم ، وبنا يحل الله رباق الذل من أعناقكم ، وبنا يغفر الله ذنوبكم ، وبنا يفتح الله وبنا يختم لا بكم ، ونحن كهفكم كأصحاب الكهف ، ونحن سفينتكم كسفينة نوح ، ونحن باب حطتكم كباب حطة بني إسرائيل .
ولكن السؤال هو هل ينطبق علينا وصف الامة المقتصدة ؟ فنحن كلنا مدعون و على المدعي البينة :
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إن على كل حق حقيقة و على كل صواب نورا
(يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ.)
سيدتي و مولاتي يا فاطمة الزهرآء إننا نزعم موالاتكم و محبتكم , و لكنا نسألك بحق الله عليكم و حقكم على الله إلا ما أخذتي بأيدينا في الثبات على ولايتكم في الدين و الدنيا و الآخرة
أسئلكم جميعا خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها
يــا زهــــــــرآء
وقال ابن شعبة الحراني في تحف العقول/425:
لما حضر علي بن موسى ( عليهما السلام )مجلس المأمون وقد اجتمع فيه جماعة علماء أهل العراق وخراسان. فقال المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا . . الآية ؟
فقالت العلماء: أراد الله الأمة كلها .
فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن ؟
فقال الرضا عليه السلام : لا أقول كما قالوا ولكن أقول: أراد الله تبارك وتعالى بذلك العترة الطاهرة ( عليهم السلام ) .
فقال المأمون: وكيف عنى العترة دون الأمة ؟
فقال الرضا لنفسه: وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ. ثم جعلهم كلهم في الجنة فقال عز وجل: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ، فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم. ثم قال الرضا عليه السلام : هم الذين وصفهم الله في كتابه فقال: إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرُكُمْ تَطْهِيراً ، وهم الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، يا أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم .
قالت العلماء: أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة هم الال أو غير الال ؟
فقال الرضا عليه السلام : هم الآل .
فقالت العلماء: فهذا رسول الله يؤثر عنه أنه قال: أمتي آلي ، وهؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفيض (!!) الذي لا يمكن دفعه: آل محمد أمته !
فقال الرضا عليه السلام : أخبروني هل تحرم الصدقة على آل محمد ؟
قالوا: نعم .
قال عليه السلام : فتحرم على الأمة ؟
قالوا: لا .
قال عليه السلام: هذا فرق بين الآل وبين الأمة ، ويحكم أين يذهب بكم أصرفتم عن الذكر صفحاً أم أنتم قوم مسرفون ، أما علمتم أنما وقعت الرواية في الظاهر على المصطفين المهتدين دون سائرهم!
قالوا: من أين قلت يا أبا الحسن ؟
قال عليه السلام : من قول الله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ، فصارت وراثة النبوة والكتاب في المهتدين دون الفاسقين. أما علمتم أن نوحاً سأل ربه فقال: رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق ، وذلك أن الله وعده أن ينجيه وأهله ، فقال له ربه تبارك وتعالى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّى أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ .
فقال المأمون: فهل فضل الله العترة على سائر الناس ؟
فقال الرضا عليه السلام : إن الله العزيز الجبار فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابهُ.
قال المأمون: أين ذلك من كتاب الله ؟
قال الرضا عليه السلام : في قوله تعالى إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَ نُوحًا وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، وقال الله في موضع آخر: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ، ثم رد المخاطبة في أثر هذا إلى سائر المؤمنين فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ يعني الذين أورثهم الكتاب والحكمة وحسدوا عليهما بقوله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ، يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين ، والملك هاهنا الطاعة لهم .
قالت العلماء: هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب ؟
فقال الرضا عليه السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعاً. فأول ذلك قول الله: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ أَلأَقْرَبِينَ، وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله عز وجل بذلك الآل فهذه واحدة .
والآية الثانية في الإصطفاء قول الله: إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرُكُمْ تَطْهِيراً ، وهذا الفضل الذي لا يجحده معاند، لأنه فضل بين .
والآية الثالثة ، حين ميز الله الطاهرين من خلقه أمر نبيه في آية الإبتهال فقال: قل يا محمد تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ، فأبرز النبي صلى الله عليه وآله علياً والحسن والحسين وفاطمة ( عليهم السلام )فقرن أنفسهم بنفسه. فهل تدرون ما معنى قوله: وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ؟
قالت العلماء: عنى به نفسه .
قال أبو الحسن عليه السلام : غلطتم ، إنما عنى به علياً عليه السلام ، ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله حين قال: لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلاً كنفسي ، يعني علياً عليه السلام . فهذه خصوصية لا يتقدمها أحد ، وفضل لا يختلف فيه بشر، وشرف لا يسبقه إليه خلق ، إذ جعل نفس علي عليه السلام كنفسه ، فهذه الثالثة .
وأما الرابعة: فإخراجه الناس من مسجده ما خلا العترة ، حين تكلم الناس في ذلك وتكلم العباس فقال: يارسول الله تركت علياً وأخرجتنا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما أنا تركته وأخرجتكم ، ولكن الله تركه وأخرجكم. وفي هذا بيان قوله لعلي عليه السلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى .
قالت العلماء: فأين هذا من القرآن ؟
قال أبوالحسن عليه السلام : أوجدكم في ذلك قرآناً أقرؤه عليكم .
قالوا: هات .
قال عليه السلام : قول الله عز وجل: وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ، ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى، وفيها أيضاً منزلة علي عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله . ومع هذا دليل ظاهر في قول رسول الله صلى الله عليه وآله حين قال: إن هذا المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض إلا لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله
فقالت العلماء: هذا الشرح وهذا البيان لا يوجد إلا عندكم معشر أهل بيت رسول الله !
قال أبو الحسن عليه السلام : ومن ينكر لنا ذلك ؟ ! ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد مدينة العلم فليأتها من بابها ، ففيما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والإصطفاء والطهارة ما لا ينكره إلا معاند ، ولله عز وجل الحمد على ذلك. فهذه الرابعة .
وأما الخامسة ، فقول الله عزوجل: وآت ذا القربى حقه ، خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها ، واصطفاهم على الأمة ، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أدعوا لي فاطمة فدعوها له فقال: يا فاطمة ، قالت: لبيك يا رسول الله ، فقال: إن فدكاً لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، وهي لي خاصة دون المسلمين . وقد جعلتها لك لما أمرني الله به فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسة.
وأما السادسة: فقول الله عز وجل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى فهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله دون الأنبياء ، وخصوصية للآل دون غيرهم. وذلك أن الله حكى عن الأنبياء في ذكر نوح عليه السلام : وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالا إِنْ أَجْرِىَ إِلا عَلَى اللهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلَكِنِّى أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ، وحكى عن هود عليه السلام قال: لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِىَ إِلا عَلَى الَّذِى فَطَرَنِى أَفَلا تَعْقِلُونَ، وقال لنبيه صلى الله عليه وآله : قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى.
ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبداً ولا يرجعون إلى ضلالة أبداً . . . إلى آخر الحديث .
ورواه في بشارة المصطفى/228 وفي بحار الأنوار:25/220
لما حضر علي بن موسى ( عليهما السلام )مجلس المأمون وقد اجتمع فيه جماعة علماء أهل العراق وخراسان. فقال المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا . . الآية ؟
فقالت العلماء: أراد الله الأمة كلها .
فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن ؟
فقال الرضا عليه السلام : لا أقول كما قالوا ولكن أقول: أراد الله تبارك وتعالى بذلك العترة الطاهرة ( عليهم السلام ) .
فقال المأمون: وكيف عنى العترة دون الأمة ؟
فقال الرضا لنفسه: وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ. ثم جعلهم كلهم في الجنة فقال عز وجل: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ، فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم. ثم قال الرضا عليه السلام : هم الذين وصفهم الله في كتابه فقال: إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرُكُمْ تَطْهِيراً ، وهم الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، يا أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم .
قالت العلماء: أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة هم الال أو غير الال ؟
فقال الرضا عليه السلام : هم الآل .
فقالت العلماء: فهذا رسول الله يؤثر عنه أنه قال: أمتي آلي ، وهؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفيض (!!) الذي لا يمكن دفعه: آل محمد أمته !
فقال الرضا عليه السلام : أخبروني هل تحرم الصدقة على آل محمد ؟
قالوا: نعم .
قال عليه السلام : فتحرم على الأمة ؟
قالوا: لا .
قال عليه السلام: هذا فرق بين الآل وبين الأمة ، ويحكم أين يذهب بكم أصرفتم عن الذكر صفحاً أم أنتم قوم مسرفون ، أما علمتم أنما وقعت الرواية في الظاهر على المصطفين المهتدين دون سائرهم!
قالوا: من أين قلت يا أبا الحسن ؟
قال عليه السلام : من قول الله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ، فصارت وراثة النبوة والكتاب في المهتدين دون الفاسقين. أما علمتم أن نوحاً سأل ربه فقال: رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق ، وذلك أن الله وعده أن ينجيه وأهله ، فقال له ربه تبارك وتعالى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّى أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ .
فقال المأمون: فهل فضل الله العترة على سائر الناس ؟
فقال الرضا عليه السلام : إن الله العزيز الجبار فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابهُ.
قال المأمون: أين ذلك من كتاب الله ؟
قال الرضا عليه السلام : في قوله تعالى إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَ نُوحًا وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، وقال الله في موضع آخر: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ، ثم رد المخاطبة في أثر هذا إلى سائر المؤمنين فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ يعني الذين أورثهم الكتاب والحكمة وحسدوا عليهما بقوله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ، يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين ، والملك هاهنا الطاعة لهم .
قالت العلماء: هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب ؟
فقال الرضا عليه السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعاً. فأول ذلك قول الله: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ أَلأَقْرَبِينَ، وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله عز وجل بذلك الآل فهذه واحدة .
والآية الثانية في الإصطفاء قول الله: إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرُكُمْ تَطْهِيراً ، وهذا الفضل الذي لا يجحده معاند، لأنه فضل بين .
والآية الثالثة ، حين ميز الله الطاهرين من خلقه أمر نبيه في آية الإبتهال فقال: قل يا محمد تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ، فأبرز النبي صلى الله عليه وآله علياً والحسن والحسين وفاطمة ( عليهم السلام )فقرن أنفسهم بنفسه. فهل تدرون ما معنى قوله: وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ؟
قالت العلماء: عنى به نفسه .
قال أبو الحسن عليه السلام : غلطتم ، إنما عنى به علياً عليه السلام ، ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله حين قال: لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلاً كنفسي ، يعني علياً عليه السلام . فهذه خصوصية لا يتقدمها أحد ، وفضل لا يختلف فيه بشر، وشرف لا يسبقه إليه خلق ، إذ جعل نفس علي عليه السلام كنفسه ، فهذه الثالثة .
وأما الرابعة: فإخراجه الناس من مسجده ما خلا العترة ، حين تكلم الناس في ذلك وتكلم العباس فقال: يارسول الله تركت علياً وأخرجتنا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما أنا تركته وأخرجتكم ، ولكن الله تركه وأخرجكم. وفي هذا بيان قوله لعلي عليه السلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى .
قالت العلماء: فأين هذا من القرآن ؟
قال أبوالحسن عليه السلام : أوجدكم في ذلك قرآناً أقرؤه عليكم .
قالوا: هات .
قال عليه السلام : قول الله عز وجل: وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ، ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى، وفيها أيضاً منزلة علي عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله . ومع هذا دليل ظاهر في قول رسول الله صلى الله عليه وآله حين قال: إن هذا المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض إلا لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله
فقالت العلماء: هذا الشرح وهذا البيان لا يوجد إلا عندكم معشر أهل بيت رسول الله !
قال أبو الحسن عليه السلام : ومن ينكر لنا ذلك ؟ ! ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد مدينة العلم فليأتها من بابها ، ففيما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والإصطفاء والطهارة ما لا ينكره إلا معاند ، ولله عز وجل الحمد على ذلك. فهذه الرابعة .
وأما الخامسة ، فقول الله عزوجل: وآت ذا القربى حقه ، خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها ، واصطفاهم على الأمة ، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أدعوا لي فاطمة فدعوها له فقال: يا فاطمة ، قالت: لبيك يا رسول الله ، فقال: إن فدكاً لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، وهي لي خاصة دون المسلمين . وقد جعلتها لك لما أمرني الله به فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسة.
وأما السادسة: فقول الله عز وجل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى فهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله دون الأنبياء ، وخصوصية للآل دون غيرهم. وذلك أن الله حكى عن الأنبياء في ذكر نوح عليه السلام : وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالا إِنْ أَجْرِىَ إِلا عَلَى اللهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلَكِنِّى أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ، وحكى عن هود عليه السلام قال: لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِىَ إِلا عَلَى الَّذِى فَطَرَنِى أَفَلا تَعْقِلُونَ، وقال لنبيه صلى الله عليه وآله : قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى.
ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبداً ولا يرجعون إلى ضلالة أبداً . . . إلى آخر الحديث .
ورواه في بشارة المصطفى/228 وفي بحار الأنوار:25/220
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق