بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين
هناك الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام والتي إذا ما قارنها مع بعض الاخر نجد فيما بينها مفارقات و قد يستصعب علينا فهم هذه المفارقات لتشكيل صورة كلية , هذه المفارقات مضافا إلى كونها ناتجة عن وجود حيثيات متعددة للمطلب الواحد , إلا أن هناك مسئلة مهمة يجب الالتفات إليها , و هي أن الحقيقة بكاملها غير قابل للدرك لمن لا يمكنه الاحاطة بها و هذه المسئلة , تأخذنا إلى توضيح نقطة جوهرية و حساسة جدا في طريقة فهم كلمات أهل البيت عليهم السلام , بتعبير آخر تسليط الضوء على ما نفهمه بفهمنا الإعتباري و ما هو حقيقة الأمر , فإننا لو فهمنا هذه النقطة الحساسة بشكل صحيح لإستطعنا من حل إشكالات كثيرة و لفهمنا الكثير من الروايات التي كانت قد إستعصيت علينا فهمه من قبل , و مدار هذا البيان هو قولهم صلوات الله عليهم , ما مضمونه " أُمرنا بأن نُكلم الناس على قدر عقولهم " , فإن أهل البيت عليهم السلام حينما يتكلمون عن الحقائق يقربونها لنا بمثال أو بشيئ مقارب لأفهامنا , و التمثيل و إن كان وسيلة للإفهام و لكن يُنزل من القيمة المعرفية الحقيقة للمثل له , فالحقيقة شيئ و ما عُبر عنه شيئ آخر , و الألفاظ و الحروف العربية مع الهمزة ذات 29 حرفا لا يُمكن لها إظهار الحقيقة بما هي هي لمحدودية هذه الحروف في نفسها و محدودية أفهامنا المتعودة على الاعتباريات , و حتى لو رجعت إلى القواميس اللغة كل واحد منهم لم يستطع إستيعاب كل ما يوجد في لغة العرب من معاني , و هذا واضح لمن له أدنى إطلاع في كتب اللغة بأن اللغويين في ما بين أنفسهم يختلفون في ألفاظ المعاني و قد تجد معنى عند لغوي و قد لا تجده عند لغوي آخر و إذا لم يجدوا شيئا يُعرفون بها مفردة معينة و ورد شيئ في الرواية يقولون أن المعنى المفردة هي ما ورد في هذا الحديث أي يعود الأصل في معرفة المفردة إلى الحديث مرة أخرى , فإن كان هذا حال فهمنا لكلام العربي الذي هو كلام الذي نتعامل معه يوميا , فكيف نريد بهذا المستوى من فهم أن نعرف الحقيقة بكاملها , فمثلا ما نفهمه من الروايات الشريفة حول مقام رسول الله صلى الله عليه و آله الأطهار و مقام أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه إنما هي حقائق متنزلة إلى حد تمثيل الحسي ليستطيع الانسان بفهمه الاعتباري لمفردات مثل الحاكمية و المراتب فهم شيئ من هذه الحقيقة , و إلا فإن حقيقة الحاكمية و المالكية و المنزلة و المرتبة هو فوق الادراك المحدود , فإن المحدود مهما فعل لا يستطيع فهم حقيقة اللامحدود , كل شخص يميز بين الأشياء , و يجعل لها حدودا على ما تم إعتبارها في حياته المدنية , فإن الحياة المدنية للإنسان تقتضي أن يسلك سبيل نظام الإعتباري , ففي هذا المجتمع المدني قد يكون اللون الأسود لون يشير إلى القبائح , كما أن البياض يشير إلى النقاء و الصفاء , هذه إعتباريات .ثم أن هذه الآيات التي جئت بها آيات تتكلم في أحوال يوم القيامة و ذاك عالم الحقائق , و لكن الخبر عنها بلسان الإعتبار , و لأجل توضيح هذا النظام أي نظام الإعتبار , حيث قد كررت هذا الأمر كثيرا و لعل الأمر يكون غامضا لو لم يتم شرحه , و لأجل هذا الغرض سوف أستعين ببيان السيد العلامة صاحب الميزان قدس سره , في هذا المقام , قال العلامة في بدايات رسالته الموسومة بالولاية , مع شيئ من التصرف للتسهيل المعنى :
إنا إذا تتبعنا و تأملنا وجدنا جميع المعاني المرتبطة بالإنسان و الروابط الموجودة بين نفس هذه المعاني ( كالملكية و سائر الإختصاصات و الرئاسات و المعاشرات و متعلقاتها و غيرها ) أمورا إعتبارية و معاني صنعتهها القوة الإنسانية الواهمة , حيث التزم الإنسان باعتبارها من جهة حاجاته الأساسية للحياة الإجتماعية و المدنية و تبادل المصالح و المنافع و دفع الشر و المضار . فكما أن للنبات ناظما طبيعيا في دائرة وجوده عبارة عن تلك السلسلة من العوارض المنظمة الطارئة عليه يحافظ بها علي نفسه بالتغذّي و النمو و توليد المثل , كذلك كان للإنسان نظام طبيعي يحافظ به على نفسه , إلا أن هذا النظام محفوظ بمعان و أمور إعتبارية يربطها نظام إعتباري و تحتها نظام طبيعي . يعيش الإنسان بحسب الظاهر بالنظام الإعتباري كعقود الزواج , و بحسب الباطن و الحقيقة بالنظام الطبيعي كتوليد المثل .
و قد ثبت في محله أن كل إعتبار ينبغي أن يتقوّم بحقيقة تحته , فليس من اعتبار محض , بل كل ما يعتبروه الناس أو يتصورونه له منشأ حقيقي وجودي .
و بالجملة : فهذا النظام الإعتباري موجود في حيّز الإجتماع و التمدن و قد نشأ كلّه من حاجته للتواصل الإجتماعي– هنا قلب المطلب- فحيث لا حياة إجتماعية بالمعنى المذكور لا حاجة للإعتبار .
ثم إن ما تعرّض الدين لشرحه و بيانه من المعارف المتعلقة بالمبدأ و من الأحكام و المعارف المتعلقة بما بعد هذه النشأة الدنيوية , كل ذلك بلسان الإعتبار . يشهد بذلك التأمل الصادق . و حيث لا ظرف اجتماع و تبادل للمنافع الأولية في غير ظرف الأحكام التي عُبِّر عنها بلسان الإعتبار , يكون هناك حقائق أخرى مندرجة تحت هذا اللسان . ذلك لأن كل اعتبار قائم بحقيقية .
بعبارة أخرى : ما قبل هذه النشأة الإجتماعية من العوالم السابقة على وجود الإنسان الإجتماعي , و ما بعد نشأة الإجتماع مما يستقبله الإنسان من العوالم بعد الموت , حيث لا حاجة للحياة الإجتماعية المدنية , فلا وجود لهذه المعاني الإعتبارية فيها البتة .
فالمعارف المشروحة في الدين فيما يرتبط بتلك النشآت غير الإجتماعية تحكي عن حقائق أُخر بلسان الإعتبار , فإذا قيل مأن الإنسان يمتلك بيتا في الجنة مثلا , فلا تكون الملكية هناك مثل الملكية الإعتبارية في الدنيا و التي تنسلخ عنه بأدنى إعتبار ,بل تكون من قبيل مشاعره و لوازمه الذاتيه التي لا تنفك عنه .
فهم هذا المطلب كما يجب , سيعطيك أفق واسع في فهم الروايات الشريفة , التي بعض ضعاف النفوس يستنكرونها و بل يصفونها بالخرافات جرأة منهم على الله و رسوله , لعدم تمكنهم من فهم أن هذه الحقائق إنما قيلت بلسان الإعتبار , و أما الحقيقة فهو شيئ آخر , و إن كان فيما بينهما ربطا في نوع الوجود و سنخه . ,
و يقول الحكيم السبزواري في شرح منظومته ج 3 ص 182
" إنّ الكلامَ في عرفِنا لفظٌ دالٌّ بالدلالةِ الوضعيّةِ على ما في الضميرِ، فهو موجودٌ اعتباريٌّ يدلُّ عندَ العارفِ بالوضعِ ـ بدلالةٍ وضعيّةٍ اعتباريّةٍ ـ على ما في ذهنِ المتكلِّم، ولذلك يُعدُّ وجوداً لفظيّاً للمعنى الذهنيِّ اعتباراً، كما يُعدُّ المعنى الذهنيُّ وجوداً ذهنيّاً، ومصداقُه الخارجيُّ وجوداً خارجيّاً للشيء.
فلو كان هناك موجودٌ حقيقيٌّ دالٌّ على شيءٍ دلالةً حقيقيّةً غيرَ اعتباريّةٍ، كالأثرِ الدالِّ على المؤثِّرِ، والمعلولِ الدالِّ ـ بما فيه من الكمالِ الوجوديِّ ـ على ما في علّتِه من الكمالِ بنحوٍ أعلى وأشرفَ، كان أحقَّ بأن يُسمّى كلاماً، لأصالةِ وجودِه وقوّةِ دلالتِه. "
ولكي يتّضح المراد من ذلك لابدّ من تقديم مقدّمة، ذكرناها سابقاً وهي أنّ الألفاظ موضوعة لأرواح المعاني وليست موضوعة للمصاديق الخارجيّة بخصوصيّاتها. وقد أشار إلى هذه الحقيقة الفيض الكاشاني في مقدّمة تفسير الصافي، بقوله:
" «إنّ لكلّ معنى من المعاني حقيقة وروحاً وله صورة وقالب وقد يتعدّد الصور والقوالب لحقيقة واحدة، وإنّما وضعت الألفاظ للحقائق والأرواح، ولوجودهما في القوالب تستعمل الألفاظ فيهما على الحقيقة لاتّحاد ما بينهما، مثلاً لفظ القلم إنّما وضع لآلة نقش الصور في الألواح من دون أن يعتبر فيها كونها من قصب أو حديد أو غير ذلك، بل ولا أن يكون جسماً ولا كون النقش محسوساً أو معقولاً ولا كون اللّوح من قرطاس أو خشب، بل مجرّد كونه منقوشاً فيه. وهذا حقيقة اللوح وحده وروحه، فإن كان في الوجود شيء يستطر بواسطة نقش العلوم في ألواح القلوب فأخلق به أن يكون هو القلم فإنّ الله تعالى قال: (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق: 4 ـ 5)، بل هو القلم الحقيقي حيث وجد فيه روح القلم وحقيقته وحدّه من دون أن يكون معه ما هو خارج عنه، وكذلك الميزان مثلاً فإنّه موضوع لمعيار يُعرف به المقادير، وهذا معنى واحد هو حقيقته وروحه وله قوالب مختلفة وصور شتّى بعضها جسمانيّ وبعضها روحانيّ، كما يوزن به الأجرام والأثقال مثل ذي الكفّتين والقبّان وما يجري مجراهما، وما يوزن به المواقيت والارتفاعات كالأسطرلاب، وما يوزن به الدواير والقسي كالفرجار، وما يوزن به الأعمدة كالشاقول، وما يوزن به الخطوط كالمسطرة، وما يوزن به الشعر كالعروض، وما يوزن به الفلسفة كالمنطق، وما يوزن به بعض المدركات كالحسّ والخيال، وما يوزن به العلوم والأعمال كما يوضع ليوم القيامة، وما يوزن به الكلّ كالعقل الكامل، إلى غير ذلك من الموازين. وبالجملة: ميزان كلّ شيء يكون من جنسه، ولفظة الميزان حقيقة في كلّ منها باعتبار حدّه وحقيقته الموجودة فيه، وعلى هذا القياس كلّ لفظ ومعنى"
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين
هناك الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام والتي إذا ما قارنها مع بعض الاخر نجد فيما بينها مفارقات و قد يستصعب علينا فهم هذه المفارقات لتشكيل صورة كلية , هذه المفارقات مضافا إلى كونها ناتجة عن وجود حيثيات متعددة للمطلب الواحد , إلا أن هناك مسئلة مهمة يجب الالتفات إليها , و هي أن الحقيقة بكاملها غير قابل للدرك لمن لا يمكنه الاحاطة بها و هذه المسئلة , تأخذنا إلى توضيح نقطة جوهرية و حساسة جدا في طريقة فهم كلمات أهل البيت عليهم السلام , بتعبير آخر تسليط الضوء على ما نفهمه بفهمنا الإعتباري و ما هو حقيقة الأمر , فإننا لو فهمنا هذه النقطة الحساسة بشكل صحيح لإستطعنا من حل إشكالات كثيرة و لفهمنا الكثير من الروايات التي كانت قد إستعصيت علينا فهمه من قبل , و مدار هذا البيان هو قولهم صلوات الله عليهم , ما مضمونه " أُمرنا بأن نُكلم الناس على قدر عقولهم " , فإن أهل البيت عليهم السلام حينما يتكلمون عن الحقائق يقربونها لنا بمثال أو بشيئ مقارب لأفهامنا , و التمثيل و إن كان وسيلة للإفهام و لكن يُنزل من القيمة المعرفية الحقيقة للمثل له , فالحقيقة شيئ و ما عُبر عنه شيئ آخر , و الألفاظ و الحروف العربية مع الهمزة ذات 29 حرفا لا يُمكن لها إظهار الحقيقة بما هي هي لمحدودية هذه الحروف في نفسها و محدودية أفهامنا المتعودة على الاعتباريات , و حتى لو رجعت إلى القواميس اللغة كل واحد منهم لم يستطع إستيعاب كل ما يوجد في لغة العرب من معاني , و هذا واضح لمن له أدنى إطلاع في كتب اللغة بأن اللغويين في ما بين أنفسهم يختلفون في ألفاظ المعاني و قد تجد معنى عند لغوي و قد لا تجده عند لغوي آخر و إذا لم يجدوا شيئا يُعرفون بها مفردة معينة و ورد شيئ في الرواية يقولون أن المعنى المفردة هي ما ورد في هذا الحديث أي يعود الأصل في معرفة المفردة إلى الحديث مرة أخرى , فإن كان هذا حال فهمنا لكلام العربي الذي هو كلام الذي نتعامل معه يوميا , فكيف نريد بهذا المستوى من فهم أن نعرف الحقيقة بكاملها , فمثلا ما نفهمه من الروايات الشريفة حول مقام رسول الله صلى الله عليه و آله الأطهار و مقام أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه إنما هي حقائق متنزلة إلى حد تمثيل الحسي ليستطيع الانسان بفهمه الاعتباري لمفردات مثل الحاكمية و المراتب فهم شيئ من هذه الحقيقة , و إلا فإن حقيقة الحاكمية و المالكية و المنزلة و المرتبة هو فوق الادراك المحدود , فإن المحدود مهما فعل لا يستطيع فهم حقيقة اللامحدود , كل شخص يميز بين الأشياء , و يجعل لها حدودا على ما تم إعتبارها في حياته المدنية , فإن الحياة المدنية للإنسان تقتضي أن يسلك سبيل نظام الإعتباري , ففي هذا المجتمع المدني قد يكون اللون الأسود لون يشير إلى القبائح , كما أن البياض يشير إلى النقاء و الصفاء , هذه إعتباريات .ثم أن هذه الآيات التي جئت بها آيات تتكلم في أحوال يوم القيامة و ذاك عالم الحقائق , و لكن الخبر عنها بلسان الإعتبار , و لأجل توضيح هذا النظام أي نظام الإعتبار , حيث قد كررت هذا الأمر كثيرا و لعل الأمر يكون غامضا لو لم يتم شرحه , و لأجل هذا الغرض سوف أستعين ببيان السيد العلامة صاحب الميزان قدس سره , في هذا المقام , قال العلامة في بدايات رسالته الموسومة بالولاية , مع شيئ من التصرف للتسهيل المعنى :
إنا إذا تتبعنا و تأملنا وجدنا جميع المعاني المرتبطة بالإنسان و الروابط الموجودة بين نفس هذه المعاني ( كالملكية و سائر الإختصاصات و الرئاسات و المعاشرات و متعلقاتها و غيرها ) أمورا إعتبارية و معاني صنعتهها القوة الإنسانية الواهمة , حيث التزم الإنسان باعتبارها من جهة حاجاته الأساسية للحياة الإجتماعية و المدنية و تبادل المصالح و المنافع و دفع الشر و المضار . فكما أن للنبات ناظما طبيعيا في دائرة وجوده عبارة عن تلك السلسلة من العوارض المنظمة الطارئة عليه يحافظ بها علي نفسه بالتغذّي و النمو و توليد المثل , كذلك كان للإنسان نظام طبيعي يحافظ به على نفسه , إلا أن هذا النظام محفوظ بمعان و أمور إعتبارية يربطها نظام إعتباري و تحتها نظام طبيعي . يعيش الإنسان بحسب الظاهر بالنظام الإعتباري كعقود الزواج , و بحسب الباطن و الحقيقة بالنظام الطبيعي كتوليد المثل .
و قد ثبت في محله أن كل إعتبار ينبغي أن يتقوّم بحقيقة تحته , فليس من اعتبار محض , بل كل ما يعتبروه الناس أو يتصورونه له منشأ حقيقي وجودي .
و بالجملة : فهذا النظام الإعتباري موجود في حيّز الإجتماع و التمدن و قد نشأ كلّه من حاجته للتواصل الإجتماعي– هنا قلب المطلب- فحيث لا حياة إجتماعية بالمعنى المذكور لا حاجة للإعتبار .
ثم إن ما تعرّض الدين لشرحه و بيانه من المعارف المتعلقة بالمبدأ و من الأحكام و المعارف المتعلقة بما بعد هذه النشأة الدنيوية , كل ذلك بلسان الإعتبار . يشهد بذلك التأمل الصادق . و حيث لا ظرف اجتماع و تبادل للمنافع الأولية في غير ظرف الأحكام التي عُبِّر عنها بلسان الإعتبار , يكون هناك حقائق أخرى مندرجة تحت هذا اللسان . ذلك لأن كل اعتبار قائم بحقيقية .
بعبارة أخرى : ما قبل هذه النشأة الإجتماعية من العوالم السابقة على وجود الإنسان الإجتماعي , و ما بعد نشأة الإجتماع مما يستقبله الإنسان من العوالم بعد الموت , حيث لا حاجة للحياة الإجتماعية المدنية , فلا وجود لهذه المعاني الإعتبارية فيها البتة .
فالمعارف المشروحة في الدين فيما يرتبط بتلك النشآت غير الإجتماعية تحكي عن حقائق أُخر بلسان الإعتبار , فإذا قيل مأن الإنسان يمتلك بيتا في الجنة مثلا , فلا تكون الملكية هناك مثل الملكية الإعتبارية في الدنيا و التي تنسلخ عنه بأدنى إعتبار ,بل تكون من قبيل مشاعره و لوازمه الذاتيه التي لا تنفك عنه .
فهم هذا المطلب كما يجب , سيعطيك أفق واسع في فهم الروايات الشريفة , التي بعض ضعاف النفوس يستنكرونها و بل يصفونها بالخرافات جرأة منهم على الله و رسوله , لعدم تمكنهم من فهم أن هذه الحقائق إنما قيلت بلسان الإعتبار , و أما الحقيقة فهو شيئ آخر , و إن كان فيما بينهما ربطا في نوع الوجود و سنخه . ,
و يقول الحكيم السبزواري في شرح منظومته ج 3 ص 182
" إنّ الكلامَ في عرفِنا لفظٌ دالٌّ بالدلالةِ الوضعيّةِ على ما في الضميرِ، فهو موجودٌ اعتباريٌّ يدلُّ عندَ العارفِ بالوضعِ ـ بدلالةٍ وضعيّةٍ اعتباريّةٍ ـ على ما في ذهنِ المتكلِّم، ولذلك يُعدُّ وجوداً لفظيّاً للمعنى الذهنيِّ اعتباراً، كما يُعدُّ المعنى الذهنيُّ وجوداً ذهنيّاً، ومصداقُه الخارجيُّ وجوداً خارجيّاً للشيء.
فلو كان هناك موجودٌ حقيقيٌّ دالٌّ على شيءٍ دلالةً حقيقيّةً غيرَ اعتباريّةٍ، كالأثرِ الدالِّ على المؤثِّرِ، والمعلولِ الدالِّ ـ بما فيه من الكمالِ الوجوديِّ ـ على ما في علّتِه من الكمالِ بنحوٍ أعلى وأشرفَ، كان أحقَّ بأن يُسمّى كلاماً، لأصالةِ وجودِه وقوّةِ دلالتِه. "
ولكي يتّضح المراد من ذلك لابدّ من تقديم مقدّمة، ذكرناها سابقاً وهي أنّ الألفاظ موضوعة لأرواح المعاني وليست موضوعة للمصاديق الخارجيّة بخصوصيّاتها. وقد أشار إلى هذه الحقيقة الفيض الكاشاني في مقدّمة تفسير الصافي، بقوله:
" «إنّ لكلّ معنى من المعاني حقيقة وروحاً وله صورة وقالب وقد يتعدّد الصور والقوالب لحقيقة واحدة، وإنّما وضعت الألفاظ للحقائق والأرواح، ولوجودهما في القوالب تستعمل الألفاظ فيهما على الحقيقة لاتّحاد ما بينهما، مثلاً لفظ القلم إنّما وضع لآلة نقش الصور في الألواح من دون أن يعتبر فيها كونها من قصب أو حديد أو غير ذلك، بل ولا أن يكون جسماً ولا كون النقش محسوساً أو معقولاً ولا كون اللّوح من قرطاس أو خشب، بل مجرّد كونه منقوشاً فيه. وهذا حقيقة اللوح وحده وروحه، فإن كان في الوجود شيء يستطر بواسطة نقش العلوم في ألواح القلوب فأخلق به أن يكون هو القلم فإنّ الله تعالى قال: (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق: 4 ـ 5)، بل هو القلم الحقيقي حيث وجد فيه روح القلم وحقيقته وحدّه من دون أن يكون معه ما هو خارج عنه، وكذلك الميزان مثلاً فإنّه موضوع لمعيار يُعرف به المقادير، وهذا معنى واحد هو حقيقته وروحه وله قوالب مختلفة وصور شتّى بعضها جسمانيّ وبعضها روحانيّ، كما يوزن به الأجرام والأثقال مثل ذي الكفّتين والقبّان وما يجري مجراهما، وما يوزن به المواقيت والارتفاعات كالأسطرلاب، وما يوزن به الدواير والقسي كالفرجار، وما يوزن به الأعمدة كالشاقول، وما يوزن به الخطوط كالمسطرة، وما يوزن به الشعر كالعروض، وما يوزن به الفلسفة كالمنطق، وما يوزن به بعض المدركات كالحسّ والخيال، وما يوزن به العلوم والأعمال كما يوضع ليوم القيامة، وما يوزن به الكلّ كالعقل الكامل، إلى غير ذلك من الموازين. وبالجملة: ميزان كلّ شيء يكون من جنسه، ولفظة الميزان حقيقة في كلّ منها باعتبار حدّه وحقيقته الموجودة فيه، وعلى هذا القياس كلّ لفظ ومعنى"
و يقول السيد كمال الحيدري حفظه الله تعالى في هذا الصدد :
وعلى هذا الأساس فإنّ معنى الكلام المتعارف عندنا هو أحد مصاديق حقيقة وروح معنى الكلام، لا أنّ حقيقة الكلام هو هذه الألفاظ التي تصدر من المتكلِّم.
بيان ذلك: إنّ الكلام في عرفنا هو الألفاظ الصادرة من المتكلِّم، وهي قائمة بالمتكلِّم، حاصلة من تموّج الهواء واهتزازه وخروجه من الحنجرة... وهذه الألفاظ تدلّ على المعاني بحسب الوضع والاعتبار، فهنالك موجود اعتباريّ اعتبره أهل اللغة وهو اللفظ الموضوع، ليدلّ بالدلالة الوضعية الاعتبارية على معنى معيّن عند العارف بتلك اللغة. فالكلام يدلّ على المعنى بالدلالة الاعتباريّة، وإن كان من جهة أخرى كونه وجوداً حقيقيّاً لا اعتباريّاً وهو كونه لفظاً ذا وجود تكوينيّ صادر من متكلّم، وإلى هذه الحقيقة أشار العلامة الطباطبائي في تعليقته على الأسفار بقوله: «إنّ اللفظ وجود اعتباريّ لمعناه، وإنّ التكلّم إيجاد اعتباريّ للمعنى الذي في ضمير المتكلِّم، ليستدلّ به السامع العالم بالوضع على المعنى المقصود. واعتباريّته من جهة اعتباريّة الدلالة»( الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة: ج7، ص3، تعليقة العلاّمة الطباطبائي، رقم (1).)، فالكلام في عرفنا هو إلقاء لفظ يدلّ على معنى بالدلالة الاعتباريّة لإعلام المخاطب العارف باللّغة ما في ضمير المتكلّم.
وبناءً على أنّ الألفاظ موضوعة لأرواح المعاني، يتّضح أنّ حقيقة الكلام متقوّمة بما يدلّ على معنىً مكنون خفيّ مضمر، أمّا بقيّة الخصوصيّات من قبيل كونه صادراً من الإنسان وخروجه من طريق الحنجرة ونحوها من الخصوصيّات فهي خصوصيّات المصاديق، وليست دخيلة في حقيقة وروح معنى الكلام.
وعلى هذا الأساس تعدّ جميع الموجودات الخارجيّة كلاماً؛ لأنّها دالّة وحاكية بوجودها على وجود علّتها، كحكاية ودلالة الأثر على الموثّر.
وهذه الدلالة دلالة عقليّة تكوينيّة، ليست بالوضع والاعتبار كدلالة الدخان على النار، والمخلوق على الخالق، والمصنوع على الصانع، وكدلالة صفة الكمال الموجود في المخلوق على وجود ذلك الكمال عند خالقها وعلّتها.
بل إنّ دلالة موجود حقيقيّ على علّته بالدلالة العقليّة أولى وأحقّ أن تسمّى كلاماً من دلالة اللفظ الاعتباريّة، لأنّ دلالة الموجود الحقيقي على علّته أقوى من الدلالة الاعتباريّة، لأصالة الدلالة العقليّة وقوّة دلالتها، وهو بخلاف دلالة اللفظ على المعنى الذي يكون وجوده وجوداً ادعائياً اعتبارياً للمعنى؛ ولذا يسري حسن المعنى وقبحه إلى اللفظ.
مضافاً إلى أنّ دلالة اللفظ على المعنى قابلة للتغيّر والتبدّل بخلاف الدلالة العقليّة، فمن الواضح أنّ دلالة الدخان على النار أقوى من دلالة لفظ زيد على الشخص الفلاني.
ولا يخفى أنّ ظاهر البيان المتقدّم هو إثبات الكلام الفعلي، أي الكلام في مقام الفعل لا في مقام الذات، لأنّ المخلوقات على هذا تكون كلاماً وكلمات، وخلقها وإيجادها يكون تكلّماً وكلاماً.
و بهذا البيان يتضح لكم هذه الحقيقة التي أشرنا إليها في بداية كلامنا بأننا ما ندركه من الروايات التمثيلية و عموم الروايات المعصومية الشريفة لا يتعدى كونه فهم ظاهري عرفي اعتباري و التي هي من تنزلات عالم الحقيقة و ليس هي الحقيقة بنفسها بل هي دالة عليها أو إليها.و هذا الامر ايضا جارى على معاني الايات القرآنية الكريمة , فإن المقام التكويني للقرآن الكريم ليس هو هذا الوجود اللفظي الموجود بين أيدينا , بل ما في وراء هذه الالفاظ حقائق و حقائق و بطون و بطون , و اللفظ هو قالب المعنى و الحقيقة بتعدد مراتبها .
يقول السيد كمال الحيدري حفظه الله تعالى :
لكي نفهم هذه الحقيقة القرآنيّة لابدّ من التمييز بين نحوين من النزول والتنزّل، استعملهما القرآن، وكثيراً ما يقع الخلط بينهما، ويفضي إلى التباسات كبيرة، هما:
الأوّل: النزول على نحو التجافي
هذا النحو من التنزّل لا يمكن تصوّره إلاّ في عالم المادّة، ومن أهمّ خصائصه هو أنّ الشيء إذا كان في أعلى فهو غير موجود في الأسفل، وبالعكس، وقد استخدم القرآن الكريم هذا اللّون من النزول في قوله تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ) (السجدة: 16)، أي ترتفع جنوبهم عن الفراش، بنحو عندما ينهض هؤلاء لا تبقى جنوبهم في المضجع بل تتجافى عنه وتتباعد.
الثاني: النزول على نحو التجلّي
هذا النحو من التنزّل يتميّز بخصوصيّة، هي أنّ الشيء المتنزّل لا يفقد وجوده في مرتبته السابقة بعد التنزّل، على العكس من النزول بالنحو الأوّل، فإنّ الشيء إذا نزل من أعلى لم يبق له وجود في المرتبة التي نزل منها.
يمكن تقريب ذلك بمثال من النشاط العلمي للإنسان، فإذا ما كانت عند الإنسان فكرة في ذهنه، ثمّ عمد إلى كتابتها على الورق، فإنّ هذه الفكرة تنزّلت من مرتبة وجودها في عقل الإنسان وصارت مكتوبة على الورق، ومن الواضح أنّ الفكرة في الوجود الذهني شيء وهي في الوجود الكتبي شيءٌ آخر، لكن الفكرة عندما تنزّلت من مرتبة إلى أخرى لم يفقد الإنسان علمه بها، بل هي ما تزال تحافظ على وجودها قبل التنزّل وبعده، غاية ما هناك أنّها ظهرت في مرتبة أخرى من مراتب الوجود دون أن تفقد مرتبتها السابقة.
طبيعي أنّ للفكرة في مرتبتها الوجوديّة الجديدة أحكامها الخاصّة بها، فإنّ الفكرة وهي في الذهن موجودٌ مجرّد غير قابل للنقل والسرقة مثلاً، لكنّها وهي على الورق تنطبق عليها أحكام المادّة، فهي قابلة للانتقال والسرقة وما إلى ذلك. فالفكرة هي هي، وهي غيرها. هي هي لأنّ المضمون واحد، فما هو موجود في الذهن وما هو على الورق واحد، بيدَ أنّهما يختلفان في المرتبة الوجوديّة، فللفكرة في الذهن درجة وجوديّة مجرّدة عن المادّة، أمّا على الورق فهي في درجة وجوديّة أخرى.
وهذا النحو من النزول هو الذي يصطلح عليه القرآن بالتجلّي كما في قوله تعالى: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) (الأعراف: 143).
وبهذا يتّضح معنى قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ); فإنّ المراد من التنزّل من الخزائن الإلهيّة هو ظهور الأشياء في الكون بعدما لم تكن. وهو الذي يفسّر لنا حقيقة العلم الفعلي للحقّ تعالى، وهو ظهور معلوم الحقّ سبحانه على ما علمه من علمه في مقام الذات. ولازمه أنّ علم الله سبحانه الذاتي لا يتحوّل ويتنزّل ليكون علماً فعليّاً عينيّاً في الخارج، لأنّه لو كان كذلك لفقد مرتبته.
هذا كلّه بحسب قوس النزول، كذلك الأمر في قوس الصعود من هذا العالم إلى العوالم الأخرى، يقول سبحانه: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) (فاطر: 10)، فليس معناه أنّ الإنسان إذا صعد مرتبة وجوديّة، فَقَدَ مرتبته السابقة، بل هو صعود على نحو التجلّي، كما أنّ ذاك تنزّل على نحو التجلّي.
إذا اتّضح ذلك، يتبيّن أنّ نزول القرآن الكريم ليس هو على نحو التجافي ـ كما لا يخفى ـ وإنّما هو على نحو التجلّي، وفقاً للقاعدة التي تحدّثت عنها الآية المباركة: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (الحجر: 21).
أسماء المرتبة العالية من القرآن
بعد أن اتّضح في البحث السابق أنّ القرآن الذي بأيدينا إنّما تنزّل من تلك المرتبة العينيّة التي هي الأصل، لابدّ من الوقوف على الأسماء التي سُمّيت بها تلك المرتبة العالية:
• فتارةً سُمّيت تلك المرتبة بأُمّ الكتاب: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الزخرف: 4).
• وأخرى الكتاب المكنون: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) (الواقعة: 77 ـ 78).
• وثالثة باللّوح المحفوظ: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (البروج: 22).
• ورابعة الكتاب المبين: (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف: 1 ـ 3)، فإنّه ظاهر في أنّ هناك كتاباً مبيناً عَرَض عليه جعله مقروّاً عربيّاً، وإنّما أُلبس لباس القراءة والعربيّة ليعقله الناس، وإلاّ فإنّه ـ وهو في أُمّ الكتاب، والكتاب المكنون، واللّوح المحفوظ ـ عند الله، عليٌّ لا يصعد إليه العقول، حكيمٌ لا يوجد فيه فصل فصل. وفي الآية تعريف للكتاب المبين وأنّه أصل القرآن العربي المبين.
قاعدة منهجيّة
إنّ المفاهيم التي استعملها القرآن الكريم، كالكتاب والعرش والكرسي واللّوح والقلم وغيرها، يمكن أن تكون مختلفة المصاديق من حيث التجرّد والمادّية، بمعنى أنّ المفهوم وإن كان واحداً إلاّ أنّ المصاديق يمكن أن تتنوّع لتشمل ـ بالإضافة إلى المصداق المتداول في حياتنا الحسّية ـ مصاديق أخرى فوق العالم المشهود، بنحو يكون الاستعمال فيها جميعاً حقيقيّاً.
قال صدر الدِّين الشيرازي: «اعلم أنّ أكثر الألفاظ الواردة في الكتاب الإلهي، كسائر الألفاظ الموضوعة للحقائق الكلّية، يُطلق تارةً ويُراد به الظاهر المحسوس، ويطلق تارةً ويُراد به سرّه وحقيقته وباطنه، وتارةً يُطلق ويُراد به سرّ سرّه وحقيقة حقيقته وباطن باطنه، وذلك لأنّ أصول العوالم والنشآت ثلاثة: الدُّنيا، والآخرة، وعالم الإلهيّة، وكلّها متطابقة، وكلّ ما يوجد في أحد من هذه العوالم يوجد في الأخيرين على وجه يناسب كلّ موجود لما في عالمه الخاصّ به» تفسير القرآن الكريم، صدر المتألّهين الشيرازي، حقّقه وضبطه وعلّق عليه الشيخ محمّد جعفر شمس الدِّين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت 1998: ج8 ص68.
و أدعوكم مرة أخرى بتدبر مقدمة الملا فيض الكاشاني قدس سره في تفسيره الصافي , ففيها بيان جميل.
في ضوء هذه القاعدة قدّمت هذه النظرية فهمها لكثير من الحقائق القرآنية; كاللّوح والقلم والكتاب والعرش والكرسيّ، ممّا يفيد أنّ لهذه المفاهيم جميعاً حقائق واقعيّة ومصاديق خارجيّة تتناسب وشأنها، لكن غاية ما هناك أنّ الإدراك الإنساني لم يألفها، لألفته بمصاديق عالم المادّة دون ما يقع وراءه. من هنا لابدّ من الالتفات إلى أنّ لغة بعض الآيات والروايات وإن كانت تتحدّث عن هذه الحقائق بما يشبه المصداق المادّي، إلاّ أنّ ذلك من باب المثال (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ) (العنكبوت: 43)، باعتبار أنّ الإنسان لا يستطيع أن يستوعب تلك الحقائق إلاّ من خلال هذا السبيل.
فيا أختي الكريمة , قد جمعت لك في هذا المختصر درر و يواقيت من موائد العلماء الكرام في بيان الفارق بين ما نفهمه من الروايات الشريفة و مقامات أهل البيت عليهم السلام و ما هي حقيقة مقاماتهم المقدسة الشريفة , فنحن لا ندرك من مقامات أهل البيت عليهم السلام إلا كما يفهم الطفل أن هذا الكائن الذي يطعمه و يسقيه و يحافظ عليه , يُقال له : ماما , فإنه غاية معرفته بأن يقول لهذا الكائن بجعل ولفظ إعتباري "ماما" , و لكن هل يعرف هذا الطفل حقيقة هذا الأم , ما معنى الأم , ما هي الامومة , هل يدرك حقيقة حنان الامومة ؟ , فهمنا لمقامات أهل البيت عليهم السلام أيضا كذلك , فهمنا فهم أطفالي , نحن نقول عنهم و نصفهم في زياراتهم الشريفة بأنهم المستقرين في أمر الله , بأنهم وجه الله , عين الله , يد الله , قلب الله , و غير ذلك من الاوصاف و لكن هل حقيقتا نفهم ماذا تعني هذه المقامات بأفهامنا البائسة الفقيرة المحدودة ؟
وعلى هذا الأساس فإنّ معنى الكلام المتعارف عندنا هو أحد مصاديق حقيقة وروح معنى الكلام، لا أنّ حقيقة الكلام هو هذه الألفاظ التي تصدر من المتكلِّم.
بيان ذلك: إنّ الكلام في عرفنا هو الألفاظ الصادرة من المتكلِّم، وهي قائمة بالمتكلِّم، حاصلة من تموّج الهواء واهتزازه وخروجه من الحنجرة... وهذه الألفاظ تدلّ على المعاني بحسب الوضع والاعتبار، فهنالك موجود اعتباريّ اعتبره أهل اللغة وهو اللفظ الموضوع، ليدلّ بالدلالة الوضعية الاعتبارية على معنى معيّن عند العارف بتلك اللغة. فالكلام يدلّ على المعنى بالدلالة الاعتباريّة، وإن كان من جهة أخرى كونه وجوداً حقيقيّاً لا اعتباريّاً وهو كونه لفظاً ذا وجود تكوينيّ صادر من متكلّم، وإلى هذه الحقيقة أشار العلامة الطباطبائي في تعليقته على الأسفار بقوله: «إنّ اللفظ وجود اعتباريّ لمعناه، وإنّ التكلّم إيجاد اعتباريّ للمعنى الذي في ضمير المتكلِّم، ليستدلّ به السامع العالم بالوضع على المعنى المقصود. واعتباريّته من جهة اعتباريّة الدلالة»( الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة: ج7، ص3، تعليقة العلاّمة الطباطبائي، رقم (1).)، فالكلام في عرفنا هو إلقاء لفظ يدلّ على معنى بالدلالة الاعتباريّة لإعلام المخاطب العارف باللّغة ما في ضمير المتكلّم.
وبناءً على أنّ الألفاظ موضوعة لأرواح المعاني، يتّضح أنّ حقيقة الكلام متقوّمة بما يدلّ على معنىً مكنون خفيّ مضمر، أمّا بقيّة الخصوصيّات من قبيل كونه صادراً من الإنسان وخروجه من طريق الحنجرة ونحوها من الخصوصيّات فهي خصوصيّات المصاديق، وليست دخيلة في حقيقة وروح معنى الكلام.
وعلى هذا الأساس تعدّ جميع الموجودات الخارجيّة كلاماً؛ لأنّها دالّة وحاكية بوجودها على وجود علّتها، كحكاية ودلالة الأثر على الموثّر.
وهذه الدلالة دلالة عقليّة تكوينيّة، ليست بالوضع والاعتبار كدلالة الدخان على النار، والمخلوق على الخالق، والمصنوع على الصانع، وكدلالة صفة الكمال الموجود في المخلوق على وجود ذلك الكمال عند خالقها وعلّتها.
بل إنّ دلالة موجود حقيقيّ على علّته بالدلالة العقليّة أولى وأحقّ أن تسمّى كلاماً من دلالة اللفظ الاعتباريّة، لأنّ دلالة الموجود الحقيقي على علّته أقوى من الدلالة الاعتباريّة، لأصالة الدلالة العقليّة وقوّة دلالتها، وهو بخلاف دلالة اللفظ على المعنى الذي يكون وجوده وجوداً ادعائياً اعتبارياً للمعنى؛ ولذا يسري حسن المعنى وقبحه إلى اللفظ.
مضافاً إلى أنّ دلالة اللفظ على المعنى قابلة للتغيّر والتبدّل بخلاف الدلالة العقليّة، فمن الواضح أنّ دلالة الدخان على النار أقوى من دلالة لفظ زيد على الشخص الفلاني.
ولا يخفى أنّ ظاهر البيان المتقدّم هو إثبات الكلام الفعلي، أي الكلام في مقام الفعل لا في مقام الذات، لأنّ المخلوقات على هذا تكون كلاماً وكلمات، وخلقها وإيجادها يكون تكلّماً وكلاماً.
و بهذا البيان يتضح لكم هذه الحقيقة التي أشرنا إليها في بداية كلامنا بأننا ما ندركه من الروايات التمثيلية و عموم الروايات المعصومية الشريفة لا يتعدى كونه فهم ظاهري عرفي اعتباري و التي هي من تنزلات عالم الحقيقة و ليس هي الحقيقة بنفسها بل هي دالة عليها أو إليها.و هذا الامر ايضا جارى على معاني الايات القرآنية الكريمة , فإن المقام التكويني للقرآن الكريم ليس هو هذا الوجود اللفظي الموجود بين أيدينا , بل ما في وراء هذه الالفاظ حقائق و حقائق و بطون و بطون , و اللفظ هو قالب المعنى و الحقيقة بتعدد مراتبها .
يقول السيد كمال الحيدري حفظه الله تعالى :
لكي نفهم هذه الحقيقة القرآنيّة لابدّ من التمييز بين نحوين من النزول والتنزّل، استعملهما القرآن، وكثيراً ما يقع الخلط بينهما، ويفضي إلى التباسات كبيرة، هما:
الأوّل: النزول على نحو التجافي
هذا النحو من التنزّل لا يمكن تصوّره إلاّ في عالم المادّة، ومن أهمّ خصائصه هو أنّ الشيء إذا كان في أعلى فهو غير موجود في الأسفل، وبالعكس، وقد استخدم القرآن الكريم هذا اللّون من النزول في قوله تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ) (السجدة: 16)، أي ترتفع جنوبهم عن الفراش، بنحو عندما ينهض هؤلاء لا تبقى جنوبهم في المضجع بل تتجافى عنه وتتباعد.
الثاني: النزول على نحو التجلّي
هذا النحو من التنزّل يتميّز بخصوصيّة، هي أنّ الشيء المتنزّل لا يفقد وجوده في مرتبته السابقة بعد التنزّل، على العكس من النزول بالنحو الأوّل، فإنّ الشيء إذا نزل من أعلى لم يبق له وجود في المرتبة التي نزل منها.
يمكن تقريب ذلك بمثال من النشاط العلمي للإنسان، فإذا ما كانت عند الإنسان فكرة في ذهنه، ثمّ عمد إلى كتابتها على الورق، فإنّ هذه الفكرة تنزّلت من مرتبة وجودها في عقل الإنسان وصارت مكتوبة على الورق، ومن الواضح أنّ الفكرة في الوجود الذهني شيء وهي في الوجود الكتبي شيءٌ آخر، لكن الفكرة عندما تنزّلت من مرتبة إلى أخرى لم يفقد الإنسان علمه بها، بل هي ما تزال تحافظ على وجودها قبل التنزّل وبعده، غاية ما هناك أنّها ظهرت في مرتبة أخرى من مراتب الوجود دون أن تفقد مرتبتها السابقة.
طبيعي أنّ للفكرة في مرتبتها الوجوديّة الجديدة أحكامها الخاصّة بها، فإنّ الفكرة وهي في الذهن موجودٌ مجرّد غير قابل للنقل والسرقة مثلاً، لكنّها وهي على الورق تنطبق عليها أحكام المادّة، فهي قابلة للانتقال والسرقة وما إلى ذلك. فالفكرة هي هي، وهي غيرها. هي هي لأنّ المضمون واحد، فما هو موجود في الذهن وما هو على الورق واحد، بيدَ أنّهما يختلفان في المرتبة الوجوديّة، فللفكرة في الذهن درجة وجوديّة مجرّدة عن المادّة، أمّا على الورق فهي في درجة وجوديّة أخرى.
وهذا النحو من النزول هو الذي يصطلح عليه القرآن بالتجلّي كما في قوله تعالى: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) (الأعراف: 143).
وبهذا يتّضح معنى قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ); فإنّ المراد من التنزّل من الخزائن الإلهيّة هو ظهور الأشياء في الكون بعدما لم تكن. وهو الذي يفسّر لنا حقيقة العلم الفعلي للحقّ تعالى، وهو ظهور معلوم الحقّ سبحانه على ما علمه من علمه في مقام الذات. ولازمه أنّ علم الله سبحانه الذاتي لا يتحوّل ويتنزّل ليكون علماً فعليّاً عينيّاً في الخارج، لأنّه لو كان كذلك لفقد مرتبته.
هذا كلّه بحسب قوس النزول، كذلك الأمر في قوس الصعود من هذا العالم إلى العوالم الأخرى، يقول سبحانه: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) (فاطر: 10)، فليس معناه أنّ الإنسان إذا صعد مرتبة وجوديّة، فَقَدَ مرتبته السابقة، بل هو صعود على نحو التجلّي، كما أنّ ذاك تنزّل على نحو التجلّي.
إذا اتّضح ذلك، يتبيّن أنّ نزول القرآن الكريم ليس هو على نحو التجافي ـ كما لا يخفى ـ وإنّما هو على نحو التجلّي، وفقاً للقاعدة التي تحدّثت عنها الآية المباركة: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (الحجر: 21).
أسماء المرتبة العالية من القرآن
بعد أن اتّضح في البحث السابق أنّ القرآن الذي بأيدينا إنّما تنزّل من تلك المرتبة العينيّة التي هي الأصل، لابدّ من الوقوف على الأسماء التي سُمّيت بها تلك المرتبة العالية:
• فتارةً سُمّيت تلك المرتبة بأُمّ الكتاب: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الزخرف: 4).
• وأخرى الكتاب المكنون: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) (الواقعة: 77 ـ 78).
• وثالثة باللّوح المحفوظ: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (البروج: 22).
• ورابعة الكتاب المبين: (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف: 1 ـ 3)، فإنّه ظاهر في أنّ هناك كتاباً مبيناً عَرَض عليه جعله مقروّاً عربيّاً، وإنّما أُلبس لباس القراءة والعربيّة ليعقله الناس، وإلاّ فإنّه ـ وهو في أُمّ الكتاب، والكتاب المكنون، واللّوح المحفوظ ـ عند الله، عليٌّ لا يصعد إليه العقول، حكيمٌ لا يوجد فيه فصل فصل. وفي الآية تعريف للكتاب المبين وأنّه أصل القرآن العربي المبين.
قاعدة منهجيّة
إنّ المفاهيم التي استعملها القرآن الكريم، كالكتاب والعرش والكرسي واللّوح والقلم وغيرها، يمكن أن تكون مختلفة المصاديق من حيث التجرّد والمادّية، بمعنى أنّ المفهوم وإن كان واحداً إلاّ أنّ المصاديق يمكن أن تتنوّع لتشمل ـ بالإضافة إلى المصداق المتداول في حياتنا الحسّية ـ مصاديق أخرى فوق العالم المشهود، بنحو يكون الاستعمال فيها جميعاً حقيقيّاً.
قال صدر الدِّين الشيرازي: «اعلم أنّ أكثر الألفاظ الواردة في الكتاب الإلهي، كسائر الألفاظ الموضوعة للحقائق الكلّية، يُطلق تارةً ويُراد به الظاهر المحسوس، ويطلق تارةً ويُراد به سرّه وحقيقته وباطنه، وتارةً يُطلق ويُراد به سرّ سرّه وحقيقة حقيقته وباطن باطنه، وذلك لأنّ أصول العوالم والنشآت ثلاثة: الدُّنيا، والآخرة، وعالم الإلهيّة، وكلّها متطابقة، وكلّ ما يوجد في أحد من هذه العوالم يوجد في الأخيرين على وجه يناسب كلّ موجود لما في عالمه الخاصّ به» تفسير القرآن الكريم، صدر المتألّهين الشيرازي، حقّقه وضبطه وعلّق عليه الشيخ محمّد جعفر شمس الدِّين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت 1998: ج8 ص68.
و أدعوكم مرة أخرى بتدبر مقدمة الملا فيض الكاشاني قدس سره في تفسيره الصافي , ففيها بيان جميل.
في ضوء هذه القاعدة قدّمت هذه النظرية فهمها لكثير من الحقائق القرآنية; كاللّوح والقلم والكتاب والعرش والكرسيّ، ممّا يفيد أنّ لهذه المفاهيم جميعاً حقائق واقعيّة ومصاديق خارجيّة تتناسب وشأنها، لكن غاية ما هناك أنّ الإدراك الإنساني لم يألفها، لألفته بمصاديق عالم المادّة دون ما يقع وراءه. من هنا لابدّ من الالتفات إلى أنّ لغة بعض الآيات والروايات وإن كانت تتحدّث عن هذه الحقائق بما يشبه المصداق المادّي، إلاّ أنّ ذلك من باب المثال (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ) (العنكبوت: 43)، باعتبار أنّ الإنسان لا يستطيع أن يستوعب تلك الحقائق إلاّ من خلال هذا السبيل.
فيا أختي الكريمة , قد جمعت لك في هذا المختصر درر و يواقيت من موائد العلماء الكرام في بيان الفارق بين ما نفهمه من الروايات الشريفة و مقامات أهل البيت عليهم السلام و ما هي حقيقة مقاماتهم المقدسة الشريفة , فنحن لا ندرك من مقامات أهل البيت عليهم السلام إلا كما يفهم الطفل أن هذا الكائن الذي يطعمه و يسقيه و يحافظ عليه , يُقال له : ماما , فإنه غاية معرفته بأن يقول لهذا الكائن بجعل ولفظ إعتباري "ماما" , و لكن هل يعرف هذا الطفل حقيقة هذا الأم , ما معنى الأم , ما هي الامومة , هل يدرك حقيقة حنان الامومة ؟ , فهمنا لمقامات أهل البيت عليهم السلام أيضا كذلك , فهمنا فهم أطفالي , نحن نقول عنهم و نصفهم في زياراتهم الشريفة بأنهم المستقرين في أمر الله , بأنهم وجه الله , عين الله , يد الله , قلب الله , و غير ذلك من الاوصاف و لكن هل حقيقتا نفهم ماذا تعني هذه المقامات بأفهامنا البائسة الفقيرة المحدودة ؟
و لا بأس بأن أذكر بيانا جميلا و علميا لسماحة المرجع الكبير الشيخ وحيد الخراساني حفظه الله تعالى في بيان شيئ من معنى هذه الإضافة إلى الله عز و جل مثل قولنا في وصفهم سلام الله عليهم بأنهم وجه الله , قلب الله , عين الله , و غير ذلك من الاضافات .
قال سماحته حفظه الله في كتاب المقتطفات الولائية صفحة 20 في بيان عبارة : " أشهد أن دمك سكن في الخلد " و من معاني الدم في لغة العرب " الثار " و البيان يدور حول إضافة الثار إلى الله , " ثار الله " , قال سماحته :
" إن الاضافة تجعل من النكرة معرفة , كلّ نكرة تكتسب التعريف بإضافتها, هذه خصوصية علمية في الإضافة. و الآن , لننظر في إضافة لحقتْ مُضافاً صَيـَّـرَتْـهُ فوقَ حدود التعريف ( ما وراء التعريف) , فإن الاضافة إلى ما هو فوق حدَّ التعريف يُوجِـدُ في المُضاف الحالةَ نفسها , و يصبح هو الآخر فوق حدود التعريف , و هذا برهان علمي , فارجع الى الكلمة التي ذكرتها آنفا من أن الحسين بن علي عليهما السلام لا يحيطه تعريفٌ و لا يمكن وصفه.
و إليك البرهان : من الثابت أن الإضافة تحوّل النكرة إلى معرفة , من حيث أن ما في المضاف إليه المعرفة ينتقل – من خلال الإضافة – إلى المضاف ( النكرة ) , فإن لحقت الإضافة مضافا إليهٍ فوقَ حدود التعريف و نطاق الوصف , فإن الحكم يسري في المضاف و يصبح هو الآخر فوق حدود التعريف و نطاق الوصف. و هذه هي خصوصية أصل الإضافة , و هناك إضافة من نوع آخر , هي الإضافة الفنائية , و لها حكم آخر ... فإذا كانت الإضافة إضافةً الفاني إلى المـَـفْنيّ فيه , فإن أحكام المفنيّ فيه تسري إلى الفاني , و تترتب آثار المفنيّ فيه على الفاني , هذه هي نتيجة الإضافة الفنائية ... و هنا , سننظر إلى إضافة الحسين بن علي عليهما السلام إلى الله , من أي الإضافات هي؟ ليُعلم السر في قوله عليه السلام : " السلام عليك يا قتيل الله و بن قتيله "
"
و لمن أراد مراجعة الكلام , فاليذهب الى الرابط التالي :
http://hajr03.homeip.net/hajrvb/show...hp?t=403011879
أو مباشرة :
http://www.4shared.com/document/AaC2yX-l/Ashora.html
أسئل الله تعالى بحق دماء الحسين عليه السلام أن أكون قد وُفقت في بيان ما أردتم معرفته , على قلة بضاعة مني و كثرة تقصيري في حقوق إخوتي لكثرة إنشغالاتي و قلة وقتي .
و أدعوكم إلى الإستماع إلى هذه المحاضرة الجميلة , هدية مني لإخوتي :
ولله المثل الأعلى - 3 - السيد إمام جزائري
عموما أسئلكم خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها
يا علي
قال سماحته حفظه الله في كتاب المقتطفات الولائية صفحة 20 في بيان عبارة : " أشهد أن دمك سكن في الخلد " و من معاني الدم في لغة العرب " الثار " و البيان يدور حول إضافة الثار إلى الله , " ثار الله " , قال سماحته :
" إن الاضافة تجعل من النكرة معرفة , كلّ نكرة تكتسب التعريف بإضافتها, هذه خصوصية علمية في الإضافة. و الآن , لننظر في إضافة لحقتْ مُضافاً صَيـَّـرَتْـهُ فوقَ حدود التعريف ( ما وراء التعريف) , فإن الاضافة إلى ما هو فوق حدَّ التعريف يُوجِـدُ في المُضاف الحالةَ نفسها , و يصبح هو الآخر فوق حدود التعريف , و هذا برهان علمي , فارجع الى الكلمة التي ذكرتها آنفا من أن الحسين بن علي عليهما السلام لا يحيطه تعريفٌ و لا يمكن وصفه.
و إليك البرهان : من الثابت أن الإضافة تحوّل النكرة إلى معرفة , من حيث أن ما في المضاف إليه المعرفة ينتقل – من خلال الإضافة – إلى المضاف ( النكرة ) , فإن لحقت الإضافة مضافا إليهٍ فوقَ حدود التعريف و نطاق الوصف , فإن الحكم يسري في المضاف و يصبح هو الآخر فوق حدود التعريف و نطاق الوصف. و هذه هي خصوصية أصل الإضافة , و هناك إضافة من نوع آخر , هي الإضافة الفنائية , و لها حكم آخر ... فإذا كانت الإضافة إضافةً الفاني إلى المـَـفْنيّ فيه , فإن أحكام المفنيّ فيه تسري إلى الفاني , و تترتب آثار المفنيّ فيه على الفاني , هذه هي نتيجة الإضافة الفنائية ... و هنا , سننظر إلى إضافة الحسين بن علي عليهما السلام إلى الله , من أي الإضافات هي؟ ليُعلم السر في قوله عليه السلام : " السلام عليك يا قتيل الله و بن قتيله "
"
و لمن أراد مراجعة الكلام , فاليذهب الى الرابط التالي :
http://hajr03.homeip.net/hajrvb/show...hp?t=403011879
أو مباشرة :
http://www.4shared.com/document/AaC2yX-l/Ashora.html
أسئل الله تعالى بحق دماء الحسين عليه السلام أن أكون قد وُفقت في بيان ما أردتم معرفته , على قلة بضاعة مني و كثرة تقصيري في حقوق إخوتي لكثرة إنشغالاتي و قلة وقتي .
و أدعوكم إلى الإستماع إلى هذه المحاضرة الجميلة , هدية مني لإخوتي :
ولله المثل الأعلى - 3 - السيد إمام جزائري
عموما أسئلكم خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها
يا علي
داستان کور و شیر برنج.
آیا الفاظی که ما در اختیار داریم, می توانند تمام حقیقت را نمایان کنند؟ وقتی در شرع مطهر کلماتی از قبیل عرش, لوح و قلم, استواء و نیز جنّات و عذاب و نار و… آمده است, آیا باید آنها را حمل بر معنای حقیقی نمود و تمام لوازمی که در عالم ماده بر این کلمات مترتب است پذیرفت و بگوییم حقیقت مبدأ و معاد همان چیزی است که از ظاهر این الفاظ به دست می آید و یا آنکه آنها را حمل بر مجاز کنیم و یا ـ آنگونه که عده زیادی معتقد شده اند ـ در آیات مربوط به مبدأ طرفدار تأویل و در آیات مربوط به معاد طرفدار ظاهر باشند, یعنی ایمان به بعضی از آیات بدون بعضی دیگر؟
حضرت امام معتقد است که الفاظی که ما در اختیار داریم و با حروف الفباء ساخته شده اند, نمی توانند جمال زیبای واقع را به تصویر کشند:
انّ ثوباً خیط من نسج تسعة
وعشرین حرفاً عن معالیک قاصر
(چون ما چشم حقیقت بین پیدا نکرده و به حاق واقع نرسیده ایم, کوریم. چنانکه کوری که هیچ چیز تماشا نکرده بود, شنیده بود (شیر برنج). از کسی سؤال کرد شیربرنج چیست؟ بیچاره چون دید او برنج و شیر ندیده تا بگوید آنها را مخلوط کرده می پزند, شیربرنج درست می شود, ناچار گفت: شیربرنج در سفیدی مانند گردن غاز است. گفت: گردن غاز چیست؟ چون دید نمی تواند آن را تعریف کند, آرنج خود را به دست کور داد و گفت: گردن غاز به این می ماند. کور بیچاره تصور کرد که شیربرنج مثل گردن غاز است و گردن غاز مثل این بازو است, پس شیربرنج مثل این بازو است! گفت من شیربرنج نمی خواهم.)
(مطلب از این قرار است که چون ما چشم حق بین پیدا نکرده ایم, لذا باید بهشت را به باغ و درخت و قصر و سبزه تعریف نمایند, و تو چون چیزی ندیده و نسبت به باطن عالم کوری, می گویی: درخت بهشت, مانند این درخت بید است, منتها قدری بزرگ تر و سبزتر, بوی سیبش قدری زیادتر و رنگ آن قدری سرخ تر است, این است که مثل آن کور می گویی: من شیربرنج نمی خواهم. به خلاف آنکه بدانی باغی است, اما چه باغی! و درخت و سیب است, اما چه درخت و سیبی, و حورالعین است, اما نه مثل این زن های دنیا که مختصری چاق تر و سفیدتر و جوان تر از آنها باشد.)
(همچنین اگر در مقابل کسی که چشم حق بین ندارد, از حرارت روز قیامت سخن بگویند, می گویند: از هوای تابستان اینجا قدری گرم تر است, و اگر از مار و عقرب سخن به میان آورند,قدّ آنها را قدری زیادتر از قدّ مار و عقرب دنیا تصور می نماید. از اینجاست که چون کوریم, معرّف چاره ای نداشته, باید آن وجود کامل را با شتر معرفی کند: (افلا ینظرون الی الابل کیف خلقت). پیامبر در مقام تعریف خداوند با جماعتی که جز ابل ندیده و جز با آن افت و خیز نداشته اند, چه کند؟ البته باید خدا را برای آنها به این نحو معرفی نماید).24
به عقیده حضرت امام, قرآن مجید سه دسته مخاطب دارد:
1. صاحبدلان یا اهل اسرار و باطن که با غمزه و اشاره با آنان سخن می گوید.
2. کوران و نابینایان که جز عالم کثرت چیزی نمی بینند.
3. افراد متوسط و عوام الناس که نظر استقلالی به ماهیات دارند.
برای گروه اول آیات شریفه اول سوره حدید نازل شده که می فرماید: یک حقیقت و یک ظهور و یک وجود بسیط است که اول و آخر و ظاهر و باطن اوست, و هرگونه کثرتی را ملغی نموده است. این افراد چون تعدادشان اندک است, این گونه آیات شریفه نیز اندک است. و برای گروه دوم که با چیزی جز ابل و شتر آشنا نیستند,مجبور است که خداوند را نیز با شتر معرفی کند. چشم اینان چیزی فراتر از شتر نمی بیند و این نهایت ذلت مردم است. برای گروه سوم که هم نور می بینند و هم ظلمت, هم زمین می بینند و هم آسمان, یعنی نگاهی استقلالی به ممکنات و ماهیات دارند, آیاتی مثل آیه نور و آیات خلقت آسمان و زمین را نازل کرده است.25 گروه اول وحدت بین هستند و گروه دوم کثرت نگر و گروه سوم جلوه نگرند.
6. تفاوت فاحش روایات و ادعیه در بیان معارف دین.
ادعیه, قرآن صاعدند و مخاطب آنها خدای متعال است. اما روایات مخاطبانی دارند که غالباً از عوام مردم بوده اند. در روایات, ائمه(ع) مجبور بودند که سطح مطلب را هرچه ممکن است پایین آورده و به اندازه عقل مردم با آنان سخن بگویند. حضرت امام می فرماید: (باید باب معارف را از ادعیه فهمید. نمی توان باب معارف را از اخباری که مورد خطاب, مردمان علم ندیده و حکمت ندیده بودند فهمید).26 سپس امام می فرماید: می بینیم که عبارت های فصوص الحکم محی الدین, مطابق با ادعیه است نه با اخبار و روایات. البته تفاوت بین فصوص الحکم و ادعیه بسیار زیاد است. ادعیه رعایت ادب مع الله را در نهایت درجه داشته اند, برخلاف فصوص الحکم. به هر حال وقتی مخاطب ائمه(ع) افراد شترچران بوده اند, امام نمی تواند حقیقت را برای آنان توضیح دهد. در جای دیگر می فرماید: بدبختی ما این است که ائمه(ع) گرفتار انسان هایی شده بودند که هنوز احکام وضو و نماز را یاد نگرفته بودند و می خواستند مسائل مربوط به صفات احدیت را سؤال کنند. طرف خطاب این روایات, ملاصدرا نبوده است که بتواند آن معارف را فرا گیرد, بلکه افرادی که قصور فهم داشتند و چه بسا به خطا می افتادند, بودند و ائمه(ع) گاهی الفاظی را می فرمودند که نیاز به توجیه و تأویل دارد.27
و در جای دیگر می فرماید:
(بعضی از محدثین ما خود را راحت نموده, قائل به حدوث ارادة الله شده اند. چون نظر سطحی به ظاهر اخبار کافی نموده اند که ظاهرش این است که ارادةالله حادث است. لذا این اخبار را بر معنای ظاهری عوامی و قشری حمل کرده اند. ولی روایت به دست اهلش نیفتاده تا اصل معنای آن را بفهمد. البته در زمان ائمه(ع) کسانی که قادر باشند از عهده معارف حقه برآیند, نبودند. ولی سؤالاتی از ائمه(ع) می کردند و ائمه هم برای اینکه مبادا آنها ملحد شوند, چیزی که آنها به اندازه فهم خود بفهمند و به آن دلخوش باشند, می فرمودند. ولی در ضمن اصل مطلب و حق آن را می رساندند تا بعد آیندگان صاحب ذکاوت, مراد را دریابند. در میان کسانی که گرد حضرات را گرفته بودند, عده قلیلی اهل اسرار بوده که حق مطلب و اسرار را دانسته و فهمیده و آن را هم با خود بردند. ولکن آنچه باقی مانده, اجمالی از آنهاست, زیرا اکثر آنها بعد از شترچرانی و بیکاری, چند روزی می آمدند و چند حدیث یاد می گرفتند و می رفتند و بعد نقل می کردند. حال لازم نبود که ناقل, اصل معنای آن چیزی را که از امام شنیده بود بداند; چنانکه لازم نیست کسی که آیه ای را برای شما می خواند, معنایش را هم بهتر از شما بداند. پس اولاً باید بطون اخبار را دید, و اگر این ظواهر در مقابل اصلی از اصول اساسی باشد ـ ولو کافی من اوله الی آخره این احادیث باشد ـ ما آنها را طرح می نماییم تا مبادا امکانی برای ذات اقدس الهی ثابت شود
http://www.quransaed.ir/home?p_p_id=...d=62090&page=5
آیا الفاظی که ما در اختیار داریم, می توانند تمام حقیقت را نمایان کنند؟ وقتی در شرع مطهر کلماتی از قبیل عرش, لوح و قلم, استواء و نیز جنّات و عذاب و نار و… آمده است, آیا باید آنها را حمل بر معنای حقیقی نمود و تمام لوازمی که در عالم ماده بر این کلمات مترتب است پذیرفت و بگوییم حقیقت مبدأ و معاد همان چیزی است که از ظاهر این الفاظ به دست می آید و یا آنکه آنها را حمل بر مجاز کنیم و یا ـ آنگونه که عده زیادی معتقد شده اند ـ در آیات مربوط به مبدأ طرفدار تأویل و در آیات مربوط به معاد طرفدار ظاهر باشند, یعنی ایمان به بعضی از آیات بدون بعضی دیگر؟
حضرت امام معتقد است که الفاظی که ما در اختیار داریم و با حروف الفباء ساخته شده اند, نمی توانند جمال زیبای واقع را به تصویر کشند:
انّ ثوباً خیط من نسج تسعة
وعشرین حرفاً عن معالیک قاصر
(چون ما چشم حقیقت بین پیدا نکرده و به حاق واقع نرسیده ایم, کوریم. چنانکه کوری که هیچ چیز تماشا نکرده بود, شنیده بود (شیر برنج). از کسی سؤال کرد شیربرنج چیست؟ بیچاره چون دید او برنج و شیر ندیده تا بگوید آنها را مخلوط کرده می پزند, شیربرنج درست می شود, ناچار گفت: شیربرنج در سفیدی مانند گردن غاز است. گفت: گردن غاز چیست؟ چون دید نمی تواند آن را تعریف کند, آرنج خود را به دست کور داد و گفت: گردن غاز به این می ماند. کور بیچاره تصور کرد که شیربرنج مثل گردن غاز است و گردن غاز مثل این بازو است, پس شیربرنج مثل این بازو است! گفت من شیربرنج نمی خواهم.)
(مطلب از این قرار است که چون ما چشم حق بین پیدا نکرده ایم, لذا باید بهشت را به باغ و درخت و قصر و سبزه تعریف نمایند, و تو چون چیزی ندیده و نسبت به باطن عالم کوری, می گویی: درخت بهشت, مانند این درخت بید است, منتها قدری بزرگ تر و سبزتر, بوی سیبش قدری زیادتر و رنگ آن قدری سرخ تر است, این است که مثل آن کور می گویی: من شیربرنج نمی خواهم. به خلاف آنکه بدانی باغی است, اما چه باغی! و درخت و سیب است, اما چه درخت و سیبی, و حورالعین است, اما نه مثل این زن های دنیا که مختصری چاق تر و سفیدتر و جوان تر از آنها باشد.)
(همچنین اگر در مقابل کسی که چشم حق بین ندارد, از حرارت روز قیامت سخن بگویند, می گویند: از هوای تابستان اینجا قدری گرم تر است, و اگر از مار و عقرب سخن به میان آورند,قدّ آنها را قدری زیادتر از قدّ مار و عقرب دنیا تصور می نماید. از اینجاست که چون کوریم, معرّف چاره ای نداشته, باید آن وجود کامل را با شتر معرفی کند: (افلا ینظرون الی الابل کیف خلقت). پیامبر در مقام تعریف خداوند با جماعتی که جز ابل ندیده و جز با آن افت و خیز نداشته اند, چه کند؟ البته باید خدا را برای آنها به این نحو معرفی نماید).24
به عقیده حضرت امام, قرآن مجید سه دسته مخاطب دارد:
1. صاحبدلان یا اهل اسرار و باطن که با غمزه و اشاره با آنان سخن می گوید.
2. کوران و نابینایان که جز عالم کثرت چیزی نمی بینند.
3. افراد متوسط و عوام الناس که نظر استقلالی به ماهیات دارند.
برای گروه اول آیات شریفه اول سوره حدید نازل شده که می فرماید: یک حقیقت و یک ظهور و یک وجود بسیط است که اول و آخر و ظاهر و باطن اوست, و هرگونه کثرتی را ملغی نموده است. این افراد چون تعدادشان اندک است, این گونه آیات شریفه نیز اندک است. و برای گروه دوم که با چیزی جز ابل و شتر آشنا نیستند,مجبور است که خداوند را نیز با شتر معرفی کند. چشم اینان چیزی فراتر از شتر نمی بیند و این نهایت ذلت مردم است. برای گروه سوم که هم نور می بینند و هم ظلمت, هم زمین می بینند و هم آسمان, یعنی نگاهی استقلالی به ممکنات و ماهیات دارند, آیاتی مثل آیه نور و آیات خلقت آسمان و زمین را نازل کرده است.25 گروه اول وحدت بین هستند و گروه دوم کثرت نگر و گروه سوم جلوه نگرند.
6. تفاوت فاحش روایات و ادعیه در بیان معارف دین.
ادعیه, قرآن صاعدند و مخاطب آنها خدای متعال است. اما روایات مخاطبانی دارند که غالباً از عوام مردم بوده اند. در روایات, ائمه(ع) مجبور بودند که سطح مطلب را هرچه ممکن است پایین آورده و به اندازه عقل مردم با آنان سخن بگویند. حضرت امام می فرماید: (باید باب معارف را از ادعیه فهمید. نمی توان باب معارف را از اخباری که مورد خطاب, مردمان علم ندیده و حکمت ندیده بودند فهمید).26 سپس امام می فرماید: می بینیم که عبارت های فصوص الحکم محی الدین, مطابق با ادعیه است نه با اخبار و روایات. البته تفاوت بین فصوص الحکم و ادعیه بسیار زیاد است. ادعیه رعایت ادب مع الله را در نهایت درجه داشته اند, برخلاف فصوص الحکم. به هر حال وقتی مخاطب ائمه(ع) افراد شترچران بوده اند, امام نمی تواند حقیقت را برای آنان توضیح دهد. در جای دیگر می فرماید: بدبختی ما این است که ائمه(ع) گرفتار انسان هایی شده بودند که هنوز احکام وضو و نماز را یاد نگرفته بودند و می خواستند مسائل مربوط به صفات احدیت را سؤال کنند. طرف خطاب این روایات, ملاصدرا نبوده است که بتواند آن معارف را فرا گیرد, بلکه افرادی که قصور فهم داشتند و چه بسا به خطا می افتادند, بودند و ائمه(ع) گاهی الفاظی را می فرمودند که نیاز به توجیه و تأویل دارد.27
و در جای دیگر می فرماید:
(بعضی از محدثین ما خود را راحت نموده, قائل به حدوث ارادة الله شده اند. چون نظر سطحی به ظاهر اخبار کافی نموده اند که ظاهرش این است که ارادةالله حادث است. لذا این اخبار را بر معنای ظاهری عوامی و قشری حمل کرده اند. ولی روایت به دست اهلش نیفتاده تا اصل معنای آن را بفهمد. البته در زمان ائمه(ع) کسانی که قادر باشند از عهده معارف حقه برآیند, نبودند. ولی سؤالاتی از ائمه(ع) می کردند و ائمه هم برای اینکه مبادا آنها ملحد شوند, چیزی که آنها به اندازه فهم خود بفهمند و به آن دلخوش باشند, می فرمودند. ولی در ضمن اصل مطلب و حق آن را می رساندند تا بعد آیندگان صاحب ذکاوت, مراد را دریابند. در میان کسانی که گرد حضرات را گرفته بودند, عده قلیلی اهل اسرار بوده که حق مطلب و اسرار را دانسته و فهمیده و آن را هم با خود بردند. ولکن آنچه باقی مانده, اجمالی از آنهاست, زیرا اکثر آنها بعد از شترچرانی و بیکاری, چند روزی می آمدند و چند حدیث یاد می گرفتند و می رفتند و بعد نقل می کردند. حال لازم نبود که ناقل, اصل معنای آن چیزی را که از امام شنیده بود بداند; چنانکه لازم نیست کسی که آیه ای را برای شما می خواند, معنایش را هم بهتر از شما بداند. پس اولاً باید بطون اخبار را دید, و اگر این ظواهر در مقابل اصلی از اصول اساسی باشد ـ ولو کافی من اوله الی آخره این احادیث باشد ـ ما آنها را طرح می نماییم تا مبادا امکانی برای ذات اقدس الهی ثابت شود
http://www.quransaed.ir/home?p_p_id=...d=62090&page=5
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق